إعلام «اليمين الصهيوني» يروج لصفقة القرن

التقاط.PNG
حجم الخط

بقلم:لواء محمد عبد المقصود

 

كثفت بعض المواقع والصفحات الإلكترونية التابعة لليمين الصهيوني في كل من إسرائيل والولايات المتحدة حملاتها الإعلامية لتهيئة المناخ الملائم لتمرير أفكار ومقترحات الإدارة الأمريكية المعروفة إعلامياً بصفقة القرن والتي تعتزم إطلاقها بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة، مع استغلال نتائج الزيارات التي قام بها قادة كل من الأردن ومصر للولايات المتحدة، للادعاء بدراسة القادة العرب لبنود الخطة الأمريكية الجديدة التى تستهدف مواصلة فرض الوقائع الميدانية على الأرض تمهيداً لفرض التسوية على أطراف النزاع، وممارسة مزيد من الضغوط على القيادة الفلسطينية لإرضاء الإدارة الأمريكية، وذلك رغم وضوح ردود الفعل الصادرة عن مسئولي الإدارة الأمريكية الذين أكدوا أن المبادرة الأمريكية لم تتطرق لفكرة استبدال أراض مع مصر لتوسيع قطاع غزة، أو تشجيع فكرة إقامة الوطن البديل في الأردن، وفى هذا الإطار نورد الحقائق التالية:

- إخفاق الإدارة الأمريكية حتى الآن في صياغة مبادرة متكاملة ونهائية لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وتركيز الجانب الأمريكي على مناقشة الوضع الإنساني في قطاع غزة، ومطالبة كل من السعودية ودول الخليج بتمويل احتياجات القطاع، مع حث القادة العرب على تليين مواقف القيادة الفلسطينية الرافضة لتلك المبادرة، التي لاتلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، وتركز بشكل رئيسي على تعزيز أمن إسرائيل.

- تأكيد قادة مصر والأردن ضرورة التوصل إلى سلام متوازن يقوم على أساس حل الدولتين، مع تسوية مسألة القدس ضمن قضايا الوضع النهائي.

- حرص الدول العربية على تأكيد تمسكها بثوابت أمنها القومي وعدم التفريط في حقوق الشعب الفلسطيني، مع عدم إعطاء الادعاءات التي أطلقتها وسائل الاعلام الاسرائيلية أي اهتمام، حيث تواصل القيادة المصرية جهودها لاستكمال خطط التنمية في سيناء للرد على الخطاب الإعلامي الذي يسعى للترويج لتوسيع القطاع، بالتوازى مع رفض الملك الاردني أي إملاءات أو تهديدات لا تتفق وثوابت المملكة الوطنية.

- استهداف إسرائيل مراكز الفكر والدراسات الفلسطينية والعربية لتغييب الوعي العربي، وكان آخرها بتدمير مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال قصف الطائرات الإسرائيلية لقطاع غزة يوم 4/5/2019، وذلك ضمن مخططات الاحتلال الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.

ولاشك فإن المرحلة الراهنة تعد من أخطر المراحل التي تمر بها القضية الفلسطينية نتيجة تزايد الضغوط التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، في ظل تصاعد الحملات الإعلامية التي تشنها إسرائيل والتي تسهم فيها أدواتها التقليدية أو على شبكات التواصل الاجتماعي للتشكيك في مصداقية السياسات العربية المتخذة، ومحاولة النيل من الرموز والقيادات العربية، والتي بلغت حد محاولة اغتيال اسم الرئيس الفلسطيني لرفضه الخطوات التدريجية التى تعلنها الإدارة الأمريكية وقادة الاحتلال الاسرائيلي، لإجباره على تقديم تنازلات تمس الثوابت الفلسطينية خاصة في القدس وقطاع غزة، الأمر الذي يتطلب ضرورة بلورة سياسة إعلامية تسهم بها مؤسسات الإعلام العربي بمختلف فئاته وتوجهاته بهدف مساندة المواقف العربية، ومحاولة التعرف على مواقف وخطط القوى السياسية في إسرائيل، والقيام بجهد للرد على التجاوزات والأكاذيب التى تثيرها الأبواق الإعلامية الاسرائيلية.

وبعيداً عن جلد الذات واتهام مؤسساتنا الإعلامية ومراكزنا البحثية بالتقصير، إلا أن الحقيقة أننا نلمس تراجع الاهتمام بالدراسات الاسرائيلية، في ظل تركيز جامعاتنا على تدريس اللغة العبرية وآدابها، دون الالتفات للدراسات الإسرائيلية واليهودية المعاصرة مما يضعف من قدرة الأجيال الجديدة على فهم واستيعاب المخططات الصهيونية، الأمر الذى دفع الدكتور ابراهيم البحراوي وهو أحد أساتذة اللغة العبرية بجامعة عين شمس لتأسيس منتدى للدراسات الإسرائيلية، وذلك بهدف تحقيق التواصل بين الأجيال، وبناء جيل جديد متخصص في مجال الدراسات الإسرائيلية يمتلك مؤهلات تمكنه من الدراسة المعمقة المتأنية، لإثراء ميدان الدراسات الإسرائيلية بكل فروعه وتخصصاته بالمزيد من المساهمات الرصينة، ومن ثم تسليح الأجيال الجديدة من باحثى حقل الدراسات الإسرائيلية بما يجعلهم جديرين بحمل أمانة الإسهام الجاد علمياً وعملياً في صون مصالح مصر العليا واضطلاعها بالتزاماتها القومية تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية.

ولعل أهم ما يميز تلك الفكرة المبدعة إخلاص القائمين على أداء هذه الرسالة التي نجحت في جذب عشرات الشباب المهتمين بالدراسات الاسرائيلية من داخل وخارج مصر، حيث يشارك في هذا المنتدى شباب من الدول العربية وفى مقدمتهم أشقاؤنا الفلسطينيون الذين وجدوا فى هذا المحفل منبراً للتعبير عن مواقفهم الوطنية، مع استعدادهم لتوظيف أدواتهم الجديدة التى يمتلكون مفاتيح العمل بها، وأهمها شبكات التواصل الاجتماعى ومنصات الإعلام الجديد لتوعية وتثقيف الشباب المصرى والفلسطينى والعربى بطبيعة المخاطر والتهديدات التى يتعرض لها الأمن القومي العربي، وهي رسالة تؤكد إمكانية الاستفادة من تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في تحقيق أهداف الأمن القومي، وتحويلها من وسائل تعمل للإضرار بأمن الوطن ومصالحه الحيوية إلى أدوات تسعى للمتابعة الموقوتة لمراكز الدراسات والبحوث السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية، واختراق إعلام الطرف الآخر بشقيه التقليدى والجديد، والذى يمتلئ بالأكاذيب والدعاية والشائعات التي تستهدف النيل من الحقوق والمصالح العربية، فتحية لجيل الآباء الذى تطوع لنقل خبراته ومعارفه لجيل الشباب، والشكر موصول لجيل الوسط الذي يضحي بوقته وجهده لتحقيق هذه الرسالة الوطنية، خاصة بعد أن أبدت بعض الصحف المصرية والعربية استعدادها لتخصيص بعض صفحاتها لباحثي المنتدى لنشر نتائج الدراسات والتحليلات التي يتم إعدادها أو ترجمتها للمساعدة في تثقيف وتنوير القارئ المصري والعربي وتوعيته بحقوقه المشروعة، بما في ذلك حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

عن "الاهرام"