"الوعد وألصفقة" ... هناك دائما أب عربي

03096321181606583170273831366134.jpg
حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

الابرياء فقط من شعبنا وبقية شعوب أمتنا العربية ينتظرون الاعلان عن صفقة القرن، وهم يعدون بمئات ملايين الناس، أكثر من عشر مرات حدد أصحابها موعدا لاعلانها منذ اطلاقها اواخر 2017، آخرها بعد انتهاء رمضان 2019، وقبلها انتهاء الانتخابات الاسرائيلية اوائل نيسان الجاري حيث فاز اليمين الديني والسياسي والفاشي بقيادة بنيامين نتنياهو.

كثيرون شبهوا "الصفقة" بوعد بلفور قبل قرن تقريبا، لا يوجد اليوم "ثورة لينينية" تقذف بما تحتويه خزائن القيصر من وثائق سرية كرسائل "الحسين مكماهون"، إذ لا داعي لذلك، لأن الصفقة قد نفذت على ارض الواقع ، وأزيحت عن طاولة التفاوض المخضرمة منذ ان وقف ياسر عرفات في الامم المتحدة يعرض غصن الزيتون حتى ساعة هذا المقال اعلان "ابو مازن" استعداده لمفاوضة نتنياهو في موسكو ، والتهديد الذي اطلقه رئيس الحكومة محمد شتية بوقف الاعتراف باسرائيل ووقف التنسيق الامني معها.

لقد أزاح ترامب عن طاولة التفاوض التي ما انفكت قائمة، ما اسمي في اتفاقية اوسلو بقضايا الحل الدائم، او القضايا المستعصية، وهي القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه. القدس اعلنت رسميا عاصمة موحدة لاسرائيل، وتم نقل السفارة الامريكية اليها فعليا ومعها عدد من السفارات الاخرى، وتم حل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" - بموجب الصفقة - بعد ان تم اختزال عددهم من ستة ملايين لاجيء الى نحو اربعين ألفا، هم الذين ظلوا احياء من بين من لجأوا قسرا منذ عام 1948، وهؤلاء في تناقص مضطرد بحكم الموت الطبيعي، واعتمدت الاغوار حدود اسرائيل الشرقية والجولان من الجهة الشمالية ، وكلتاهما قابلة للتمدد في الاردن كوطن بديل للشعب الفلسطيني، وسوريا اذا ما ظلت مصرة على عدم توقيع اتفاق شبيه بالسلام الذي وقع مع مصر في كامب ديفيد قبل اكثر من اربعين سنة .

ظل "وعد بيلفور" يتيم الاب من الناحية العربية على مدار مئة سنة ، بل ان العرب ظلوا يدعون الى اسقاطه ويشتمونه بأقذع الصفات والالقاب، لكن تحالفهم مع بريطانيا العظمى ظل متينا وقويا ومحتكرا، وهذا ما ينسحب على صفقة القرن ستظل الصفقة يتيمة الاب من الجهة العربية، وسيظل العرب يرفضونها ويشتمونها بأقذع الاوصاف لكنهم يبقون على علاقاتهم العميقة مع امريكا، بل ويدفعون نقدا ثمن تجسيد الصفقة، ويفتحون ابواب عواصمهم للدولة صاحبة الشأن في الصفقة، اسرائيل، بل واصبحوا يناورون ويتدربون عسكريا معها، لكنهم لا يغفلون احيانا عن شتمها او تحذيرها كي يظهروا امام جماهيرهم انهم يدعمون الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة لاقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين وتفكيك المستوطنات.

يرسمون نمرا ويقصون رأسه بالمقص ، ليقولوا نحن من قتل النمر .