معادلة .. يا حرام

22.PNG
حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

يا حرام .. "الطائرة الامريكية الاكثر تطورا في المجالات التجسسية في العالم، كانت فوق المياه الدولية عندما اسقطتها القوات الايرانية". وعند هذه الجملة الخبرية، التي تتناقلها كل الوسائل الاعلامية بكل لغات العالم ، يبدأ السياسيون والعسكريون والاقتصاديون والصحفيون والمحللون، نسج مواقفهم مما يجب على الادارة الامريكية فعله ازاء ايران ، كرد على اعتدائها على الطائرة النوعية التي قيل ان سعرها يصل الى مئتي مليون دولار، هذا بالرغم من ان ايران صورت لحظة اسقاطها انها دخلت مجالها البحري الاقليمي في خليج عربي ايراني وعثورها على بعض حطامها، وهي القادمة عبر بضعة محيطات كي تمارس مهماتها التي صممت من اجلها، وهي مهمات اقل ما يمكن ان يقال فيها وعنها انها "قذرة" في كل الاعراف العالمية عبر التاريخ الانساني كله ، بما في ذلك امريكا نفسها التي تحاكم جواسيسها بالاعدام والسجن المؤبد ، بمن فيهم جوناثان بولارد الذي كان يتجسس لصالح محظيتها اسرائيل .

طائرة مسيرة واحدة ، من ضمن عشرات المسيرات ، في قواعد عسكرية امريكية تضم مئات المقاتلات والدبابات والصواريخ المجنحة وقاذفات قنابل تقليدية وذكية وبيولوجية ونووية وعشرات الاف الجنود في اكثر من عشرين قاعدة ، ناهيك عن اساطيل تضم غواصات وبوارج و زوارق حتى وصل الامر الى ارسال حاملة طائرات اسمها "جورج واشنطن" فتدخل الخليج فيما يسمى مياهه الدولية .

بالطبع ، لا يقف الامر عند هذا الحشد في المياه الدولية ، بل سبقه سلسلة قرارات عقوبات اقتصادية على ايران وكل من يتعاطى مع بضائعها واسواقها (صادرات وواردات) ، كي يصل الامر بها أن تشرب نفطها ، كما قال احد صقور أمريكا ، ما يذكر بما قاله احد كتابها لدى غزو العراق : منذا الذي زرع بترولنا تحت رمالهم .

الرد الايراني باسقاط هذه الطائرة النوعية كان ردا نوعيا ، لم تعهده امريكا في منطقتنا العربية منذ تاريخهما – المنطقة وامريكا معا – وهو ما يمكن ان يشكل نقطة التحول في تاريخ الصراع العربي الامريكي بين المستعمر بكسر الميم والمستعمر بفتحها، وهو ما كشف ستره واسقط ورقة توته عن عورات انظمتنا الرئيس دونالد ترامب ، ليس فقط من خلال صفقة قرنه التي يمنح فيها درة تاج عروبتنا واسلامنا، مدينة القدس، عاصمة ابدية لاسرائيل فحسب، بل من خلال "لازمة الدفع بدل الحماية" ما ردده طوال حقبته لملوك النفط : king pay ، ما جعل الملك يرد عليه مستنكرا: وهل نحن لا ندفع ؟ كان ذلك بعد مشاركته قمتهم عربا ومسلمين في الرياض وحصل على ما يقارب نصف ترليون دولار ( 460 الف الف مليون) ........ يا حرام .

الاساطيل والقمع شيء يكمل شيئا..

"كما يتنامى الكساد على عملة تالفة

بالدبابيس والصمغ هذي الدمى الوطنية واقفة

قربوا النار منها ، لا تخدعوا انها تتغير، لا يتغير منها سوى الاغلفة

سيقوم من الجرح أكثر عافية وطني بجراحاته النازفة

ايها الدم العربي لماذا سفكت ، وواجبك العسكري فلسطين ،

انت اجب ايها الدم يا سيد المعرفة ... "

مظفر النواب .