انتشرت في الاونة الاخيرة خريطة نشرها الاعلام الاسرائيلي تبين دولة بجيب في سيناء بعمق 30 كم ورافق هذا النشر تصريحات لكل من الرئيس الامريكي ترامب ورئيس وزراء اسرائيل نتنياهو ، المهم ان هذه الخريطة انتشرت كالنار فالهشيم في وسائل التواصل الاجتماعي وبواسطة نخب ايضا ً ، ترامب تحدث عن دولة فلسطينية تتسع لــ27 مليون ولتبقى ارض فلسطين التاريخية دولة يهودية وبهذه السهولة ! تنحل قضية اللاجئين مع حشد مئات المليارات لعملية انشاء تلك الدولة والتوطين والمنطقة الاقتصادية في سيناء ، اما نتنياهو فلم يأتي بجديد في تصريحه من خلال مؤشرات السياسات الاسرائيلية تجاه الضفة الغربية وتوسع الادارة المدنية في مهامها في الضفة وحصارها في غزة ومقايضة الفصائل الهدوء بالهدوء والهدوء مقابل المعالجات الانسانية في غزة .
المشكلة هنا ليس فيما قال ترامب ولا فيما قام باتخاذه من قرارات سواء في القدس او في الجولان او بحق وكالة الغوث واللاجئين او بخصوص تزويد مستشفيات القدس او بخصوص الاموال الممنوحة والتي تقدر بــ950مليون للسلطة الفلسطينية ولا باغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية ، اما نتنياهو وبتلويحه بضم الضفة الغربية او غالبيتها فهي سياسات اسرائيلية توسعت فيها اسرائيل بعد اتفاق اوسلو واسرائيل انشات تلك المستوطنات ليس من اجل الانسحاب منها ولكن بالترويض السياسي للمجتمع الدولي والاقلمة للسلطة وللشعب الفلسطيني على مبدأ step by step اي خطوة بخطوة ، والمغفل الذي كان لم يدرك ان اسرائيل لن تفكر بضم الضفة واعتقد ان العباقرة الذين فاوضوا في اوسلو وحينما اقتطعت اسرائيل 60 % من الضفة والقدس تحت سيطرتها كانت يمكن ان يفهم ان تلك الاراضي ممهدة للتهويد .
لا نريد هنا ان نتحدث عن المصالحة ولا على انهاء الانقسام ، فلقد قفز الوقت عن هذا واصبح الفلسطينيين جميعا ً امام حالة من الانهيار التي قد تهدد وجودهم التاريخي على الارض والتغيير في الطوبوغرافيا السياسية والخرائط السياسية ، فترامب يحاول ان يصنع تاريخ جديد للمنطقة ومعه المسيحية الصهيونية واللوبي الصهيوني في واشنطن ودول اخرى .
من الصعب ان نقيم او نقول لماذا حدث هذا لاننا سنغوص في التاريخ وسنرجع للتجربة ومواقف قادتها ولماذا وصلنا الى هذا الحال ، قد لا نستطيع ان نقف امام دولة كبرى تدعم امنها القومي كما قال ترامب ولا نستطيع ان نعتب على الاسرائيليين لماذا احتلوا ارضنا او ضموا القدس او الضفة او حاصروا غزة ، فهذا هو مشروعهم ولكننا عندما انطلقنا كحركة تحرر فلسطينية كان يمكن ان تغير فعلا ً وجه التاريخ في المنطقة ولكننا نحن كلفلسطينيون مصابون بسوء الحظ في قياداتنا واندماجاتها مع مكونات اقليمية ودولية وكما تقطف العنب وهو حصرم ، هذا هو ما حدث بالضبط لماذا الان نحن امام اعصار وكل يناوشنا من هنا وهناك ويتشقطنا هنا وهناك اليس نحن شعب مناضل وعلى استعداد ان يناضل وان يموت على ارضه ، فهناك فارس عودة وهناك من في الضفة ايضا مثل فارس عودة وهناك من هم على حدود غزة ، وهناك من كانوا على حدودنا الشمالية في جنوب لبنان وهناك ايضا ً من كانوا في ارض الغور فالعتب اين ؟ والى اين نتجه في تسوية احوالنا ؟
من المؤلم ان نتحدث عن عجز قيادة كان من المفترض ان تكون اكثر وعيا ً لما هو قادم كما هم الاسرائيليين خططوا من اخر القرن الثامن عشر ومازالوا على نفس البرنامج ، لقد فقدنا مصيرنا عندما تخلينا بشكل مبكر وبدون اي انجاز على الارض الى الحلول السلمية والارض مقابل السلام والمفاوضات من تحت الطاولة ومن فوق الطاولة ، هل تتوقعون في هذا العجز هل كان يمكن عدم استدراج تلك القيادة الى اوسلو وما هو اسوء من اوسلو الان حتى اصبح الجميع يفقد كل اوراقه واصبحت غزة وان امتلكت السلاح وبصرف النظر عن اي نظرة حزبية فهي اصبحت الان محاصرة تحت ضغط الحاجة الانسانية لـ 2 مليون ، اما في الضفة فهم محاصرون ايضا ً تحت لقمة الخبز والعمل في المستوطنات وراتب اخر الشهر ايضا ً ، هكذا تحولت القضية قد بدأت بالنكبة بكيس طحين من الاونروا والان التشغيل والتشغيل المؤقت والكوبونات والشؤون الاجتماعية والراتب بين الصعود والهبوط في نسبته ، هكذا ارادوا لهذا الشعب المناضل والمكافح .
