جرت العادة في كتابة المقال الصحفي أن يحمل العنوان مضمون المقال، ومحتواه وهدفه حتى يكون القارئ على اطلاع مباشر لحيثيات ما هو مطروح في التفاصيل من أجل الوصول إلى فكرة تكاملية شمولية في كافة زوايا وفقرات المقال، أهمها من باب التسهيل لا التعسير.
اشتباكات كلامية تمهيداُ للمصالحة الوطنية. !، هو عنوان المقال الذي يحمل في طياته الواقع الحقيقي للحالة السياسية الفلسطينية، الذي بات عنوانها الانقسام وتعزيزه بالتصريحات والاشتباكات الكلامية خطوة خطوة إلى الأمام، في ظل الحديث الإعلامي بين الفينة والأخرى عن جولات وصولات على صعيد ملف المصالحة الوطنية ونية طرفي الانقسام في كل مرة استعادة الوحدة، وأن تكون من أهم أولويات الحدث الفلسطيني من أجل انهاء الانقسام.
من خلال التجارب الفاشلة لسنوات طويلة في الوصول لقواسم مشتركة لإنجاز واتمام المصالحة الوطنية من كلا طرفي الانقسام، أصبح الحديث عن المصالحة من الأمنيات التي من الصعب تحقيقها أو حتى الوصول لأدنى درجات الشعور النفسي للأمل نحوها، وعلى أمل أن تتحقق يوماً ما ...!
جولات وصولات المصالحة والإعلان عن تجديدها في كل مرة، تكون تصريحات الساسة تفاؤلية وإيجابية وتعطي الأمل الكاذب في النفوس، وهذا وحسب اعتقادي من أجل الاستهلاك الإعلامي ليس إلا، ومن أجل الظهور بثوب جديد مظهره ينافي حقيقة جوهره للأسف!
من الموضوعية الوطنية والمنطق الحر أن يتم انجاز المصالحة وعدم عرقلتها ووضع العصى المتعددة في دواليبها ،وذلك لعدة أسباب رئيسية أهمها أننا شعب يعاني الويلات من اضطهاد الاحتلال على كافة الصعد والمستويات، فلهذا إن كنا نعتبر أننا شعباً واحد وعدونا وهمنا مشترك ، نسعى للحرية والاستقلال فلا بد من أن نكون موحدين دوماً وعلى قلب رجل واحد.
من الأسباب الكثيرة ومتعددة الجوانب أن نكون موحدين باستمرار ما تتعرض له القضية الفلسطينية والمشروع الوطني والمستقل من استهداف مباشر وغير مباشر دول استعمارية وامبريالية ومحاور متعددة الأطراف لا تريد للفلسطيني الخير رغم المكياج المصطنع والمخادع لبعض القوى والأطراف التي تظهر بمظهر الداعم لشعبنا وعدالة قضيته!، فلهذا لا بد من وقفة عز وطنية ولحظة تفكير إيجابية من الكل الفلسطيني، وألا نقتل بأيدينا حلم مشروعنا الوطني على طريق الحرية والاستقلال.
المصالحة ذات النوايا السليمة والوطنية ضرورية من أجل انقاذ ما يمكن إنقاذه من أجيال شبابية واعدة أحلامها وتطلعاتها تحطمت وانهارت على صخرة الانقسام البغيض، ومن أجل أطفال وزهرات الوطن الذين يبحثون عن الابتسامة وسط بطون خاوية أرهقها الفقر والعوز والذل والمهانة، والمصالحة ضرورية من أجل الاباء والأمهات الذين يتطلعون في كل صباح للفرحة الغائبة الذين وجدوا من أجلها ن عبر فرحتهم بأبنائهم في العمل والاستقرار والزواج والحياة الهادئة، والمصالحة ضرورية من أجل جموع المعطلين عن العمل الذين أصبحوا متسولين على قارعة الطرقات ، والمصالحة ضرورة إنسانية من أجل تضميد اهات المرضى والجرحى البواسل وأوجاع عوائل الأسرى الأشاوس و أسر الشهداء الخالدين وتوفير لهم مقومات الحياة الإنسانية الكريمة .
المصالحة الوطنية مسألة ضرورية من أجل انقاذ مجتمع انهارت مفاصله وتشتت عوائله واندثرت أحلام وطموحات شبابه وقتلت الابتسامة من قلوب أطفاله، وأعلن وفاة اقتصاده ومقوماته.
المصالحة الوطنية هي من المعالم الإنسانية لرفع الظلم وتعزيز القيم، والقضاء على كافة الأزمات والنكبات والمصاعب والمحن.
المصالحة عنوان حضاري ووطني للفكرة والانسان، الفكرة الباحثة عن الأمان والعيش الكريم والاستقرار، والانسان الباحث عن معنى الحياة الإيجابية بكل جد واجتهاد واستمرار، فلهذا كله يجب التفكير خارج النفق الظلم وأن تكون المصالحة هي الطريق والخيار...