أولًا: أرجو منك أن تدعو لي بالفقه في الدين.
ثانيًا: في بعض الأحيان أُصلي في الغرفة، فإذا حضر عندي بعضُ الزملاء يلومونني على ذلك، ويُريدون أن أُصلي بحيث لا يراني أحدٌ، فأرجو منك التَّوضيح؟
الشيخ: أولًا: رزقنا الله وإياك الفقه في الدين، وأصلح لنا جميعًا القلوب والأعمال، يقول النبيُّ ﷺ: مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين، فمَن رزقه الله الفقهَ في الدين فقد أراد به خيرًا، وهذا يحتاج إلى طلبٍ وجدٍّ ونشاطٍ، وسؤال الله التَّوفيق سبحانه وتعالى، وإلى العمل بالعلم.
أما الصلاة في الغرفة: فإن كانت نافلةً فالحمد لله أمرها واسع، تُصلي في غرفتك، وإذا كان وحدك ما عندك أحدٌ يكون أحسن وأكمل في الإخلاص، فإذا جاء عندك أحدٌ فليكن الحديثُ معه والمُذاكرة، فإذا ذهب الناسُ فاحمد ربَّك واجتهد في العبادة: من القراءة، والصلاة، وغير ذلك.
أما الفريضة: فالواجب عليك أن تحضرها مع المسلمين، وليس لك أن تُصلي وحدك، لا في الغرفة، ولا في غيرها، بل يجب عليك أن تُصلي مع جماعة المسلمين، وأن تُجيب: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، كما قال النبيُّ ﷺ: مَن سمع النِّداء فلم يأتِ فلا صلاةَ له إلَّا من عذرٍ أخرجه ابن ماجه، والدَّارقطني، وابن حبان، والحاكم بإسنادٍ على شرط مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام للأعمى الذي قال له: يا رسول الله، ليس لي قائدٌ يُلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصةٍ أن أُصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النِّداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب، هذا يدل على وجوب الإجابة والصلاة مع المسلمين، وتحريم التأخُّر عن صلاة الجماعة، لا في الحجرة، ولا في غير الحجرة.
وقد همَّ ﷺ أن يحرق على المُتخلِّفين بيوتهم كما في "الصحيحين".
وقال عبدُالله بن مسعودٍ : "مَن سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليُحافظ على هؤلاء الصَّلوات الخمس حيث يُنادَى بهنَّ، فإنَّ الله شرع لنبيه سننَ الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنَّكم صليتُم في بيوتكم كما يُصلي هذا المُتخلِّف في بيته لتركتم سنةَ نبيكم، ولو تركتم سنةَ نبيكم لضللتم -وفي لفظٍ: لكفرتم- ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها –يعني: الصلاة في جماعةٍ- إلا منافقٌ معلوم النِّفاق".
هذا يدل على أنَّ التَّخلف عن الجماعة من دلائل النِّفاق ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من صفات المُنافقين، ويجب الاجتهاد في التَّخلق بأخلاق المؤمنين فيما أوجب الله عليهم.