صفقة القرن... وثلاثية الدولة والقدس وحماس!!

ناجي-شراب.jpg
حجم الخط

بقلم: الدكتور ناجى صادق شراب*

 

عنوان المقال مستوحى من نص صفقة القرن الذى نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" قبل أيام، والذى قيل أنه قد تم تسريبه في أروقة وزارة الخارجية الأمريكية ، ثم تم سحبه. وقد نص الاتفاق وتحت عنوان الاتفاقية على ذكر "فلسطين الجديده" وجاء فيه: سيتم توقيع إتفاقية ثلاثية بين إسرائيل ومنظمة التحرير وحماس ، وستقوم دولة فلسطينية والتي ستسمى فلسطين الجديده على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزه فيما عدا المناطق المقامة عليها مستوطنات.

وفيما يتعلق بالقدس جاء النص: لن تقسم القدس وستكون مشتركه بين دولتى إسرائيل وفلسطين الجديده، وستكون العاصمة لكل من إسرائيل وفلسطين الجديدة، وسيكون سكان القدس مواطنون منتمين لفلسطين الجديدة. ولن يسمح لهم شراء بيوت من اليهود، كما لن يسمح لليهود بشراء بيوت من العرب، كما أنه لن تضم أراض جديده لمدينة القدس وستبقى الأماكن المقدسة كما هو وضعها الحالي.

هنا تبرز العديد من الملاحظات، والتساؤلات وأولها ذكر حماس في المعادلة السياسية الفلسطينية. وماذا لو رفضت حماس؟ وما هي ردود الفعل الفلسطينية المتوقعة ؟ وهل من حرب على غزة قبل أو بعد الصفقة؟

يلاحظ على هذا النص غير الرسمي ذكر إسم دولة فلسطين الجديدة، وتكراره أكثر من مرة. صحيح أن هذه هي المرة ألأولى التي تعلن فيها إدارة الرئيس ترامب صراحة دولة فلسطين ، وهو بلا شك يعتبر تحولا ولو جزئيا في الموقف الأمريكي، ويبدو أنه قد جاء إستجابة للمطلب الفلسطينى بدولة فلسطينية، وأنه لا يمكن التعامل مع صفقة ليس فيها ذكر للدولة الفلسطينية، وأيضا جاء إستجابة للضغوطات العربية من دول بعينها كالسعودية ومصر وألإمارات والأردن، فهذا يشكل الحد ألأدنى للدول العربية للقبول بمناقشة الصفقة قبل موافقة الفلسطينيين عليها.

وقد يكون ذلك إستجابة للمبادرة العربية في حدها ألأدنى، فلن تقبل الدول العربية صراحة إلغاء المبادرة العربية وإستبدالها بصفقة القرن.

وبهذا النص قد تنتزع ورقة الرفض من يد الفلسطينيين، ويصبح موقفهم أكثر صعوبة. اما عن تسميتها بالجديده فهذا يشكل مصادرة لحق الفلسطينيين في تسمية دولتهم. وقد يكون للتسمية قصد سياسى بانها دولة جديدة بكل مواصفاتها ومعاييرها والتي قد تحدد في المفاوضات والتي من ابرزها دولة منزوعة السلاح ، وليس لها سلطات سيادية في المسائل العسكرية والأمنية ، ونزع السلاح ينطبق أيضا على حماس والمقاومة كلها، فالمقصود كل الدولة الفلسطينية في غزة والضفة وهذا قد يكون أحد ألأسباب لذكر حماس، إضافة لأسباب أخرى كما سنرى.

والملاحظة الثانية تتعلق بالقدس، فيبدو النص في الصفقة تكرار لما طرح قبل ذلك من مبادرات وحلول وخصوصا مبادرة الرئيس كلينتون، أي الحديث عن التقاسم الوظيفى وليس السيادى المحسوم لصالح إسرائيل، وعن إمكانية ضم المناطق التي بها كثافة سكانية من الفلسطينيين وتشكيل عاصمة لهم تسمى القدس أساسها أبوديس وبذلك تتخلص إسرائيل من ألإشراف على اكثر من ثلاثمائة الف فلسطيني، الذين سيصبحون مواطنيينن في الدولة الفلسطينية حسب النص المذكور.وقد تمنح الدولة الفلسطينية الجديده سلطات في مجال التعليم والصحة وغيرها.

والملاحظة الثالثة عدم ذكر السلطة الفلسطينية والعودة لمنظمة التحرير يعنى إسقاط اتفاقات أوسلو التي تعتبر من الخيارات الفلسطينية لمواجهة الصفقة ، لأنها تتضمن إلتزامات وقعت عليها الولايات المتحدة.

والملاحظة الرابعة الإستجابة للمطلب الأردني من ناحيتين: ألأولى بقاء الإشرا ف ا لأردنى على المسجد الأفصى ،والناحية الثانية قيام دولة فلسطين الجديدة وعدم ذكر الوطن البديل، ولكن في الوقت ذاته الاحتمالات مفتوحة مستقبليا على قيام الكونفدرالية او الفيدرالية بين فلسطين الجديدة وألأردن لسبب بسيط أن هذه الدولة لا تملك مقومات البقاء، ومسائل الحدود وألأمن وهي التي يمكن التعامل معها من خلال الأردن، وأخيرا مسألة توطين اللاجئيين والعدد ألأكبر منهم في ألأردن.

ويبقى أخيرا لماذا تم ذكر حما س؟وماذا لو رفضت ؟

الملفت ان ذكر حركة حماس يحمل أكثر من دلالة إعتراف بدور حركة حماس وقدرتها على ضبط الحدود مع إسرائيل، وأن العملية التفاوضيه لا تكتمل إلا بموافقة حركة حماس، والدلالة ألأخرى وهذا ما يقلق قد يكون تأصيل لظاهرة الإنقسام السياسى وتهيئتها للتحول لكينونة سياسية مستقله،وقد يحمل رسالة لحماس عليها أن تلتقطها. وماذا لورفضت حركة حماس، وهذا إحتمال قوى؟

هنا قد يبرز خيار الحرب على غزة بهدف إزالة أي معيقات في طريق تنفيذ الصفقة. والمتوقع ان تسيِّر حماس مسيرات رافضه قوية وما قد ينجم عنها من تدهور خطير يتحول لحرب شامله. وقد يسبق الحرب إعلان الصفقة بهدف ترويض حركة حماس والضغط عليها.

والوضع ليس أحسن حالا بشأن السلطة في الضفة الغربية، التي لم يرد لها نص مما يعنى الإعلان الصريح عن إستبدالها بمنظمة التحرير ونهاية دورها ووظيفتها، والعمل على إلغائها وإستبدالها بدور منظمة التحرير في الفترة الإنتقالية تمهيدا لقيام دولة فلسطين الجديدة.

لذلك فإن مواجهة الصفقة يحتاج إلى اشتباك إيجابى معها وهو موضوع المقالة القادمه.

* استاذ علوم سياسية - غزة