-خبر-بقلم: جدعون ليفي
21 آب 2015
عاد اسحق هرتسوغ من رام الله مملوءاً بالانطباعات، وسارع الى كتابة اعلان رائع، دون مساعدة الأبوين. "يجب عدم الخوف بل الجرأة"، هذا كان عنوان الاعلان. كانت البقية مخجلة وصبيانية أكثر. وما كان ينقص هو "عدنا الى البيت تعبين لكننا راضون". في بحر الكليشيهات ظهرت جملة "علينا منع الانتفاضة الثالثة. لأن هذا معناه حرب لا هوادة فيها ضد الارهاب، وفي هذا الشأن أنا متطرف أكثر من نتنياهو". آه، آه، "الحرب ضد الارهاب". هرتسوغ سيكون "أكثر تطرفا من نتنياهو". وسيمنع الانتفاضة الثالثة.
يجب أن تتم محاسبة هرتسوغ على هذه الكليشيهات. فماذا قصد عندما قال إنه متطرف أكثر من نتنياهو؟ أكثر عنفا؟ نتنياهو مسؤول عن قتل آلاف الفلسطينيين في غزة، وسيقتل الكثيرين؟ خلال ولاية نتنياهو كان هناك 400 معتقل اداري، وعند هرتسوغ سيكون 1000. نتنياهو يطرد آلاف الاشخاص من بيوتهم تحت الشمس الحارقة، وهرتسوغ سيطرد الكثيرين؟ هرتسوغ زأر في الطريق من رام الله.
ليس هذا هو القصد، سيقول المتحدثون. هرتسوغ أراد أن يقول فقط إنه سيكون متشددا في "الحرب ضد الارهاب" لأنه من غير ذلك لا يمكن الفوز في الانتخابات. اضافة الى ذلك هو يؤيد "العملية"، لكن "الارهاب" لا يمكن القضاء عليه بالقوة، واليسار – وسط لن يتعلم أي شيء ولن ينسى شيئا.
لا يمكن منع الانتفاضة القادمة بوساطة تهديد أي أحد، بما في ذلك هرتسوغ، بل بوساطة تغيير متطرف للاتجاه، الامر الذي لن يحدث هنا أبدا من تلقاء ذاته.
"العملية" لهرتسوغ ليست هكذا. الغاء الاعتقال الاداري مثلا سيمنع "الارهاب" أكثر من الوحدات الخاصة. لكن ليس لهرتسوغ واصدقائه ما يقولونه عن هذا. هل المعسكر الصهيوني مع الاعتقال الاداري؟ ضد؟ إنهم يبحثون مرة اخرى عن الشخص القوي، الذي سيقنع الجمهور الاسرائيلي بأنه سيقضي على "الارهاب" وعلى العرب عموما، ومرة اخرى يضربون رؤوسهم بالجدار.
يبدو أنه ليس هناك فرصة ليتعافى اليسار – الوسط؛ أن يسأل نفسه: لماذا يوجد "ارهاب" فلسطيني، وما هو عمل الجيش الاسرائيلي، اذا لم يكن ارهابا؟ التفكير القديم الذي هو اقناع الجمهور أنه سيضرب العرب مثل اليمين، لن يتخلص منه. اذا كان رئيس المعارضة يعتقد أن الانتفاضة الشعبية يمكن قمعها بالقوة؛ وأنه تكفي "عملية" من اجل وقفها؛ واذا لم يقترح تغييرا ثوريا للقيم والمواقف فلماذا كل هذا العناء؟ يوجد لنا مثل هذه ما يكفي وأكثر.
من اجل "الانتصار على الارهاب بالقوة" لدينا موشيه يعلون. ومن اجل منع الانتفاضة القادمة بوساطة التهديد – "من سيحاول المس بنا سنمس به" و"نحن مستعدون لكل سيناريو" – يكفينا نتنياهو. من اجل القول للفلسطينيين إن انجازاتهم يستطيعون تحقيقها فقط بالقوة – بالخطف وبالاضراب عن الطعام وبصواريخ القسام وليس في المفاوضات – فلا حاجة الى هرتسوغ. لأنهم يعرفون ذلك منذ زمن. ومن اجل تقديم يسار ذي وجهة أمنية فلسنا بحاجة الى هرتسوغ. غابي اشكنازي يقوم بالتسخين من اجل مهمة الأمل الأكثر يأسا التي أوجدها اليسار.
العسكري يقوم بتنفيذ "الرصاص المصبوب"، الشخص الذي دون مواقف (معروفة) لم يسبق أن قال أي شيء عن أي شيء، إنه الأمل الكبير والوحيد للمعسكر المعتدل في اسرائيل. هل يمكن تصديق ذلك؟ لماذا اشكنازي؟ لأنه الوحيد الذي لديه الفرصة لاسقاط نتنياهو. ولماذا نسقط نتنياهو اذا كنا سنحصل على اشكنازي؟.
الى أن تأتي ساعة الحسم، ويخرج اشكنازي من البيضة، سيكون هرتسوغ في منصب اشكنازي. وسيكون قائد الوحدة الخاصة لليسار. وهو سيهدد ويقمع وسيعد بـ "حرب لا هوادة فيها".
هذا أمر مضحك ومحزن في الوقت ذاته.
عن "هآرتس"