بقلم: ثائر نوفل أبو عطيوي

مؤتمر المنامة بين الواقع السياسي والدبلوماسية الفلسطينية

ثائر نوفل أبو عطيوي
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

خصصت الساحة السياسة الفلسطينية على المستويين الرسمي والفصائلي مساحات واسعة من التصريحات الإعلامية لمؤتمر المنامة الذي سيعقد نهاية أواخر يونيو – حزيران المقبل في البحرين، تحت عنوان "ورشة السلام مقابل الازدهار" وأفردت لهذا الحدث الكثير من التعليقات والتي كان مضمون محتواها رفض المشاركة في مؤتمر البحرين جملةً وتفصيلاً، حتى وصل المضمون فلسطينياً إلى تحريم الحضور وتجريمه على حد سواء.

المستوى السياسي الرسمي المتمثل في السلطة الفلسطينية أعلنت موقفها الرسمي المسبق من عدم المشاركة قبل أن توجه دعوة رسمية لها لحضور المؤتمر، وهذا يعد خطوة استباقية تعود بالأساس إلى الموقف الرسمي الفلسطيني من سياسة الإدارة الأمريكية اتجاه القضية الفلسطينية ونظرتها إلى مفهوم السلام في الشرق الأوسط على حد زعمها...!؟

بصراحة وأكثر وضوحاً لم يعد الأمر خافياً أن سبب رفض المستوى السياسي الفلسطيني الرسمي لا يتعدى كونه فشل في إدارة الدبلوماسية التي تعد النافذة الفلسطينية على العالم الخارجي بأسره، وعجزها عن تقديم رؤية سياسية واضحة لإدارة الصراع مع الاحتلال من خلال حراك سياسي دبلوماسي يضمن استمرارية بقاء القضية وعناوينها الرئيسية على طاولة المحافل الدولية ومحل اهتمامها.

حالة التيه والتذبذب في إدارة الموقف السياسي الرسمي في ظل انقسام فلسطيني طال أمده ، جعل الارتباك والعجز في إدارة المواقف الوطنية واضحاً على كافة الصعد والمستويات، فلا يجوز أن يكون التنسيق الأمني فاعلاً مع الاحتلال من جهة، وبقاء أبواب التنسيق والتشاور مع الإدارة الأمريكية مفتوحاً من جهة أخرى، ويتم رفض مؤتمراً عربياً لدعم الاقتصاد الفلسطيني ، وحتى ولو كان تحت رعاية وإدارة أمريكية من ألفه إلى ياءه ...!؟، لأن تحديد الموقف الرسمي الفلسطيني لا بد أن يكون في هذا المقام واضحاً مبني على أسس موضوعية مقنعة ، البعيدة كل البعد عن المزاجية السياسية والتركيبات المحورية الإقليمية ذات الأجندات الخاصة والمتنفذة التي لا تصب في مصلحة القضية الفلسطينية.

الموقف الرسمي للفصائل والأحزاب الفلسطينية عامة اعتمدت حالة الرفض المطلق لمؤتمر المنامة لاعتبارات عديدة، من أهمها أن "ورشة السلام مقابل الازدهار" لا تقوم في تفاصيلها على تناول القضية الفلسطينية ضمن البعد السياسي، وتركيزها على الجانب الإنساني والاقتصادي لشعبنا وخصوصاً في قطاع غزة.

ما لا شك به أن مؤتمر المنامة المزمع عقده أواخر الشهر القادم يقوم على رؤية اقتصادية بحتة لمعالجة الشأن الفلسطيني  العام برؤية أمريكية تحاول أن تكون وفق تعاون ودعم عربي إن جاز التعبير، وغطاء إقليمي للنية الصهيو أمريكية المبيتة مسبقاً وفق برنامج مخطط ومعد له بحكمة واتقان وفق موازين سياسية عالمية.
 
