ورشة المنامة وسبل التصدي لمخرجاتها

التقاط.PNG
حجم الخط

محسن أبو رمضان

 

تعتمد صفقة ترامب على الاقرار بالوقائع المادية على الارض واعتبارها وقائع مشروعة أي نقلها من حالة عدم الشرعية إلى الاعتراف بشرعيتها في تجاوز للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة.

بالرغم من وجود العديد من القرارات التي  تقر بالقدس واللاجئين والأراضي المحتلة عام 1967  بما أنها حقوق للشعب الفلسطيني مثبتة بقرارات وتشريعات دولية إلا ان قرارات ترامب تغاضت عن كل ذلك كما تغاضت حتى عن اتفاق اوسلو الذي اعتبر القضايا السابقة إلى جانب المياه والحدود قضايا خلافية يتم حسمها بمفاوضات المرحلة النهائية .

يتبنى ترامب منظور نتنياهو للحل والقائمة على السلام الاقتصادي ،حيث انه واليمين المتطرف باسرائيل لا يقر بالحقوق السياسية لشعبنا ويتعامل معه كمجموعات متناثرة  من السكان ممكن ان يتاح لهم المجال للعيش والعمل فقط دون ان يكون لهم اية حقوق سياسية وبالأخص الحق في تقرير المصير الذي يتنافى تبنيه مع الرؤية الصهيونية التي تنكر على الشعب الفلسطيني العلاقة مع ارض فلسطين بالاستناد إلى المقولة الصهيونية الكلاسيكية بأن " فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا أرض "  .

السلام الاقتصادي بمنظور نتنياهو لا يعنى اعطاء الشعب الفلسطيني المجال للنهوض والنمو الاقتصادي بصورة حرة ولكن باشتراط هذا النمو بالتبعية مع الاقتصاد الاسرائيلي سواء داخل اسرائيل أو المستوطنات التي تتوسع بالضفة الغربية أي اقتصاد التبعية والالحاق والاستلاب بعيداً عن اية ممكنات للتطور المستقل .  

المراقب لآلية تعامل ترامب وفريقه الخاص بالشرق الأوسط بما يتعلق بصفقة ترامب يجد ان المرتكز الأساسي لهذه الصفقة يعتبر فرض الوقائع وتشريعها أحد أدواتها الهامة كما يعتمد عملية التنفيذ دون الحاجة للتفاوض مع أحد ظناً منه ان الوقائع المفروضة والاقرار " بشرعيتها " ستؤدي إلى تفاعل شعبنا أو بعض من قطاعاته مع مخرجات الصفقة وتحديداً شقها الاقتصادي المزمع بلورته في ورشة المنامة .

يتوقع ترامب ونتيناهو ان تنفيذ المشاريع الاقتصادية عملياً عن طريق شركات ومنظمات دولية سيفرض واقعاً جديداً ، وسيؤدي إلى تعامل السلطات أو قطاعات اقتصادية واجتماعية معها بالضرورة وخاصة في ظل الحاجة لمثل هذه المشاريع نتيجة لسوء الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الناتجة اساساً عن الاحتلال والاستيطان والحصار والسيطرة على الارض والحدود والمعابر والموارد والقيود على حرية الحركة للبضائع والافراد .

والسؤال هنا ماذا إذا تم تنفيذ هذه المشاريع سواءً بالقطاع أو الضفة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية ؟، هل سنجد من يمنع تنفيذها خاصة في ظل عدم الحديث مع اياً من الاطراف الفلسطينية والعمل على تنفيذها عملياً تحت مبرر انها ناتجة عن ورشة المنامة ؟.

ماذا لو قامت العديد من الشركات والمنظمات الدولية بتنفيذ منطقة صناعة في غزة وبناء ميناء أو مطار أو منطقة تجارية حرة ؟ أو مشاريع تنموية واقتصادية بالضفة الغربية .

هل سيستطيع احد ان يرفض تنفيذ هذه المشاريع تحت مبرر انها ناتجة عن ورشة المنامة ؟ .

ولعلنا جميعاً يدرك سوء الاوضاع الاقتصادية خاصة في قطاع غزة حيث وصلت نسبة البطالة إلى 54% من حجم القوى العاملة ووصلت إلى 70% وهي الأعلا بالعالم بين صفوف الشباب ، كما وصلت نسبة الفقر العام إلى 65% وانعدام الامن الغذائي لحوالي 69%.

لقد عملت اسرائيل عبر الحصار إلى دفع قطاع غزة إلى حالة من الكارثة الانسانية وتعمل الآن بالضفة على خلق الأزمة المالية لدى السلطة من خلال اقتطاع اجزاء من المقاصة والضغط على المانحين لوقف التمويل الدولي لها . 

وعليه فمن اجل سد هذه الثغرة فلا بد من الاتفاق على عنوان موحد للشعب الفلسطيني يتجسد بتشكيل حكومة وحدة وطنية تحت لواء م. ت.ف التي يجب ان تتعزز بها آليات الشراكة والديمقراطية .

اعتقد اننا بحاجة إلى الاسراع في تشكيل هذه الحكومة الوحدوية والتوافقية لتعلن امام العالم انها العنوان الوحيد إدارياً واقتصادياً وتنموياً واغاثياً وأنها تعمل تحت يافطة م.ت.ف الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا .

اننا بحاجة إلى عقد لقاء فوري لكافة القوى والفاعليات بالاستناد لتحقيق هذا الاعلان وكذلك إلى رفض صفقة ترامب والتمسك بحقوق شعبنا الثابتة والمشروعة  فمن خلال انهاء الانقسام نستطيع ان نعيد بناء النظام السياسي على قاعدة ديمقراطية وتشاركية ونمنع القوى الخارجية من النفاذ من الجدار الفلسطيني لتمرير مخططاتهم التصفوية .