الصراع الأمريكي الإيراني وإنعكاساته على المنطقة العربية

50524949_2175600852504274_7856256072200224768_n.jpg
حجم الخط

بقلم/ أ.عائد خليل جامعة الأقصى / الدراسات العليا / دراسات تاريخية معاصرة

 

لا شك أن الثورة الايرانية 1979 بقيادة الزعيم الديني أية الله الخميني قد أثارت حفيظة الولايات المتحدة , لأنها خسرت نظام حكم الشاه الذي يعتبر من أكثر الأنظمة التابعة لها انذاك في قلب منطقة الشرق الأوسط , وذلك لأن الثورة رفعت شعار العداء والمناهضة للسياسة الأمريكية والكيان الإسرائيلي. خصوصا أنه في تلك الفترة إستطاعت الولايات المتحدة تطويع الرئيس المصري أنور السادات وإنهاء الصراع المصري الإسرائيلي من خلال إبرام إتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة الصلح المصرية الإسرائيلية , مما أدى لبعثرة النظام العربي وخلق حالة إستقرار عالية لإسرائيل . ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن , حيث كان نجاح الثورة الإيرانية وإكتسابها تأييد وتعاطف الرأي العام العربي ضربة شديدة للجهود الأمريكية لإنهاء حالة الصراع مع اسرائيل , وأمام هذه الحالة وتحت ذريعة عدم تصدير الثورة إلى المناطق العربية ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية ودفعت بإتجاه نشوب الحرب العراقية الإيرانية 1980/1988 على أمل إفشال الثورة وإنهائها وعلى الرغم من الدعم الأمريكي والخليجي للعراق, إلا أن الحرب إنتهت دون القضاء على نظام الثورة الإيراني ولكنها إستطاعت تحقيق بعض النتائج المتمثلة بإنهاك الإقتصاد الإيراني , وإستنزاف القوة العسكرية الإيرانية ومنع تصدير الثورة, إلا أنها أسست لمرحلة جديدة من الصراع العربي الإيراني على قاعدة المذهبية الدينية (سنة_شيعة) , وإستطاعت الولايات المتحدة الأمريكية تكريس هذا الصراع على حساب الصراع الحقيقي مع إسرائيل .

وبالرغم من التشدد الأمريكي إتجاه إيران وفرض سياسة الحصار والعقوبات, وتأليب المجتمع الدولي ضدها إلا أن إيران إستطاعت مواجهة ذلك وإستغلال الظروف الدولية القائمة .وتحت شعار العداء لإسرائيل وعن طريق إستغلال الشيعة العرب خلقت تنظيمات وأحزاب وأنظمة سياسية موالية لسياساتها في إطار صراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج , تمثلت في حزب الله جنوب لبنان ونظام الأسد في سوريا والحوثيين في اليمن , كما إستطاعت إستغلال العجز العربي الموالي لأمريكا من خلال دعم بعض الأحزاب والفصائل الفلسطينية وربطها بسياساتها من خلال الدعم المالي والعسكري مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي وحركة الصابرين.

وما يثير مخاوف العرب وجود عدد كبير من الشيعة داخل أراضيها خصوصا العراق والبحرين والمناطق الشرقية في السعودية,وبالفعل إستطاعت إيران تحقيق نفوذ واضح داخل العراق وتسعى لنسخ هذه التجربة في البحرين والسعودية معتمدة على تفوق عسكري واضح وعلى الطائفة الشيعية العربية, وعلى إثارة عواطف الرأي العام العربي المعادي لإسرائيل.

لايمكن حصر أثار هذا الصراع على المنطقة العربية من خلال هذا المقال ولكن يمكن الحديث عن نتائج رئيسية له على النحو التالي:

  • نجاح إيراني في خلق أرضية لها داخل العمق العربي وأصبحت لاعب رئيسي في توجيه سياسات المنطقة من خلال الجماعات والأحزاب والأنظمة الموالية لها وهي (النظام السوري , حزب الله في لبنان, الحوثيين في اليمن , بعض التنظيمات الفلسطينية, التنظيمات الشيعية العراقية ).
  • إستغلال الولايات المتحدة الأمريكية للضعف العربي لفرض هيمنتها عليهم وأخذ أموال ضخمة مقابل ماتسميه حماية لهذه الأنظمة وخصوصا الخليجية.
  • التقارب العربي الإسرائيلي تحت شعار مواجهة النفوذ الإيراني..
  • من ضبابية الحالة وصعوبة توقع النتائج إلا أن المؤشرات تدل على أن أي تسوية أمريكية إيرانية ستكون على حساب العرب ومصالحهم . ومن وجهة نظري أرى ضرورة الأخذ بسياسة حسن الجوار مع إيران وعدم الإنجرار وراء السياسة الأمريكية,وإستغلال الموضوع الإيراني لتحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب السياسية في الصراع العربي الإسرائيلي لأنه من المؤكد أن السياسة العربية يجب أن تبنى على أساس دعم أي مشروع مناهض لإسرائيل وعدم الدخول في أي صراع مع أي طرف معادي لإسرائيل , من خلال خلق تسويات وتفاهمات مع إيران على أساس حسن الجوار وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية , وسد جميع الثغرات التي استطاعت من خلالها السياسة الايرانية الدخول الى قلب المنطقة العربية وعلى رأسها قضية الصراع العربي الإسرائيلي . وعدم إقامة تحالفات مع الولايات المتحدة وإسرائيل لمواجهة إيران .. ويمكن أخذ النموذج التركي مثال واضح في موازنة العلاقة مع إيران, وأن الصراع مع إسرائيل هو الصراع الحقيقي..

بقلم/ أ.عائد خليل

جامعة الأقصى / الدراسات العليا / دراسات تاريخية معاصرة