في نظرة سريعة على الواقع السياسي العربي نجده ليس بأفضل حال من الواقع السياسي الفلسطيني ، فهناك الكثير من المعوقات والمشاكل التي تجعل من الموقف العربي موحداً وواضحاً تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، لأسباب متعددة ومتشابكة من أهمها عدم وحدة رؤية الموقف العربي بشكل عام في ظل الحروب والنزاعات واختلاف الرؤى والسياسات العربية ، وعجز الدول العربية باتخاذ قرار سياسي موحد وواضح نحو القضية الفلسطينية ومعالم الصراع مع الاحتلال ، في ظل انفتاح عربي ملحوظ على المجتمع السياسي الإسرائيلي ، لذي يصل إلى حد التطبيع دون الإعلان عن تسميته تطبيعاً بل لقاءات تزاورية وفق رؤية بعض الدول  العربية...!؟

المجمل العام والقراءة الموضوعية لورشة " السلام مقابل الازدهار" التي ستعقد نهاية الشهر القادم في المنامة بدعم أمريكي ملحوظ وحضور عربي مؤثر وغياب المؤسسة الرسمية الفلسطينية عن الحضور لحتى اللحظة، ربما لإعلان موقفها المسبق والمتسرع من وجهة نظر عربية، واستباقها للحدث ضمن ردة فعل قد تندم عليها المؤسسة الرسمية الفلسطينية لاحقاً...!؟

حالة التيه والفراغ السياسي الذي تشهده الساحة الفلسطينية برمتها وبكافة مشتقاتها وتفاصيلها ، في ظل انقسام سياسي بغيض وعدم المقدرة على استعادة الوحدة الوطنية التي طال انتظارها من جهة ، وفي ظل غياب الموقف العربي الموحد اتجاه معالجة المحاور الرئيسية المفصلية لقضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أسس تعتمد في موقفها على المواثيق الدولية التي أعطت لشعبنا الشرعية عبر القرارات الأممية المتعلقة في الصراع وحق شعبنا بالحرية وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية من جهة أخرى ، يجعل الأمر أكثر صعوبة وأشد تعقيداً على الواقع الفلسطيني والعربي  ، في كيفية المقدرة على اتخاذ خطوات أولية على طريق بناء موقف من جديد يحدد الرؤية والهدف لفكرة حل الدولتين على أساس الحل الشامل والعادل وفق رؤية تفاوضية سلمية تتقبل فكرة أن الانسان الفلسطيني يستحق الحرية ودولة مستقلة .

رغم الحاجة الملحة للاجئ الفلسطيني لمعالجة سليمة لواقعه الإنساني الاقتصادي، وضمان حياة كريمة بكافة تفاصيلها، إلا أنه لا يمكن القبول ولو قيد أنملة أن تكون المعالجة الإنسانية الاقتصادية للإنسان الفلسطيني على حساب واقعه السياسي ومعالم قضيته العادلة وفق المشروع الوطني المستقل على طريق الحرية والاستقلال، لأن شعبنا وعبر سنين نضالاته وثورته المعاصرة التي مازالت مستمرة، يسعي جاهداً وبكل ما أوتي من قوة لتحقيق حلمه الذي يعيش من أجله، والذي يتلخص في عدالة وحرية ودولة مستقلة.

رسالتنا ...

رسالتنا الوطنية للأشقاء في البحرين وللأحبة من أبناء العروبة الذين سيحضرون ورشة " السلام مقابل الازدهار" تتلخص في وجوب موقف عربي واحد وموحد  ، يعلن بأن هناك شعب يتطلع بعين الأهمية والاعتبار إلى رفع ظلم الاحتلال عن جسده المثخن بالجراح والمثقل بالكوارث والمحن جراء انحياز الإدارة الأمريكية للاحتلال صاحبة العلاقة وفكرة ورشة " السلام مقابل الازدهار " لأنه وطنياً وعربياً لا سلام دون تحقيق العدالة الإنسانية التي تقوم على نبذ الظلم والدعوة بشكل رسمي وموحد في ضرورة خلاص شعبنا من جبروت المحتل وحقه في الحرية وإقامة دولته المستقلة ، ووصول الرسالة العربية الوطنية للإدارة الأمريكية بوضوح أن السلام العادل يقوم على الحرية والاستقلال الذي يأخذ  السلام إلى طريق الاستمرار والازدهار.