في ذِكْرَى النكبة: إن لم نجد من يهزمنا ثانية، هزمنا أنفسنا!

التقاط.PNG
حجم الخط

بقلم: د.دلال عريقات

 

الجامعة العربية الأمريكية

يأتي عنوان المقال من كلمات الراحل الكبير درويش. فهذا الأسبوع، تمر علينا ذِكْرَى النكبة الفلسطينية، وبعد أسابيع ذِكْرَى النكسة ونستذكر مشاهدات التهجير ومفتاح العودة والقرى واللجوء والظلم وكل ما فعلته دولة الاحتلال حتى يومنا هذا؛ فمن جهة نشهد حصار عربي وإقليمي ودولي وإغلاق لمنافذ غزة والضفة مع العالم الخارجي! نشهد هجمات إسرائيلية لئيمة متكررة ولم ينجح أحد في إنقاذ غزة أو إعادة البناء! نشهد إدارة أمريكية متطرفة ابتداء من اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل وتضييق على حقوق اللاجئين وها نحن عاجزون بانتظار تفاصيل الصفقة!

مشاهدات الظلم التي عانى ويعاني منها الشعب الفلسطيني بفعل الأطراف الخارجية كثيرة ولكن حان لنا نواجه ما تسببنا به بأنفسنا، مشهد الانقسام في فلسطين، حان لنا أن نعترف ونسلط الضوء على كارثة جديدة يعانيها الشعب الفلسطيني منذ عام ٢٠٠٧؛ قد نختلف على التسمية، فمن جهة يطلق البعض مصطلح انقسام أو انقلاب أو استيلاء على السلطة ومن جهة أخرى يسميه البعض يوم الحسم ويوم تطهير القطاع من الفساد! سموها ما تشاؤون فالنتيجة واحدة ولا يختلف عليها احد؛ مشاهدات تفضيل مصلحة الحزب على المصلحة الوطنية، نتج عنها انقسام فلسطيني مخز أدى إلى خسارة لشعب بأكمله وضياع للمشروع الفلسطيني بشكل عام.

قبل عدة أعوام كنت أتناقش مع مجموعة من الطلاب لاختيار عناوين لمشاريعهم النهائية في مساق الصراعات الدولية، فصدمني بعض الطلبة بوصفهم لما هو حال قطاع غزة والضفة الغربية ب "الصراع"، فالصراع يتشكل بوجود طرفين، لكل طرف مصالح عند الطرف الاخر وفي حين عدم تلبيتها ينشأ الصراع الذي يكون دمويا بالعادة، ولكني رجوت الطلاب بأن لا يسقطوا مصطلح الصراع وأن يكتفوا علمياً بمصطلح النزاع حيث أن النزاع يتشكل من نفس العناصر ويمكن أن يتحول الى صراع ولكن النزاع يبقى أقل دموية! خلال المساق هذا العام، لم أتمكن من إقناع الطلبة بالاكتفاء بمصطلح النزاع! فللأسف، الحال تعدى ذلك إلى احتواء كل مكونات الصراع؛ نعم لقد شهد الشعب الفلسطيني نكبة ونكسة التهجير والترحيل بسبب الصهاينة والآن نعاني كارثة من صنع أيدينا، لقد وجدنا من نلوم إثر نكبة ١٩٤٨، ونكسة ١٩٦٧ وحان الان أن نعترف ونلوم أنفسنا على مصيبة القرن الواحد والعشرون. لقد تابعنا العديد من الزيارات المكوكية لعواصم عربية وغربية جمعت وفدي المصالحة بوجود طرف ثالث وسيط أملاً في الوصول الى تسوية، لم تعمل هذه الجهود إلا على تبديد الوقت والجهد والاموال والأسوأ من ذلك هو قتل الامال والروح الوطنية الفلسطينية حتى بات الجميع في حالة ترقب وانتظار.

الهوية هي ما نورث لا ما نرث! فلسطين أهم من أي حزب، فلسطين تجمع فتح وحماس وليس العكس، حان لنا أن نستثمر كل الفرص والامكانيات لغرض التحرر وأن نتذكر جميعا أننا أمام محتل واحد، لا بد من مبادرة وطنية قوية وحقيقية تعكس طموحات وتضحيات الشعب الفلسطيني للوقوف في وجه هذه الكارثة التي تسببنا بها لأنفسنا .

نهاية استرجع الراحل محمود درويش المعلم الذي قال: أعجبنا حزيران في ذكراه.....إن لم نجد من يهزمنا ثانية هزمنا أنفسنا!