-خبر-بقلم: دان مرغليت
22 آب 2015
لا تريد الحكومة ان تعترف بأن الانتفاضة الثالثة باتت هنا. هكذا ايضا تصرفت سابقاتها. فهي لا تودع بسهولة الهدوء بل تميل الى أماني قلبها، في أن يعود هذا الهدوء الى سابق عهده، رغم أعمال الطعن والعبوات الناسفة المتكاثرة بمتواليات هندسية. هكذا رد اسحق رابين (1987) وارئيل شارون حتى حملة السور الواقي في العام 2002.
للحكومة أسباب وجيهة للامتناع عن الاعلان، شريطة أن تكون هي بينها وبين نفسها، داخلها وبين وزرائها، تصف الوضع بعيون مفتوحة بأن الانتفاضة استؤنفت و»الارهاب» ليس مصادفة، وان عليها ان ترد بما يتناسب مع ذلك. حملة «السور الواقي» كانت قصة نجاح، غذت الهدوء في خط التماس الاسرائيلي – الفلسطيني نحو 13 سنة.
اذا كانت الحكومة تفهم ان الانتفاضة دخلت منذ الآن في غيار عال، فإن عليها أن تأمر الجيش الاسرائيلي ان يستخدم يدا من حديد تجاه «الارهاب» – وان تقطع قدر الامكان بين المواجهة المتشددة معه وبين المراعاة لاحتياجات الفلسطينيين في «يهودا» و»السامرة». هذه ليست جملة واحدة، رغم أن «المخربين» نبتوا في المجال الثقافي والاجتماعي للسكان الفلسطينيين العاديين.
وبالتالي ينتج ان على الحكومة ان تتخذ قرارا مزدوجا: انه توجد انتفاضة منذ الآن، وان عليها ان تسعى الى وضع تلجم فيه «الإرهاب» قبل أن يتدهور الى حاجة لحملة عسكرية ناجحة من نوع «السور الواقي».
لنحسن الاعتقال الإداري
عندما كثرت حالات اختطاف الاسرائيليين وابتزت منظمات «الارهاب» لقاء تحريرهم اثمانا لا تدفعها أي دولة، تشكلت لجنة برئاسة رئيس العليا المتقاعد، مئير شمغار، وتقدمت باقتراح قائمة اسعار. ماذا يعطى مقابل المخطوف؟ وما هو مقابل جثة المخطوف؟
اثناء عملها وقفت عند رأيها في أن استنتاجاتها لا تنطبق على المساعي لتحرير جلعاد شاليت، وقد تصرفت على نحو سليم. ولكن هل استنتاجاتها تلزم الحكومات القادمة؟ أم ان الحديث يدور فقط عن علامات على الطريق وخطوط توجيه وتوصيات؟ هذا سنعرفه عندما تقف الحكومة - لا سمح الله - امام معضلة مشابهة.
يبدو أننا بحاجة الآن الى تشكيل لجنة تصيغ استنتاجات ايضا حول المضربين الفلسطينيين عن الطعام. فالظاهرة تتكرر والنتائج ليست ثابتة. ماذا يعني إذا كان محمد علان يعاني من اصابة دماغية فانه سيتحرر؟ ما هي الاصابة؟ كم هي قابلة للتراجع؟ وكيف كانت ستتصرف الحكومة معه لو انه قطع اصابع يده - لا سمح الله؟ او قدمه؟ وربما اذنه؟ ليس للامر نهاية.
النقاش الذي جرى قبل ايام في «العليا» يعطي اساسا لاحساس غريب بأن الحكومة كانت معنية بان تخرج لها محكمة العدل العليا الكستناء من النار؛ وان يحرر قضاتها علان، ويعلن اليمين منفلت العقال بانه ينبغي الصعود عليهم بجرافة، فيما يغسل السياسيون ايديهم متحللين من المسؤولية. ولكن القضاة لم يفهموا الرسالة وقبلوا اقتراحا هو «نصف شاي نصف قهوة». علان معتقل وغير معتقل، حر ولكن ليس حرا؛ إذاً ماذا هو؟ وحسب ماذا تتغير مكانته كمعتل؟ حسب ضغط الدم؟ وتيرة نبضات القلب؟ مستوى السكر في الجسم.
هل سيحرر علان ام لا ؟ مطلوب اجمال متوازن للمسألة. وهو صعب على نحو خاص لأن الفلسطينيين يخصصون مسبقا الاضراب عن الطعام للمعتقلين الاداريين فقط، وليس للسجناء الامنيين الذين ادينوا في المحاكم. وذلك لأن مسألة الاعتقال الاداري قاسية على نحو خاص ومريحة لخلق اجواء معادية لاسرائيل في العالم.
اذا ما تشكلت بالفعل لجنة كهذه، فإني سأقترح عليها النظر في اجراء تحسين ما لنظام الاعتقال الاداري. مثلا، ان تحاول اسرائيل تجنيد مجموعة من القانونيين الدوليين المعروفين والمنحازين ممن يمكن الاعتماد عليهم كي لا يفشوا باسرارها الامنية، وفي كل نقاش كهذا يطلع بعض منهم على سر التفاصيل الاستخبارية التي بسببها تعتقل اسرائيل الفلسطيني المشبوه، ولكنها لا تقدمه الى المحاكمة الكاملة. هذا ايضا سيعفي «العليا» من القرار المحرج الذي يصبح فيه علان والتالون له معتقلين حسب درجة حرارة اجسامهم ومستوى فهمهم.
عن «إسرائيل اليوم»