بقلم: سميح خلف

دحلان وأردوغان و الإخوان

سميح خلف
حجم الخط

القاهرة - وكالة خبر

بداية لا اجد شيئا مستفزا عندما تسلط الاضواء على محمد دحلان منذ شبابه الى وصوله السن ما بعد منتصف الخمسينات من العمر وتزداد اهمية محمد دحلان بمقدار ما وهبه الله من ذكاء وفطنة وقوة استقراء عالية كلها تتجمع في وطنية محمد دحلان وبعده القومي التي تشكل خلايا عقله بالاضافة الى ما يتمتع به من انسانية عالية ترسم تلك اللوحة التي هي محل جدال بين المعجبين و بين الحاقدين .

اردت من هذه المقدمة ان اضع تساؤل لماذا محمد دحلان الذي يذكره الكثيرون في فضائياتهم وصحفهم و مواقعهم و في احاديثهم الجانبية ؟

لقد اعلن دحلان اكثر من مرة انه جندي في محاربة الارهاب و استنساخاته في كل الساحات و عندما تكون المنطقة العربية على شفا حفرة من الانهيار كان لا بد لمحمد دحلان كمواطن عربي و مواطن فلسطيني ان يقف بقوة وبشدة امام كل ما يحاك من انهيارات للدول الوطنية التي اتت بشعائرها الثورية وبالتأكيد كانت تصب لصالح القضية الفلسطينية التي تشكل عقل ووجدان هذا القائد الفلسطيني الفتحاوي التي تمثل شعائر فتح بوطنيتها وعمقها العربي وامتداداتها العالمية هي البرنامج و هي السلوك و هي الموقف و نقطة لارتكاز الذي يتحرك فيه محمد دحلان مساندا او مجافيا لهذا النظام او ذاك .

لا نريد ان نأخذ تصريحات الاخرين باستهزاء او عنترية او كأن الامر لا يخرج عن مناكفات فالوطن العربي بالكامل وقبله القضية الفلسطينية اصبحت في مهب الريح و اصبحت قضية الامن القومي العربي مطروحة على الطاولة من عدة استهدافات يعتبرونها مناطق فراغ يجب ان تملئ ، فهناك المتربصين بالمنطقة العربية بعضها من قوى دولية وبعضها ذات امتدادات حزبية .

حضر اسم دحلان وبقوة منذ انطلاقة ما يسمى الربيع العربي في ليبيا وسوريا ولبنان و العراق و مصر والسودان الان و اليمن ، هذا لا يقلل من شأن محمد دحلان او يضعه محل اتهام مادامت موافقه تنبع من موقف قومي ووطني امام تحالفات حزبية لها امتدادات خارج الخيارات الشعبية و الوطنية للشعوب العربية ، فدحلان ليس مدانا ان صحت تلك الاداعاءات ولماذا دائما يقول الكثيرون ان دحلان محل الدفاع عن نفسه لكن من المهم ان نذكر ايضا ايماننا بتحرك الشعوب امام تحركات حزبية تطمح في الاستيلاء على الحكم ليسود نظام الحزب الواحد بما له من مواصفات قد تظلم باقي فئات الشعب ، و التجربة ماثلة امام اعيننا في غزة و ليبيا و في مصر ما قبل ثورة الشعب المصري في 30 يونيو ، دحلان كان بحكم مبادئه مصطفا الى جانب خيارات تلك الشعوب و هذا موقف طبيعي لرجل يحمل من المبادئ الذي تربى عليها في حركة فتح و الوطنية الفلسطينية .

