الإرهاب اليهودي.. تهديد وجودي لإسرائيل

5454
حجم الخط

  ثمة خط دموي مباشر ربط بين دموع الحزن التي ذرفناها قبل نحو اسبوعين على شيرا بانكي وبين صدمة الجريمة النكراء المتمثلة في قتل الرضيع علي دوابشة وأبيه في دوما. الارهاب من الداخل، الكراهية للغير، العنصرية والتحريض، كلّها تقوض وجودنا كدولة ديمقراطية. من أجل هزيمة المتطرفين وظاهرة العنف في نظامنا ينبغي أن نفتح ضدهم جبهة ذات ثلاث رؤوس.
اولا، يجب تعزيز الادوات القانونية التي تستهدف التصدي لجرائم الكراهية والتحريض، والاعتراف بأن الديمقراطية التي تعمل على حرية التعبير لا يمكنها أن تقبل حرية التحريض. ولهذا فيجب تنفيذ تغييرات تشريعية تخلق أدوات التصدي للعنصرية والتحريض في الشبكات الاجتماعية ايضا، وبالتوازي فحص امكانية سياسة التقديم الى المحاكمة في جنايات من هذا النوع وعدم السماح بالتجاهل أو التسامح. فالامتناع عن محاسبة العنصريين والمحرضين، مثل الحاخامين الذين بادروا الى الرسالة التي تمنع تأجير المنازل للعرب، مهّد السبيل لاباحة دم اعضاء الطائفة الفخورة ايضا. فكراهية الآخر لا تميز بين "الآخرين" من انواع مختلفة، وهي تدق سكينا في كل من هو مختلف، وفي نهاية المطاف، فينا جميعا.
ثانيا، يجب منح الاسناد لـ"قوات الامن"، للمستشار القانوني، النيابة العامة، ولجهاز القضاء عند تطبيق سياسة انفاذ متشددة (ولكن ليست تعسفية). على وزير الامن الداخلي، وزير الدفاع، ووزيرة العدل ان يتعاونوا من اجل تنسيق العمل الذي لا هوادة فيه، والامر بتفضيل وتوجيه المقدرات نحو الكفاح ضد الارهاب اليهودي ايضا. هكذا فقط ستعمل عموم المستويات انطلاقا من الفهم بأن هذا تهديد وجودي حقيقي وليس ظاهرة هامشية حتى لا تذكر في احصاءات احداث الارهاب في موقع المخابرات على الانترنت.
ينبغي ابداء صفر تسامح ايضا تجاه منتخبي الجمهور الذين يعطون منصة للتصريحات المتطرفة ويجرون الجمهور بأسره نحو الحماسة الجماعية. فتصريحات مثل تصريح النائب موطي يوغاف مثلا، الذي دعا فيه الى الصعود بالجرافات على المحكمة العليا، تقوض اساسات سلطة القانون، ومن شأنها ان تشكل إلهاما للمتطرفين الذين يبحثون عن هدف الهجوم التالي.
وأخيرا، علينا ان نعالج الجذور التي تنبت منها كراهية الآخر. على وزير التعليم، وجهاز التعليم بأسره، أن يغرس في اطار المنهج التعليمي مزايا وقيما تتعلق باحترام الآخر وحقوقه. وعدم الاكتفاء بالهذر، بل تطبيق نشاطات عميقة تؤثر في تفكير التلاميذ، مع التشديد على جهاز التعليم الديني.
ان استطلاعات جدول الديمقراطية السنوية للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية تدل المرة تلو الاخرى على انه توجد في المجتمع الاسرائيلي علاقة معاكسة بين مدى التدين ومدى التسامح: كلما كان المرء متدينا اكثر فانه يبدي تسامحا اقل تجاه الآخر. وعليه، فيجب إعطاء دروس ونشاطات تتناول الواقع وتتلاءم مع التيارات المختلفة في جهاز التعليم.
ان الصدمة العميقة جراء اعمال القتل في القدس وفي دوما ليس فيها ما يكفي لمنع تكرار مثل هذه الاحداث – وبالتالي يجب القيام بعمل ما. خلافا للانظمة الاخرى، التي تفقد صوابها امام التهديدات، على دولة اسرائيل الديمقراطية ان تتخذ خطوات تحميها وتقضي على الساعين الى الإضرار بها. وكل شيء بالطبع، بشكل متوازن. فلا معنى لاطلاق النار في كل صوب، بل النظر بعناية في كيفية استخدام الادوات التي توجد تحت تصرف الديمقراطية. وحده جهد مستمر ومنهاجي في كل الجبهات سينمي ويعزز الديمقراطية الاسرائيلية حتى في ظل الالم.

عن "يديعوت"
* نائب سابق، رئيس المعهد الاسرائيلي للديمقراطية.