بقلم:  ثائر نوفل أبو عطيوي

أزمات داخلية ومراجعات وطنية!

 ثائر نوفل أبو عطيوي
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

في ظل المنعطفات الحادة والعديدة التي يفرضها الواقع السياسي في الساحة الفلسطينية، وفي ظل التدخلات الخارجية من بعض المحاور الإقليمية، يحتاج الواقع الفلسطيني إلى إعادة تقييم ومراجعة وطنية بشكل دائم ومستمر، ناهيك عن الأزمات الداخلية الكثيرة التي تعصف به، وتجعله لا يقوى على الصمود والنهوض بواقع أفضل يجعل البوصلة الوطنية تحدد هدفها بوضوح ودقة نحو طريق الحرية والاستقلال، والذي هو الهدف الأسمى والأنبل وطنياً وانسانياً التي قام من أجله المشروع الوطني المستقل.


الأزمات الداخلية الفلسطينية متعددة الأشكال ومتشعبة المحاور والأقطاب ، تبدأ من الانقسام السياسي البغيض مروراً بكل ما ترتب عليه من عوامل واختلاف في الرؤى وتضارب  في المواقف والسياسات ومحاورها وأبعادها وتأثيرها على المجتمع المحلي الفلسطيني في كافة النواحي والمشتقات من جهة ، ومن جهة أخرى المحتل الغاشم وقراراته العنصرية التعسفية بحق المكان والانسان الفلسطيني على حد سواء ، وهذا كله في ظل التناغم الامبريالي العالمي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية وادارتها الجديدة التي لم تتوانى لحظة منذ توليها سدة الحكم بزعامة الأرعن ترامب عن المجاهرة قولاً وفعلاً بمساندة حكومة الاحتلال الجائرة ،وقراراتها التي بدأت في اعلان القدس عاصمة موحدة للكيان المزعوم ، ومحاولة تذويب وطمس الهوية الوطنية للاجئين واستهدافها من خلال الامتناع والتحريض في وقت واحد على تقديم المساعدات لهم ، والذي يعد جزءاً من التعويض المعنوي الإنساني بسبب طردهم وتهجيرهم من بلداتهم الأصلية ومسقط رأسهم ، مروراً عربياً باعتراف الولايات المتحدة مؤخراً بسيادة دولة الاحتلال على هضبة الجولان السورية المحتلة ، والذي يهدف الاحتلال و الإدارة الأمريكية معاً من كل هذا تمرير وتطبيق ما يسمي " صفقة القرن".


من الأزمات الداخلية الفلسطينية كذلك تأثيرات الانقسام السياسي على الحالة المجتمعية الاقتصادية والإنسانية للمواطن في قطاع غزة ، وما ترتب عليه في محافظات قطاع غزة مما يسمى في الحراك العفوي بدنا _ نعيش ، والذي يعد مطلباً انسانياً يحمل في طيات عناوينه دق جرس الإنذار لطرفي الانقسام معاً وعلى حد سواء ، بأن يعملوا على انهاء الانقسام وتبعاته الذي لا ذنب للمواطن البسيط به، وليس له فيه لا ناقة ولا جمل، والكف أيضاً عن ممارسة الإجراءات العقابية من قبل السلطة الفلسطينية بحق أهلنا في غزة هذا من جانب ، ومن جانب اخر حالة اللا سلم واللا  حرب التي تعيشها غزة في ظل الحديث عن "هدنة" مع الاحتلال ، وحالة التصعيد التي يسعى لها الكيان قبل وبعد انتخاب حكومته القادمة ، وجر من وقت إلى اخر قطاع غزة إلى ساحة مواجهة وحرب مفتوحة ، وبالتأكيد لا ولن يحمد عقباها ، نظراً لوحشية وهمجية المحتل في وتيرة التصعيد من جهة ، ومن جهة أخرى مواجهة العدو في ظل انقسام واختلاف في الرؤى والمواقف. 


من الطبيعي في ظل الأزمات الداخلية أن تكون هناك مساحات واسعة للمراجعات الوطنية ووقفة مع الذات من الكل الفلسطيني، في إطار تقييم موضوعي شامل يحمل في طياته الشفافية والمصداقية لحالة الواقع الفلسطيني بكافة تفاصيله، والبحث عن السبل والاليات والمخرجات الوطنية الجمعية التي تعمل على رأب الصدع، وتوحيد الموقف الوطني واستعادة الوحدة من أجل انقاذ ما يمكن إنقاذه فلسطينياً، ومن أجل حماية وترميم واستنهاض المشروع الوطني المستقل المتطلع للحرية والاستقلال.


من ضمن الأولويات الضرورية للمراجعات الوطنية قضية الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال مع اقتراب اليوم الوطني للأسير الفلسطيني في السابع عشر من ابريل من جهة، ومن جهة أخرى دعم ومساندة الأسرى والمعتقلين في قضاياهم ومطالبهم العادلة وهم على مقربة من خوض معركة "الكرامة" الثانية، في ظل ما يتعرضوا له يومياُ من قمع وبطش على يد السجان المحتل.


الأزمات الداخلية لا بد أن يكون لها معالجات وطنية عاجلة ومستمرة ، حتى لا تصبح مرضاً عصياً على الشفاء، والمراجعات الوطنية للأزمات الداخلية والعمل على حلها هي الدواء ، ومن أجل أن يحيا الوطن والانسان فلا بد دوماً أن نكون على اقتناع تام بأن المحتل هو الداء ووحدة الهدف والمصير الوطني والمشترك العلاج والدواء.