نعم هناك اخطاء وخطيئة اتخذتها القيادات الفلسطينية جميعا ً في حين كانت كل المناخات قد تعطي قاعدة ارتكازية تعطي قرارا ً شبه حر للفلسطينيين لوقف اي مشاريع ، في لبنان فقدنا القاعدة الارتكازية مقابل وعود ممن لا وعد لهم وصدقت القيادة بهذه الوعود واصبحنا نكرر اننا نرى مآذن القدس في اخر النفق واذ بنا ندخل في عدة انفاق لا حصر لها الى عالم لا نفهمه ولا نعرف الى اين يتجه .
نعم اخطؤوا عندما احتووا الانتفاضة الاولى وقطفوا ثمارها كحصرم العنب من اجل سلطة واهية من الممكن ان تنهيها اسرائيل سياسيا ووظيفيا في خلال نصف ساعة ، ولكن متى يمكن ان تنهي تلك السلطة بعد اضعافها وبعد ان يكتمل مشروعها الاستيطاني وبعد ان يتاح لها مناخات دولية واقليمية لكي تقوم بضم الضفة الغربية .
صائب عريقات يقال انه امين سر منظمة التحرير ولم يلتفت لميثاقها وبعد فوات الاوان من عملية ترهل وطني في الضفة وحصار ثقافي وملاحقات واضعاف للحركة الوطنية يقول ليس بعيدا ً ان يقوم نتنياهو بضم الضفة وليس بعيدا ً على ترامب ان يعلن ان الضفة سيادة اسرائيلية ، والله يا صائب انك فالح ! والفلاحة منك بتساوي قنطار من اضاعة الارض والتاريخ الفلسطيني ، تقولون وتقولون وتقولون ، ولكن ماذا انتم فاعلون على الارض ؟ ، لقد رأيتكم بالامس تطلقون الاف الرصاصات من اجل مجرد فوز في حلبة تنافس وليس صراع ، هكذا كانت يمكن ان تكون الامور ولكن صراع اطلق فيه الرصاص في غير موطنه وموقعه ، بنادقنا تحولت لرصاصات في الافراح والماتم والاستعراضات وهذه الشلة الفلان والشلة الاخرى الفلان وتحت اعين الاسرائيليين في حين ان جميع ارقام سلاح اجهزتكم الامنية مسجل لدى دوائر الاحتلال الامنية ، اضعتم واضعتم فرص كبيرة لبناء حركة فتح على قاعدة نضالية تحررية وحولتموها لمجرد مجموعات من السحيجة للسلطة وعبقرية المحنك والمفذلك رئيس السلطة الذي لا حول ولا قوة له اليوم وكما قلت اذا نضج الوقت عند الاحتلال فلا ادري في اي عاصمة عربية سيستقر هذا رئيس السلطة اما الباقين منكم فاعتقد ان مصالحهم متقاطعة في كل الاحوال مع اي نماذج سياسية جغرافية ستحدث وهكذا كانت اخر ايام الحاج امين الحسيني رئيس حكومة فلسطين .
نحن في مازق عندما كانت لدينا قاعدة ارتكازية في الجنوب اللبناني لم نستخدمها بشكل تحرري بل لموازين سياسية وتحريكية ولم نشرع في قسم ظهر مستوطنة كريات شمونة في حين كانت صواريخنا تطالها ولم نعد مقاتلينا للقتال ، تخيلوا حركة تحرر كبيرة كل من خرج في سفنها في 82 ، 15 الف شخص ليس كلهم مقاتلين بل هناك من خرجوا على السفن فقط لتحتويهم منظمة التحرير بالراتب هكذا كنا .
ولكن ماذا العمل الان ؟ لو عرض الموضوع على اكبر المفكرين لن يستطيع ان يخرج بمخرج امام تحالف دولي ودول اقليمية تلعب في القضية الفلسطنية فقصة الارض مقابل السلام انتهت الان جغرافيا سياسية جديدة وتاريخ جغرافي جديد يحاول ان يصنعه ترامب ونتنياهو ، الامل ليس فقط التهدئة بالتهدئة او بالتهدئة مقابل الحلول الانسانية فلقد سبق ان قامت غزة باسقاط التوطين في سيناء وقام بها الشيوعيين والقوميين العرب ورحم الله معين بسيسو وباقي كل من قاموا باسقاط هذا المشروع مثل صلاح خلف وخليل الوزير وغيرهم العشرات ، نستطيع اسقاط تلك الخريطة الموبؤة ولكن اذا اختفى صائب عريقات ومن حوله ومن فوقه عن سقف الاحداث والمواجهة وليدع احرار فتح وباقي الفصائل سواء وطنية او اسلامية لتتبوء المرحلة ، فنحن نموت على الارض ولن نغادر وسنقاوم.