في ذكرى النكبة... جديد التأييد الأمريكي لـلاحتلال الإسرائيلي

740961533665618.jpg
حجم الخط

بقلم: الدكتور فايز رشيد

 

تتجه الولايات المتحدة إلى مراجعة كافة علاقاتها مع الدول المنتقدة لسياسات «إسرائيل» وتسميتها ب «المعادية لها»، وممارسة المزيد من الضغوط على قادتها وحكوماتها لإجبارهم على التعامل بالتسمية «المناسبة» لـ«إسرائيل»، والتخلي عن سياسة العداء والمقاطعة تجاهها !

فقد ذكر ألان كار، المبعوث الأمريكي الخاص، لمراقبة ما تسميه واشنطن ب «معاداة السامية» في تصريح نقلته عنه وكالة «رويترز»: «إن واشنطن ستراجع علاقاتها مع حكومات وقادة هذه الدول، وستُقرن معاداتها للصهيونية بمعاداتها للسامية، حيث تأخذ «معاداة الصهيونية» حيّزاً كبيراً في مقاربة هذه العلاقات»، دون الكشف عن الإجراءات التي ستتخذها واشنطن في هذا الشأن.

وأعلن هذا المبعوث الذي كان يتحدث من داخل دولة الاحتلال بأنه سيثير هذه المسألة في اللقاءات الثنائية التي سيقوم بها في كل أنحاء العالم، وسيجري محادثات صريحة في هذا الصدد. 
أمریكا تتوعد الدول المناوئة لسياسات «إسرائيل»،وتساوي بین معاداة الصهیونیة ومعاداة السامیة.


التهديد الأمريكي ربما يطال غداً كل دولة تدين العدوان «الإسرائيلي» وتعتبره عداء للسامية لأن واشنطن ترى في الاعتداءات «الإسرائيلية» دفاعاً عن النفس حتى ولو استهدفت الأطفال والنساء ودمرت بيوت المدنيين! المطلوب من كلّ دول العالم وفقاً لواشنطن أن تعترف بأن القدس الموحّدة هي عاصمة للاحتلال وبضم هضبة الجولان العربية السورية ومزارع شبعا اللبنانية ومساحات واسعة من الضفة الغربية، وأن تصفق لـ«إسرائيل» إذا اعتدت أو حاصرت أو ارتكبت المجازر، وبذلك تكون غير معادية للسامية أو الصهيونية.
المنطق الأمريكي يماثل منطق كلّ من فرعون وقراقوش.. نفهم أن توفر واشنطن لدويلة الاحتلال كلّ أشكال الدعم المادّي والعسكري والسياسي وأن تتعهد بحماية أمنها، ولكننا لا نفهم عملها الدؤوب على تسييد المفاهيم والأساطير التلمودية، بما في ذلك العداء للسامية الذي هو اختراع صهيوني بحت، لتسويغ اغتصاب فلسطين وتشريد وتهجير أهلها.


يأتي كلّ ذلك في الذكرى ال 71 للنكبة الفلسطينية التي نعيشها هذه الأيام.

ألا يدرك المسؤولون الأمريكيون أن قيام «إسرائيل»، تمّ من خلال التحالف الآثم بين الحركة الصهيونية والحركة الاستعمارية التي كانت بداية تشكيلها في أوروبا، بعد توفّر فائض من الإنتاج الصناعي، وبدء بروز القوميات، وبدء التوجه لاحتلال دول، وإيجاد أسواق جديدة وتوفير خطوط مواصلات آمنة، وفيما يتعلق بالمنطقة العربية التآمر لزرع دويلة غريبة في فلسطين صديقة للاستعمار ومعادية لسكّان المنطقة لفصل المشرق العربي عن مغربه، وتكون رأس جسر للمخططات والمصالح الاستعمارية في المنطقة وتحول دون توحيد الوطن العربي، وأداة عدوانية ضاربة لكلّ مظاهر تقدمه وتطوره؟

الاستراتيجيون الأمريكيون يدركون كلّ ذلك، لكنهم يزيفون حقائق التاريخ والواقع لصالح دويلة تمثل مصالحهم وأهدافهم وتشكل جزءاً من أدواتهم الضاربة في الشرق الأوسط.
في الوقت الذي يتعاظم حجم تأييد واشنطن لـ«إسرائيل»، وهذه المرّة من خلال محاولة تسييدها للمفاهيم الصهيونية، فإن هناك استراتيجيين أمريكيين ويهود يحذّرون من انعكاسات هذا التأييد الأعمى ل «إسرائيل» وبأنه سيكون وبالاً عليها وعاملاً مهماً في زيادة التناقضات فيها، وصولاً إلى تدميرها من داخلها.

وهؤلاء يطالبون بإزاحة بولتون وبومبيو وصهاينة آخرين من أركان الإدارة الأمريكية، من الذين يحرصون دوماً على إيجاد بؤر حروب، ويدفعون أمريكا إليها دفعاً، في المنطقة العربية أو مع الصين، ومع روسيا وفنزويلا وكوريا الشمالية.

لقد وصل الأمر إلى المطالبة بعزل الرئيس ترامب نفسه، حيث ظهرت مبادرة قدمها برلمانيون ديمقراطيون وجمهوريون ومنظمات تقدمية في واشنطن مؤخرّاً، على شكل عرائض وقعها أكثر من عشرة ملايين شخص، يطلبون من الكونجرس إطلاق إجراءات عزل الرئيس ترامب، حيث وصفت النائبة الديمقراطية رشيدة طليب، ولاية ترامب بال «الحقبة القاتمة» في التاريخ الأمريكي والعالم، وأنه «حان الوقت» للكفاح.

بالاتفاق مع "الخليج"