أطفال فلسطين سفراء مبدعون

عبد الناصر النجار.jpg
حجم الخط

عبد الناصر النجار

كثير من أطفال فلسطين كبروا قبل أوانهم وحملوا همّ قضيتهم مجبرين جراء الاعتداءات المتواصلة من جنود الاحتلال والمستوطنين وسياسة مصادرة الأراضي والبناء الاستيطاني والتطهير العرقي والحصار والقمع بأشكاله كافة.
قرية النبي صالح تمثل نموذجاً حياً لطفولة كبرت قبل أوانها، فمنها خرجت عهد التميمي، وربما اهتم العالم بقصتها مع الاحتلال أكثر من أحداث فلسطينية أخرى، ولذلك تمكنت من كسر الصورة النمطية للطفل الفلسطيني فكانت خير سفير للقضية الفلسطينية في المؤسسات والمحافل الدولية وخاصة الأوروبية ما ساهم في إيجاد مزيد من المتضامنين مع الشعب الفلسطيني.
نموذج النبي صالح لم يتوقف عند عهد، فقد برز من أطفالها مبدعون يناضلون من أجل حقوقهم بطفولة بريئة تحتاج إلى مقومات كما باقي العالم، والأساس لمستقبل شبابي منتج ومبدع، بعيداً عن آفة الاحتلال وجرائمه.
في منتدى دبي الإعلامي الذي شارك فيه الأسبوع الماضي أكثر من أربعة آلاف صحافي وعلى رأسهم صحافيون كبار ورؤساء تحرير وكتاب مشهورون، وقفت الطفلة جنى جهاد التميمي تتحدث عن قصتها الملهمة.
الطفلة جنى ابنة (12 عاماً) التي تبدو أكبر من عمرها، اتخذت من الإعلام طريقاً للكشف عن جرائم الاحتلال ولكن بصورة مؤثرة، ففي قاعة المسرح الذي تحدثت فيه كانت المقاعد جميعها ممتلئة، والكل يحاول معرفة ماذا يميز أطفال هذه القرية التي نكبت بالاستيطان على أرضها.
تحدثت جنى عن كونها أصغر صحافية فلسطينية وأنها بدأت تشارك في المسيرات الأسبوعية في قريتها وهي في سن السابعة برفقة والدتها.
بدأت الحديث عن رغبتها ورغبة كل أطفال فلسطين في أن يعيشوا طفولتهم، يلهون ويلعبون ويمارسون النشاطات الفنية والرياضية والترفيهية، لكن الاحتلال سرق منهم كل ذلك... فقنابل الغاز والرصاص الذي يصل إلى داخل بيوتهم عجل في أن يكبروا قبل الأوان.
تحدثت عن تجربتها مع الغاز الخانق، واستشهاد صديقها في الطفولة وكيف شاهدت الحدث كاملاً.
تحدثت كيف اختبأت مع مجموعة من الأطفال لتفادي غاز الاحتلال في بيت جدتها في الطابق الثاني، لكن لم يرحم الاحتلال طفولتها. فألقى جنود الاحتلال القنابل داخل المنزل ما أجبر الشباب على أن يعتلوا أكتاف بعضهم البعض للوصول إلى الأطفال المحاصرين وإخراجهم من النوافذ... تحدثت، لكنها جلبت معها الوثائق والصور والتسجيلات.
جنى لم تنس لحظة استشهاد ابن عمها الفتى عندما استهدفه جنود الاحتلال برصاصتين تحت نافذتها وكيف لم يسمح جنود الاحتلال بإسعافه حتى نزف وتأكدوا من استشهاده.
من هنا بدأت جنى تستخدم هاتفها النقال لتوثيق ما يحصل في القرية وبث قصصها الإعلامية مقلدة مراسلي الفضائيات فترسل التسجيلات والصور مرفقة بالصوت الحي للأحداث إلى أن وصل عدد متابعيها على وسائل التواصل إلى أكثر من 400 ألف متابع على مستوى العالم.
تناولت في قصتها الاحتجاز والتهديد ومحاولات وسائل إعلام إسرائيلية التشكيك بفلسطينيتها كما حصل مع عهد، مستغلين بياض بشرتها وعيناها الزرقاوان للادعاء بأنها غير فلسطينية، خاصة أن جنى تتحدث الإنجليزية بطلاقة وبلكنة أميركية.
سفيرة فلسطين الإعلامية أجابت عن الأسئلة بمعلومات جيدة، وربما ساهمت في أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في ظل تهميش إقليمي تمر به قضيتنا.
طفلة فلسطينية ترغب في أن تعيش طفولتها، فأبدعت في حمل رسالة الوطن وساهمت في تحريك مياه سياسية راكد منذ زمن، في زمن الانقسام والاقتتال الإعلامي الداخلي.
نحن بحاجة إلى سفراء من الشباب ليتحدثوا إلى العالم بلغته ويعيدوا إلى القضية الفلسطينية وهجها في ظل أفواه كثيرة ترغب في إطفاء شعلة الحق الفلسطيني.