أعلنت القوى السياسية والمعارضة والتجمعات المهنية السودانية، عن انطلاق العصيان المدني الشامل والمفتوح بدءًا من اليوم الأحد، ويستمر حتى تسليم المجلس العسكري الانتقالي السلطة لحكومة مدنية.
وأكد تجمع المهنيين السودانيين الذي أطلق الحركة الاحتجاجية في السودان، في بيان اليوم الأحد، على أن العصيان المدني سيبدأ اليوم ولن ينتهي إلا بقيام حكومة مدنية، بإذاعة "إعلان بيان تسلم السلطة" عبر التلفزيون السوداني.
ومن جانبها، أعلنت عديد من النقابات المهنية دعمها للعصيان المدني الشامل المتوقع اليوم، ودعا تجمع أساتذة الجامعات، الطلاب وأعضاءَ الهيئات التعليمية في الكليات إلى رفض قرارات المؤسسات التعليمية التي أعلنت استئناف الدراسة.
كما جددت لجنة صيادلة السودان المركزية التزامها بالعصيان المعلن. وقالت اللجنة إن العصيان يشمل القطاعات العامة والخاصة، باستثناء أقسام الطوارئ وفروع صيدليات الصندوق القومي للإمدادات الطبية في العاصمة.
وجاءت الدعوة للعصيان المدني المنتظر غداة زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للخرطوم، لعرض وساطة بين قادة الاحتجاجات والمجلس العسكري الذي يحكم السودان منذ الإطاحة بعمر البشير في 11 أبريل.
ويأتي كذلك بعد خمسة أيام من فض قوات الأمن بشكل عنيف اعتصاما نظم منذ 6 أبريل أمام مقرّ الجيش في الخرطوم، بعدما توسعت حركة الاحتجاجات التي انطلقت في ديسمبر الماضي ضد حكم الرئيس المعزول عمر البشير.
وفي بيان صدر عن تجمع المهنيين السودانيين، قال، إن العصيان المدني الذي يسعى لتنفيذه ابتداء من اليوم يهدف لشل الحياة العامة تماما، حتى يفقد النظام سيطرته التي يحاول فرضها من "من خلال مجرمي مليشيات جهاز الأمن والجنجويد".
وأضاف البيان أن العصيان يعني ألا أحد سيدفع أي نقود "لخزينة النظام المتجبر"، ولا أحد سيستجيب أو ينصاع "لأوامر النظام الفاسد المجرم"، وفقا للبيان.
وأشار، إلى أنه يشمل أيضا البقاء في المنازل والامتناع عن العمل أو التعامل بأي شكل من الأشكال مع النظام القائم.
وقبيل ساعات من بدء سريان العصيان المدني، قالت مصادر في تجمع قوى إعلان الحرية والتغيير إن الترتيبات اكتملت -لبدء العصيان الشامل- عبر لقاءات مباشرة مع القواعد وعن طريق الرسائل النصية، لحشد مشاركة المعلمين والطلاب في العصيان باعتباره إحدى الوسائل السلمية للضغط على العسكر من أجل تسليم السلطة وإقامة نظام حكم مدني ديمقراطي.
وأكد عوض شيخ أحمد -من لجنة معلمي شرق النيل- على أن شباب الأحياء (لجان المقاومة) ينفذون توجيهات قوى الحرية والتغيير في إغلاق الطرق الرئيسية والفرعية، ويهيئون السكان للبقاء داخل الدور أطول فترة ممكنة خلال فترة العصيان.
وانشغل سكان العاصمة في الخرطوم خلال ساعات ما قبل بدء العصيان المدني في شراء المواد الغذائية من المتاجر، كما تراصت السيارات أمام محطات الوقود، مما ينبئ بأن أزمة المحروقات بدأت تطل برأسها.
ونقل عن الناشط السياسي عماد الدين بابكر قوله إن إفراط المجلس العسكري الانتقالي في استخدام العنف ضد المدنيين هيج مظاهر المقاومة ضده داخل الأحياء، مما سينعكس لاحقا لصالح نداء العصيان.
فالمجلس -من وجهة نظر بابكر- جلب لنفسه ومن حيث لا يدري متاعب كثيرة عندما أدخل الخدمة المدنية في إجازة طويلة لعيد الفطر، مما شكل ما يشبه التمرين للسكان على الاعتصام داخل البيوت.
كما أن قطع خدمة الإنترنت جعل المواطنين يتسمرون أمام شاشات التلفزيون لمشاهدة مقاطع مؤثرة تصور فظائع الجنجويد في قتل وإهانة المواطنين العزل.
واستباقا للعصيان، لجأ المجلس العسكري إلى تفعيل دور النقابات بعد أن حلها في بداية عهده بالسلطة، لكنه أعادها إلى العمل تحسبا لتلويح قوى التغيير باستخدام سلاح الإضراب والعصيان.
ويرى بشرى الطيب المهندس الزراعي والقيادي في قوى التغيير أن هذه الخطوة من جانب المجلس لن تمكنه من إدارة مؤسسات الدولة بواسطة منسوبي النظام القديم.
ويؤكد الطيب أن مداومة من يسميهم "أصحاب الامتيازات" على العمل لن تكسر العصيان، لأن لجان التنسيق داخل القطاعات المهنية تتحسب لذلك وتعتبر أولئك النفر جزءا من الثورة المضادة.
وما يشجع قوى التغيير على المضي قدما في طريق التصعيد حتى بلوغ العصيان الشامل، أن سلطات المجلس تواصل حملة اعتقالاتها للناشطين رغم إعلانها قبول وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي، مما يؤكد -على حد تعبيره- على ضعف خيال المجلس العسكري في إدارة المفاوضات.
يذكر، أن المجلس العسكري ألقى القبض على النقيب عادل المفتي رئيس شعبة النقل الجوي، وهي شعبة شاركت بفعالية في الإضراب الأخير، وجاء الاعتقال في سياق التصعيد واستعدادا لما يتوقع من شلل للحياة في العاصمة.