فلسطين تعيش حالة فريدة

اشتية: هذا هو المخرج الأساسي من الأزمة المالية والبطالة!

محمد اشتيه
حجم الخط

جنيف - وكالة خبر

شارك رئيس الوزراء محمد اشتية اليوم الأربعاء، في فعالية الذكرى المئوية لإنشاء منظمة العمل الدولية، في مدينة جنيف السويسرية.

وأكّد اشتية على أنّ المخرج الأساسي من الأزمة المالية وأزمة البطالة هو مخرج سياسي متعلق بمدى سيطرة الإنسان الفلسطيني على موارده ومدى قدرته على الوصول إلى مناطق التطوير المغلقة أمامه، والتي تشكل 62? من مساحة الضفة الغربية، والتي تعتبرها إسرائيل خزانا جغرافيا لتوسيع المستعمرات اليهودية هناك. وكذلك لا بد من رفع الحصار عن قطاع غزة وتمكين العمال من التنقل داخل سوق العمل الفلسطينية".

وقال اشتية: إنّ "فلسطين تأمل من منظمة العمل الدولية أن تتابع أوضاع العمال الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلي، ومتابعة القضايا المتعلقة بحقوقهم وتعويضاتهم".

وأشار إلى أن سلطات الاحتلال "تنفق بعض حقوق العمّال على بناء حواجز عسكرية على المعابر أقل ما يقال عنها إنها عنوان إذلال وإهانة، اضافة إلى الاقتطاعات من رواتبهم والتي تصل ثلث الراتب ولا يستفيد منها العمال شيئا يذكر".

وأضاف رئيس الوزراء: "نأمل من الحضور وأطراف الشراكة الثلاثة والمنظمة أن تساعدنا من أجل حصول عمالنا على ظروف عمل لائقة، وحماية الكرامة الإنسانية من خلال: معابر إنسانية نحو إسرائيل، ووقف تجارة تصاريح العمال والتي تكلف الكثير، وأن تتعامل إسرائيل مع العناوين الرسمية في السلطة لهذا الغرض وليس عبر السماسرة، وتوفير السلامة العامة للعمال وخلق ظروف عمل إنسانية تحفظ كرامتهم، وضمان تحويل مستحقات العمال لأنها استحقاقات فردية لهم، وتحاول السلطة مساعدتهم بتحصيلها".

وتابع اشتية: "فلسطين تؤكد كامل التزامها بجميع المواثيق والمعاهدات الموقعة من قبلنا والمتعلقة بالإنسان وحق التنظيم والإدارة السديدة، والأهم هو الأمر المتعلق بالحماية الاجتماعية. إن حياة الفلسطيني مبنية على الحوار، سواء السياسي أو الاجتماعي".

وأردف: "فلسطين تعيش حالة فريدة، فهي لا تزال تحت الاستعمار العسكري الكولونيالي ولا تسيطر على مقدراتها الاقتصادية ولا معابر أو ومخارج حدودها. وفيها تحاصر إسرائيل جميع عوامل الإنتاج: من أرض ومياه وتكنولوجيا ورأس مال وغيرها، بالإضافة الى مخططات استعمارية قائمة على مصادرة الأرض ودفع المزارعين منها نحو العمالة وبيع قوة عضلهم في سوق العمل الإسرائيلي الذي يشكل قوة جذب. إن مصادرة الأراضي قد أدت إلى تحول المزارعين من ملاك أراضٍ ومساهمين في العملية الانتاجية إلى بروليتاريا رثة".

وأكمل حديثه: "يعمل العمّال الفلسطينيون في إسرائيل تحت ظروف صعبة ومعقّدة، تفتقر إلى شروط السلامة الأساسية، حيث توفي 25 عاملا فلسطينيا في إسرائيل العام الماضي وحده. إضافة الى ابتزازهم ماليا من خلال بيع تصاريح العمل، التي تمكنهم من دخول سوق العمل الإسرائيلي، بحوالي 700 دولار شهريا، وفوق هذه الظروف اللاإنسانية يضطر العمّال لاجتياز الحواجز اليومية التي تقيمها اسرائيل على مداخل المدن. ولهذا لا بد من توفير بيئة آمنة لهؤلاء العمال".