تردد اخيرا اسم محمد دحلان في تركيا و محاولته احداث انقلاب على اردوغان و كما يسمونه بالمنطق الحزبي للاخوان الخليفة المنتظر ،  بالتأكيد ان اردوغان الذي تربطه علاقات استراتيجية مع اسرائيل و مواقفه البهلاونية تجاه غزة لم تغير شيئا بالنسبة لغزة و بالنسبة للقدس و بالنسبة لفلسطين التاريخية التي سقطت من الخلافة العثمانية و الدولة العثمانية لتقام اول مستوطنة اسرائيلية في عهدها و لتسلم ما سلمته للانتداب ، اردوغان الذي طالما وصفته صحف عديدة حزبية بأنه الخليفة المنتظر فقد تعرض لعدة هزات عنيفة في تركيا نفسها و ها هو يسقط في كبرى المدن التركية انقرة و اسطنبول حتى و كما فهمنا ان المعارضة ستحضر لصيف ساخن في تركيا من مظاهرات و اضرابات لتأخذ شرعيتها التي اتت بالانتخابات ، نظام اردوغان ينتظر صيفا ساخنا و حارا امام منافسيه بعد سقطات مفضوحة مثل خاجقجي و من ارتكبوا تلك الجريمة و هم مصورون بالصورة و الحدث الذي يستثني اي شبهات اخرى لما يقال ان محمد دحلان وراء تلك الجريمة و لكن تركيا تحاول بقيادة اردوغان ان تغطي فشلها بالصاق التهم و اشغال الرأي العام من جديد باثنين كما تقول "جواسيس " مكلفين بالكشف عن تنظيم الاخوان المسلمين في تركيا شيء غريب و من السذاجة ان يقتنع احد بالرواية التركية ، اثنين من الفلسطينيين من غزة يقول الاعلام التركي انهم تابعين لدحلان و هم خرجوا مثل الالاف الذين خرجوا من غزة يبحثون عن لقمة العيش و غالبيتهم توجهوا الى تركيا على امل الانطلاق من جديد الى دول اوروبا ، اثنين مكلفين بالكشف عن تنظيم الاخوان من عام 1929 وهو تنظيم عالمي دولي لدى كل اجهزة الاستخبارات في العالم ارشيف كامل لهذا التنظيم ، من السخف ان تصدق تلك الرواية و لكن يبدو ان نظام اردوغان بدأت تهتز عروشه ليس في تركيا فقط بل في السودان الان و هي القصة ذاتها والرواية ذاتها التي الصقت بمحمد دحلان ناهيك عن تقدم حفتر نحو توحيد اراضي ليبيا و اقتحامه للعاصمة طرابلس بجيشه الوطني .

في السياسة لا عواطف ولا تبريرات ولا تعليلات فحركة لاخوان المسلمين هي حركة دائما تطمح للسلطة والحكم و عندما نجح اردوغان في تركيا في عقد و نصف سابق اراد ان يعمم التجربة فالمنطقة العربية و امنها القومي العربي ليست مهددة من ايران فحسب بل مهددة ايضا من انتشار تركيا الداعشي في سوريا و ليبيا و مناطق اخرى في الوطن العربي فابتأكيد في ظل الصراع القائم في المنطقة هناك ثلاثة محاول ، محور يمثل الامن القومي العربي و المشكل من مصر والسعودية و الامارات ، و محور الاخوان تركيا قطر ، و محور ايران العراق سوريا الجنوب اللبناني .

اذا المعادلات واضحة في المنطقة العربية و اجد ان في خضم هذا الصراع كل شيئ جائز للمحافظة على الامن القومي العربي امام حلفين اخرين .

البعد الاخر لمواقف محمد دحلان الذي تشغله ايضا و تأخذ منه حيزا كبيرا هي فلسطين القدس وغزة و المخيمات في الداخل والخارج وتأخذ منه مجهودا خارقا مكلفا يحمل عمقه الوطنية الانساني ، سياسيا كما دعى دحلان مرارا و تكرارا لمصالحة وطنية مبنية على الشراكة في ظل تشكيل حكومة انقاذ وطني و انتخابات رئاسية و تشريعية و مجلس وطني ، لعب دورا في تقارب حماس مع مصر وانفراجات لقطاع غزة هذا لم يكفي محمد دحلان الى ان ملئ الكثير من الفراغ للاسر ذات الحاجة في قطاع غزة و لبنان و مد يد العون لطلبة الجامعات و الجرحى و الشهداء و حل جزئي لمشكلة العنوسة في قطاع غزة بالاضافة الى الالام العقم الي شاركت فيه السيدة الدكتورة جليلة دحلان .

اذا خيارت دحلان واضحة و جلية في التعامل مع جميع الازمات الفلسطينية و العربية و هي واضحة وضوح الشمس لا تحتاج لتأويل او تعليل او تبرير فالمبادئ و القيم لا تبرر ولا تعلل و هذا هو محمد حلان .