استكمالاً لفصول المقال السابق الذي جاء بعنوان: أزمات داخلية ومراجعات وطنية! ، وفي ظل الواقع السياسي الفلسطيني والظروف المحيطة به من كافة الجوانب والتفاصيل، وفي ظل ما قيل وما سوف يقال في رحاب الحالة السياسية الداخلية وأبعادها وتأثيراتها المستقبلية على القضية الفلسطينية ،والمشروع الوطني المستقل تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، سوآء على الصعيد المحلي أو الإقليمي، لا بد للوقوف وفلسطينياً في رحاب واحة الاعتراف بالذنب في إطار المسؤولية الوطنية.!
الاعتراف بالذنب من كافة الكل الوطني الفلسطيني على انقسام سياسي بغيض منذ أكثر من عشر سنوات، قد أطاح بالحلم الوطني والمشروع المستقل لعدالة قضية تعمدت بدماء الشهداء الطاهرة على مدار تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، وتعمدت بنضالات شعبنا الواثق بحتمية النصر رغم الواقع الانهزامي المعاش، وتعمدت بالحلم والأمل معاً للإنسان الفلسطيني في كافة أماكن تواجده الباحث عن الحرية بين عتمة الليل الذي فرضه الاحتلال نفسياً وواقعياً على شعبنا.
الاعتراف بالذنب في إطار المسؤولية الوطنية قائم على محاسبة الذات أخلاقياً ووطنياً من الساسة والمسؤولين وصناع القرار الفلسطيني، الذين وللأسف ... السواد الأعظم منهم يعيشوا خارج الزمن الإنساني لتطلعات وهموم شعبنا وقضاياه المتشابكة، فهم أنفسهم من فرضوا العزلة واختاروا أن يكونوا في طريق اخر لا تعلم عنه الجماهير، طريق الأجندات الخاصة والتفرد في صناعة القرار، الذي انعكس سلباً على مجتمعنا الفلسطيني من أقصى يمينه إلى أقصى يساره.
الاعتراف بالذنب الوطني في إطار المسؤولية يجب أن يكون قائم أيضاً بالتكفير عن الخطايا الجسام والعظام التي لحقت في المواطن البسيط في واقع حياته اليومية، والتي يعجز على تحقيق أدنى مقوماتها، ومن أولوياتها العيش ضمن مفهوم الكرامة الإنسانية بواقعية.
في ظل الاعتراف بالذنب الوطني يجب أن تكون المسؤولية الوطنية حاضرة وبقوة، من أجل إعادة الترميم الواقعي والبناء من جديد لكافة متطلبات الحياة المجتمعية الفلسطينية بكافة تفاصيلها ومشتقاتها، وأن يكون الشعب سيد القر ار والحكم في إطار تحديد الشرعيات والمهمات الملقاة على عاتق الساسة والمسؤولين، من أجل أن تكون الشراكة متبادلة ووطنية هادفة بين الجمهور والمسؤول، لكي تكون الخطوات المستقبلية ضمن برنامج واضح يكسوه الشفافية والمصداقية والإخلاص في العمل.
في نطاق الحديث عن الاعتراف بالذنب والمسؤولية الوطنية ، لا بد من تناول موضوع تشكيل الحكومة الفلسطينية المرتقبة برئاسة " محمد اشتيه" وما لها وما عليها في ظل الحديث عن انسحاب بعض القوى والأحزاب ، واستقالة بعض الشخصيات من أحزابها على غرار تشكيل الحكومة الجديدة ، وتأثيرات القوى المركزية في صناعة القرار، وما فرضته من معادلات وأجندات جعلت من الخلافات سيد الموقف فلسطيناً ، رغم الامتناع وحالة الرفض من قبل بعض الفصائل التي لها وزنها التاريخي في اطار منظمة التحرير الفلسطينية ، وأعلنت مسبقاَ مقاطعة الانخراط في أي حكومة جديدة لا تقوم على أسس وطنية وحدوية ، تكون قادرة على انهاء حالة الانقسام بالدرجة الأولى ، وليس العمل على اتساع فجوة وتعميق الخلاف والنزاع.!
الموضوعية في اطار المسؤولية تحتم على الكل الوطني بلا استثناء مراجعة النفس والاعتراف بالذنب على ما وصل إليه الواقع الفلسطيني من تدهور ، وأبسط الأوصاف لحالته بأنه كارثي لا يحتمل ولا يحمد عقباه ، ولهذا مازالت الفرصة الوطنية قائمة ،ومن الممكن أن يكون هناك بناء السليم وتطوير جمعي صحيح بكافة المقاييس الوطنية ، الذي يكفل لشعبنا وعدالة قضيته وانسانيته العودة للمسار الحقيقي للمشروع الوطني المستقل ، وإعلان البدء من جديد تحت مظلة واحدة وبيت واحد يقوم على رؤية تكاملية يكون للشعب البصمة والحضور والعنوان ، لأنه لا صوت يعلو فوق صوت الجماهير، التي هي أساس الحلم والأمل ، ورأس مالنا الوطني التي تأخذنا جميعاً بسفينتها نحو بر الأمان ، فلهذا المطلوب أخلاقياً ووطنياً احترام رغبة وتطلعات الانسان وأن تكون هي البوصلة والعنوان ، والفرصة الوطنية لاتزال قائمة ، قبل الضياع وفوات الأوان.!؟