دولة غزة فى سيناء

التقاط.PNG
حجم الخط

جيهان فوزي

 

ركز بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة فى حملته الانتخابية على ما وصفه بـ«فرض السيادة الإسرائيلية» على مناطق فى الضفة الغربية المحتلة، وقال إنه سيتخذ إجراءات لضم بعض المستوطنات التى تمت إقامتها فى الضفة الغربية إلى إسرائيل وتوسيع السيادة فيها، حال فوزه فى الانتخابات المقبلة، أملاً فى الفوز بفترة رئاسية جديدة، وذلك باستقطاب أصوات اليمين المتشدد فى إسرائيل، الذى يزداد تطرفاً وراديكالية، يعرف نتنياهو جيداً كيف يكسب أصوات ناخبيه وكيف يدير حملته الانتخابية حين يتعلق الأمر بدولة إسرائيل الكبرى وسحق الحلم الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، وقد أعلنها نتنياهو أكثر من مرة «لا وجود لدولة فلسطينية ولن يكون»، وليس سراً أن المخطط الإسرائيلى يتمحور فى إلغاء الوجود السيادى الفلسطينى على المناطق المحتلة التى أقرها اتفاق أوسلو 1993، بل تجاوز ذلك إلى ما هو أخطر بعد ضم القدس والجولان السورى، ليتجدد الحديث عن إعطاء جزء من سيناء للفلسطينيين وإقامة دولتهم عليها وفق الخطة الإسرائيلية - الأمريكية.

لقد انتشر الحديث عن توسيع مساحة غزة باقتطاع جزء من سيناء أيام تولى الرئيس المعزول محمد مرسى الرئاسة، ورغم التكذيب المستمر واعتبارها شائعات مغرضة، إلا أن المبدأ قائم على الأقل فى المخطط الإسرائيلى الأمريكى وما تتضمنه «صفقة القرن»، التى تعد لها الإدارة الأمريكية ويتولى ملفها صهر الرئيس الأمريكى «جاريد كوشنر»، فلم يكن هذا الحديث مجرد شائعات لكنه مخطط قائم بذاته وإسرائيل تعى جيداً كيفية التعامل معه.

فى نوفمبر من العام الماضى كشفت القناة العاشرة الإسرائيلية عن خطة أعدتها شخصيات سياسية وعسكرية إسرائيلية تقترح قيام دولة فلسطينية فى قطاع غزة وشمال سيناء وتفكيك السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية لإمارات صغيرة، وكان الرئيس الفلسطينى محمود عباس قد حذر فى مقابلة تليفزيونية من المخطط الذى ترمى إليه إسرائيل وقنوات الاتصال المفتوحة بينها وبين نظام الإخوان آنذاك، وأنه أخبر القيادات المصرية بما يدور فى الكواليس من مخططات تخريبية هدفها عزل قطاع غزة وتوسعته باقتطاع جزء من سيناء لإقامة الدولة الفلسطينية فى غزة بما ينسف حل الدولتين، وبحسب الجنرال «أمير أفيفى» قائد وحدة الحدود مع مصر سابقاً وأحد مقدمى الخطة والرائد «بنيامين أنطونى» فإن الحل الأمثل هو قيام دولة فلسطينية سيادية فى غزة وفى الشريط الساحلى الشمالى لسيناء، وسط استغلال حاجة مصر لتعزيز مكانتها، أما الضفة الغربية المحتلة فيمنح جنسية فلسطينية لسكانها، على أمل أن تجتذبهم الدولة الفلسطينية إليها طواعية، ولا تشمل الخطة تنازلات جغرافية من جهة إسرائيل، وبالمقابل لا تأخذ من الفلسطينيين ما هو موجود بأيديهم، وذلك فى إشارة لقطاع غزة بل تضيف عليها مساحة واسعة من سيناء!!. ويرى القائمان على الخطة أن ساسة إسرائيل لا يدركون أن من واجبهم بلورة أجندة سياسية وطنية، ويعتقدان أن إسرائيل أسيرة المفهوم بأنه لا حل للقضية الفلسطينية وبالتالى إدارة الصراع فى نطاق الوضع القائم، أفيفى يرى أن الخطة تنطلق من فهم التحولات التاريخية الكبيرة حول إسرائيل ومن وجود فرص جديدة لحل الصراع من خارج الصندوق، زاعماً أن مثل هذه المبادرة توفر حلاً لإحدى المشاكل الملحة جداً بالنسبة لجهاز الأمن والمتمثلة بقطاع غزة، فهناك تفهم فى إسرائيل والعالم بأن غزة هى قنبلة موقوتة تحتاج لتفكيك، وهذا يأتى من خلال إقامة دولة فلسطينية فيها وفى شمال سيناء ومعالجة الضفة الغربية فى مرحلة لاحقة، من خلال ضم الضفة الغربية بشكل كامل، وحل السلطة الفلسطينية وتشجيع هجرة الفلسطينيين كجماعات وليس كشعب! إذن وإن بدت الخطة مستحيلة لعوامل عدة، فإن تصريحات نتنياهو الانتخابية بضم مستوطنات الضفة وتوسعتها وبناء 18000 وحدة جديدة فى سابقة لم تحدث من قبل ودعم ترامب اللامتناهى لسياساته وفق الخطة المرسومة والمعروفة «بصفقة القرن» تتطلب الكثير من الحذر فى المرحلة المقبلة.

عن الوطن المصرية