النكبة الفلسطينية في ذكراها ال ٧١ جرح نازف وعلاج مفقود

60053429_324819378210156_8266184028856516608_n.jpg
حجم الخط

أ.ماهر البسيوني

النكبة الفلسطينية هي مصطلح يرمز إلى التهجير القسري الجماعي لأكثر من ٧٥٠ ألف فلسطيني هاجروا من بيوتهم وأراضيهم بقوة السلاح التي إستخدمته العصابات الصهيونية الإجرامية ,وبدعم بريطاني وأمريكي عام ١٩٤٨ ٠ ولم يكن يوم ١٥ مايو أيار عام ١٩٤٨ هو يوم بداية النكبة للشعب العربي الفلسطيني بل هو اليوم الأخير للنكبة، حيث بدأت نكبة الشعب الفلسطيني قبل هذا التاريخ بعشرات السنين اذا لم نقل بعشرات العقود اي منذ جاء نابليون بونابرت بحملته الفرنسية على مصر وبلاد الشام إذ كان على يديه معالم بداية النكبة للشعب العربي الفلسطيني وذلك عندما دعا لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ولم تنجح دعوته في ذلك الوقت. لتأتي بريطانيا بعدها بوعد بلفور حيث قدم آرثر بلفور وزير الخارجية في بريطانيا وعده المشؤوم للحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وكان ذلك عام١٩١٧ ، ومن ثم كان دور عصبة الأمم المتحدة و التي شرعنت الإحتلال البريطاني لفلسطين بمسمى إنتداب عندما أصدرت صك الإنتداب عام ١٩٢٢ و التي تحتوى جميع بنوده على تسهيل وتهيئة الظروف العسكرية والإقتصادية الإدارية لتنفيذ وعد بلفور ٠ وفي ظل هذه الظروف الصعبة كانت ترسم ملامح النكبة على رجال ونساء وأطفال فلسطين، ولم يستسلم عرب فلسطين لما كان يجرى حولهم من أحداث وكانو يدركون جيدا خطورة المشروع الصهيوني في فلسطين وبدأوا بالثورات والإضرابات والمقاومة المسلحة أحيانا والشعبية أحيانا اخرى وذلك حسب الإمكانيات المتاحة لهم في ذلك الوقت، وكادت هذه المقاومة أن تأتي أوكلها لولا تدخل الزعماء العرب والذي كان معظم مواقفهم تصب في مصلحه بريطانيا بقصد أو بلا قصد نتيجة جهلهم بخطورة المشروع البريطاني الصهيوني في المنطقة٠ ويعتبر يوم ١٥مايو أيار عام ١٩٤٨هو يوم الكارثة الكبرى التي ألمت بالشعب الفلسطيني وبالأمتين العربية والإسلامية ،حيث إعلان ديفيد بن غريون رئيس الوكالة اليهودية قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين العربية والإسلامية هو عباره عن سرقة وإغتصاب للأراضي و المقدسات الإسلامية والمسيحية العربية الموجودة على أرض فلسطين ٠ وبالأرقام نجد أن قيام دولة إسرائيل جاء على مساحة أكثر من ٧٧% من فلسطين حيث تشمل هذه المساحة ما يعادل أكثر من ٢٠ مدينة و٥٠٠ قرية تم هدمها وتدميرها بالكامل والسيطرة على صحراء النقب وطرد معظم القبائل البدوية الموجودة فيها ٠ ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل قامت العصابات الصهيونية الإجرامية بقتل أكثر من ١٠٠٠٠ فلسطيني وبأبشع طرق القتل للشيوخ وكبار السن والأطفال والنساء الحوامل ,وذلك لترويع الأهالي وإجباهم على الهجرة وهذا ما حدث فعلا ,حيث تم تهجير نحو ٧٥٠ ألف فلسطيني حتى يوم إعلان دولة إسرائيل وما تبقى من عرب في فلسطين المحتلة لم يتجاوز ال ١٨٠٠٠٠ألف فقط من أصل أكثر من مليون فلسطيني ،مع أن عدد اليهود في فلسطين لم يتجاوز ٦% من يهود العالم حين إعلان دولة إسرائيل وقد وصل عددهم في ذلك الوقت ٧٥٠ألف وهم الذين وصلوا مهاجرين من دول أوروبا خلال ٣٠عاما التي تلت وعد بلفور ٠ وقد حدث ذلك كله على مرأى ومسمع بل وبدعم الدول التي تدعي الديمقراطية وحق تقرير المصير للشعوب ، وأمام أنظار الأمم المتحدة كان يخلع شعب من بأكمله من أرضه ووطنه ويزرع شعب غريب مكانه ليمحو الأسماء الجغرافية للقرى والمدن العربية وتعديلها بأسماء عبرية والعمل على تهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية وتزوير التاريخ العربي الفلسطيني وتدمير طبيعة البلاد العربية وخلق مشهد طبيعي أوروبي على النمط الغربي ثقافيا وإقتصاديا٠ ليبدأ جرح التهجير واللجوء بالنزيف المستمر منذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا في ظل غياب وفقدان علاج ناجح لهذا الجرح والذي يعتبر الجرح الوحيد في هذا العالم الذي فقد علاجه حتى اليوم على الرغم أن هناك الكثير من المحاولات لإعادة إلتئامه, سواء كانت هذه المحاولات فلسطينية من خلال الثورة والمقاومة المسلحة و التي قادتها منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن تنتهج أسلوب المفاوضات مع الإحتلال الإسرائيلي ٠ أو من خلال المبادرات الدولية التي طرحت منذ خمسينيات القرن الماضي حتى اليوم و التي كانت بمعظمها تسعى لتصفية قضية اللاجئين من خلال التوطين أو الوطن البديل و التي فشلت كلها لأن القضية الفلسطينية هي بالأساس قضيه لاجئين ويجب أن يعودوا لوطنهم كي يلتئم هذا الجرح النازف منذ ٧١ عاما وسيبقى ينزف إلى أن يأتي علاج العودة المفقود منذ قيام دولة إسرائيل حتى اليوم . والسؤال هو إلى متى سيبقى علاج العودة مفقود ؟

بقلم الأسير المحرر/ أ.ماهر البسيوني جامعة الأقصى / الدراسات العليا / دراسات تاريخية معاصرة