السير وراء باراك.. خطير

باراك
حجم الخط

مائير دغان، يوفال ديسكن، غابي اشكنازي، بيني غانتس، غادي آيزنكوت، امير ايشل، افيف كوخافي، تمير باردو، دان مريدور، بيني بيغن، يوفال شتاينتس، بوغي يعلون، هؤلاء هم الوطنيون الإسرائيليون الحقيقيون في قضية الهجوم على منشآت النووي في ايران – الهجوم الذي لم يكن.
لقد طرحت الخطة للبحث في ثلاث جولات، في 2010، 2011 و2013. ظاهرا، الوزراء الكبار الثلاثة في الحكومة، رئيس الوزراء، وزير الدفاع، ووزير الخارجية دفعوا بكل قوتهم نحو اقرار الخطة. ظاهرا فقط، لأن الحديث يدور عن بنيامين نتنياهو، ايهود باراك، وافيغدور ليبرمان، ثلاثة سياسيين، «ظاهرا» هو اسمهم الأوسط!
لقد تركزت المداولات في مسألتين، واحدة مفهومة من تلقاء ذاتها والثانية مصيرية. المسألة المفهومة من تلقاء ذاتها كانت ما يسميه ايهود باراك «النضج العملياتي» – هل الجيش الإسرائيلي قادر على أن يضرب بشكل ذي مغزى المنشآت النووية ويعيد طائراته الى الديار بسلام؛ اما المسألة المصيرية فكانت من أجل ماذا هذا جيد، ماذا ستكون نتائج العملية اذا ما نجحت، ماذا ستفعل للمشروع النووي، وماذا ستحدث في الشرق الأوسط؟
الأقوال التي بثت في القناة الثانية من المقابلة التي منحها باراك لايلان كفير وداني دور، صحافيين كتبا سيرة ذاتية جديدة عنه، تتركز في المسألة الأولى، الأقل مصيرية. والسامع قد يأخذ الانطباع (1) بأنه كان ثمة ابتكار، قيادة سحرية، حملة لامعة، بوساطتها كان يمكن ان يصفى بضربة واحدة تهديد وجودي على دولة إسرائيل؛ (2) انه كان ثمة ثلاثة وزراء شجعان، مصممون، مستعدون ليقوموا بفعل ما، ولكن عصبة من السياسيين والجنرالات الجبناء، عديمي الإيمان، عملاء العدو، منعوهم من ذلك؛ و(3) انه كانت داخل هذه الثلاثية الرائعة أطياف: واحد، باراك، سعى الى العملية بكل قوته؛ الثاني، ليبرمان، لم يؤدِ دورا حقيقيا؛ والثالث، نتنياهو، فشل كزعيم.
خطأ، خطأ، خطأ.
الادعاء المركزي الذي طرح ضد الهجوم كان ان ضرره اعظم من نفعه: في اللحظة التي تهاجم فيها إسرائيل، ستكون ايران حرة في الدفع الى الأمام ببرنامجها النووي بكل القوة، بل بالادعاء بالدفاع عن النفس. وفي غضون سنتين في اقصى الاحوال ستصل إلى القنبلة الأولى. لو كنا هاجمنا في 2010، لكانت ايران نووية في 2013. لو هاجمنا في 2013 لكانت نووية اليوم، دون اتفاقات مقيدة ودون رقابة دولية.
الهجوم الاسرائيلي كان يمكنه أن يعطي ثمارا فقط اذا جر الولايات المتحدة الى الحرب. اسرائيل تهاجم؛ ايران ترد بضربة شديدة على الجبهة الداخلية الاسرائيلية؛ الولايات المتحدة تضطر الى الوقوف الى جانب حليفتها وتستخدم قوتها العسكرية بكل شدتها. المشاركون في المداولات، التي جرت في حينه، ما كان بوسعهم ألا يشكوا في أن هذا هو الهدف الحقيقي لباراك ونتنياهو، هذا الرهان. والا فليس للعملية الاسرائيلية أي منفعة.
أراد الذيل الاسرائيلي ان يهز الكلب الاميركي وان يدق طبول حرب اقليمية، ما كان يمكن ان نعرف الى أين كانت ستتدحرج. لقد جند تشرتشل روزفيلد للحرب ضد هتلر؟ نتنياهو سيفرض على اوباما القتال ضد خامينئي. غير أن اوباما ليس روزفيلد، خامينئي ليس هتلر ونتنياهو ليس تشرتشل. كله حكي.
قادة جهاز الامن الذين شاركوا في المداولات لم يرغبوا في أن يعتبروا جبناء. فأيدوا، بالتالي، تخصيص المليارات للمشتريات والتدريبات التي تستهدف رفع الجيش الاسرائيلي الى النضج العملياتي. قسم كبير من هذا الاستثمار ضاع هباء. ويمكن أن نواسي أنفسنا بحقيقة أن الانباء عن الاستعدادات العسكرية التي قام بها الجيش الاسرائيلي ساهمت في شيء ما في تشديد العقوبات على ايران.
باراك هو من نوع الاشخاص الذين من الخطر السفر وراءهم على الطريق. عندما يؤشرون بالغماز يسارا، يديرون الدفة يسارا وفي النهاية مع ذلك يتوجهون يمينا، أو العكس. من المشكوك فيه أن نعرف في أي مرة ما إذا كان حقا أراد عملية عسكرية، أم قدر بأن نتنياهو سيرتدع في اللحظة الاخيرة وينقذه من المسؤولية عن الكارثة.
في قرار من هذا النوع ثمة لرئيس الوزراء دور حاسم. بن غوريون مرر في «حرب الاستقلال» كل قرار كان مهما له، بما في ذلك القرار بتصفية «التلينا»، وبما في ذلك القرار بحل «البلماخ». في قرار واحد أغلبية الوزراء صوتوا ضده: احتلال جبل الخليل، فقد فهموا بأن رئيس الوزراء عدمي. ولاحقا اتهم بن غوريون حكومته بـ»البكاء لاجيال»، ولكن الوزراء عرفوا الحقيقة.
عندما يكون كل قادة جهاز الامن، كرجل واحد، يعارضون حملة عسكرية، يعرف رئيس الوزراء انه اذا ما فشلت الحملة فلن يكون له من يتقاسم المسؤولية معه: كل شيء سيقع عليه. هذه المخاطرة أخذها على نفسه مناحيم بيغن حين قرر قصف المفاعل العراقي. راهن ونجح.

عن «يديعوت»