أسبوع حاسم فلسطينياً لإسقاط «الورشة» و«الصفقة»

عبد الناصر النجار.jpg
حجم الخط

عبد الناصر النجار

تتهيأ البحرين لاستقبال المشاركين في الورشة الأميركية الاقتصادية، فيما يتهيأ الشعب الفلسطيني لمسيرات ومواجهات لإفشال المؤامرة.
الفريق الأميركي بقيادة جاريد كوشنير، صهر الرئيس ترامب، يأمل أن تكون البحرين المحطة الأولى والمدخل الرئيس لإعلان صفقة القرن المتعثرة، التي أعلن عن تأجيلها أكثر من خمس مرات، لعدم قدرة واشنطن على حشد الدعم اللازم لها بحده الأدنى، أو لحماية رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال إجراء انتخابات الكنيست قبل شهرين أو الإعادة بعد 3 أشهر تقريباً.
الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية والمهجر يستعد لأسبوع حار جداً، وهو بين خيارين لا ثالث لهما، أما المواجهة وإما الاستكانة... والخيار الأخير لا وجود له بعد أن قرار القيادة والشعب مواجهة المشروع الأميركي الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
المواجهة السياسية الفلسطينية بدأت منذ اليوم الأول لطرح الأفكار الأميركية حتى قبل أن تتبلور على شكل صفقة، حيث بدا واضحاً الانحياز الأميركي الكامل لمشروع الاحتلال، وبذل «الثلاثي» (كوشنير وغرينبلات وفريدمان) جهوداً مكثفة لتمرير أفكارهم التي جاءت على يمين المستوطنين. 
الموقف الفلسطيني ظل ثابتاً وأساسه الشرعية الدولية، وليس شريعة القوة والتجويع.. مرتكزاً في ذلك إلى أن الحل يجب أن يقوم على أساس الدولتين والقدس الشرقية بما فيها البلدة القديمة عاصمة الدولة الفلسطينية وليس أبو ديس أو أي قرية مجاورة، مع التأكيد على حل عادل للاجئين الفلسطينيين والحدود. 
وعلى الرغم من الضغوط الهائلة التي مارستها واشنطن بشكل مباشر أو غير مباشر واتخاذها خطوات أحادية مدمرة على صعيد نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس المحتلة أو الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال أو وقف تمويلها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وقطع آخر دولار من المساعدات عن الشعب الفلسطيني، فإن الموقف الوطني تجذر وأصبح أكثر وضوحاً «لن نبيع الأرض والوطن بالمال».. وتقدم خطوة  أخرى بالضغط الفلسطيني على دول الإقليم من خلال التأكيد على أن الصفقة والورشة أيضاً مجرد مؤامرة على الشعب الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني بقواه السياسية والاقتصادية موحد ضد المؤامرة.. وأول مرة منذ سنوات لم نر أثراً للانقسام في قرار المواجهة.
المسيرات الحاشدة التي ستعم الضفة الغربية وقطاع غزة بالتزامن مع إضراب عام في الخامس والعشرين من الجاري بالتزامن مع انعقاد ورشة البحرين رسالة واضحة لكل الأطراف مفادها أنه لا حل دون موافقة الفلسطينيين. 
وهنا مطلوب من الفصائل والقوى وعلى رأسها حركة فتح تعبئة الجماهير حتى تكون الرسالة مؤكدة على أن الضغط الأميركي لن يفلح في تمرير الصفقة.
مسيرات الأيام المقبلة يجب ألا تقتصر على مراكز المدن وإنما يجب أن تمتد إلى كل المناطق، مدن وقرى ومخيمات، ليتأكد العالم أن القرار الفلسطيني يملكه الشعب الفلسطيني ولا أحد غيره. وبناء على ذلك سيتقرر شكل الوضع الفلسطيني في المرحلة المقبلة.. خاصة أن المؤشرات تؤكد أن صفقة القرن تترنح وأن الفلسطينيين بمواقفهم الثابتة أنزلوا ضربات قاضية بها، وإن ظل فيها بقية من روح.
بالنسبة لورشة البحرين ومن خلال البرنامج المعلن وقائمة الحضور فإنها لن تقدم الكثير بل تحمل بذور فشلها.. حتى إن الدول المشاركة في معظمها ليست حاضرة عن قناعة بالورشة ولا مخرجاتها، بل بسبب الضغوط الأميركية الكبيرة، ولذلك جاءت المشاركة منخفضة المستوى أو غير فاعلة، ما يعني أنها لن تمارس أي ضغط على الفلسطينيين مستقبلاً.
وبالنسبة للمغرب والأردن فالأمر واضح. فقد خرج الآلاف أمس في عمّان منددين بالصفقة ومؤكدين موقف الأردن ملكاً قيادةً وشعباً في مساندتهم للشعب الفلسطيني ورفضهم ما يتعارض مع مصالحه. أما المغرب فقد قررت الأحزاب الرئيسة تنظيم تظاهرة حاشد في الرباط تنديداً بالمؤامرة.
لا شك في أننا بحاجة اليوم إلى إعادة تفعيل القوى العربية القومية والديمقراطية لتكون سنداً قوياً للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الخطيرة ومن أجل رفع الصوت ضد أي توجهات تسهل الوضع على الإدارة الأميركية.
وبالنسبة لوهم الحل الاقتصادي، فلا تزال اتفاقية أوسلو ماثلة أمامنا عندما انهالت الأموال من كل حدب وصوب على الأراضي الفلسطينية بحجة التنمية، وتحدثوا عن سنغافورة جديدة في المنطقة، ولكن بعد أكثر من عقدين من الزمن ماذا حصل؟ الأوضاع الاقتصادية أسوأ مما كانت عليه قبل أوسلو ومؤشرات الفقر والبطالة في ارتفاع، وكثير من المشاريع دمرتها جرافات الاحتلال مع أنها أقيمت بأموال المانحين.
مسيرات الأسبوع الجاري والمشاركة فيها أكثر من ضرورية لإفشال الورشة والصفقة بشكل نهائي حتى لا يكون هناك بديل مسخ عن الحل العادل والدائم إذا ما أريد للمنطقة أن تعيش بسلام وازدهار حقيقيين.