وشدّد اشتية في معرض كلمته على أنّ "فلسطين تعاني جدياً من حدّة الفقر والبطالة خاصةً في قطاع غزة بسبب الحصار، حيث وصلت إلى نسبة 52?، وفي الضفة إلى 18? لعدم الوصول الى عوامل الإنتاج بسبب إجراءات الاحتلال. وقد بلغت أعلى مستويات البطالة في فئة الشباب لتصل حوالي 54?، خاصة الواقعين في الفئة العمرية بين 19 و29 عاماً، الذين في معظمهم من خريجي الجامعات. كما أن سوق العمل يجحف بحق النساء حيث لا تتعدى مشاركتهن أكثر من 19? من مجموع القوى العاملة".

ولفت إلى أنّ الحرب المالية التي تُشن على وكالة الامم المتحدة لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وعلى السلطة الفلسطينية، وإلى إجراءات إسرائيل بخصم أموال الشؤون الاجتماعية التي تدفعها السلطة الفلسطينية لأيتام الشهداء وأسر الأسرى بما يخالف اتفاق باريس الاقتصادي، الموقع بين السلطة الوطنية وبين إسرائيل، لتجعل الأمر أكثر صعوبة وأكثر تعقيداً.

وقال: "لم نستطع على مدار الأشهر الماضية أن ندفع إلا 50% من رواتب الموظفين بسبب تلك الإجراءات، والناس صابرة لأن الأمر يقع في خانة الكرامة الوطنية.. وهذه الحرب المالية هدفها فرض حل سياسيّ تحت مسمى صفقة القرن، التي ترفضها القيادة الفلسطينية لأنها تجحف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقّ تقرير المصير للعيش في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس".

وعدّ رئيس الوزراء أنّ هذه الأوضاع قد حدّت من قدرة الاقتصاد الفلسطيني على توليد فرص عمل، حيث يحتاج إلى خلق حوالي 50 ألف فرصة عمل سنويا، في حين لا تسمح الظروف والإجراءات الإسرائيلية إلا باستيعاب عشرة آلاف فرصة عمل سنويا، بما يراكم البطالة ويجعل لها تبعات سياسية واجتماعية خطيرة"، مشيراً إلى أنّه وفي هذا السياق، أنه لأول مرة منذ ثلاث سنوات تمت مساواة رواتب العاملين في قطاع غزة وفي الضفة الغربية لتصبح واحدة.

واستدرك: "على ضوء ما تقدم، فإن الحكومة الفلسطينية تعمل جاهدة على إعادة صياغة التركيبة الاقتصادية الفلسطينية والابتعاد بالتدريج عن التبعية الكولونيالية التي فرضها واقع الاحتلال، نحو استراتيجية فك الارتباط عن الاقتصاد الاسرائيلي، وتطوير المنتوج الوطني نحو الاعتماد على الذات من خلال إحلال الواردات. وإن مثل هذه الاستراتيجية سوف تمكّننا من التركيز على القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية بما يخلق فرص عمل وتوليد الدخل ورفع القدرة الشرائية للمواطنين، ويساعد في معالجة الاختلالات في سوق العمل".

وأوضح اشتية أنّ الحكومة تبنت استراتيجية التنمية بالعناقيد من أجل خلق تنمية متوازنة بين مختلف المناطق الجغرافية، وإحداث تراكم على الميزة المقارنة والميزة التنافسية لكل منطقة في الأراضي الفلسطينية، وأنّ مثل هذه الاستراتيجية سوف تمكن من الانفكاك من التبعية لإسرائيل، وتمكن من إحداث تنمية أفقية في البنى التحتية المادية والاجتماعية وتنمية عمودية ذات اختصاص في مختلف القطاعات الاقتصادية، الإنتاجية والخدماتية.