"صفقة القبر "وخداع المنامة

مصطفى البرغوثي.jpg
حجم الخط

بقلم: د. مصطفى البرغوثي

 

الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

لم يعد هناك حاجة لإنتظار ما سيعلنه فريق ترامب من تفاصيل، " صفقة القرن" التي إقترح أحد الأصدقاء إعادة تسميتها " بصفقة القبر".

فمعالمها صارت واضحة وضوح الشمس، بما طبق منها عمليا، وبما صدر من تصريحات رسمية عن فريقها، كوشنروغرينبلات وفريدمان.

وحتى لا نطيل على القُراء سنلخص معالمها:

1. دفن فكرة الدولة الفلسطينية وما يسمى "بحل الدولتين".

2. تشريع الإستيطان الإستعماري، وتسريعه، و توسيعه .

، وهذا ما عناه غرينبلات عندما طالب الفلسطينيين بأن يغيروا إسم المستوطنات إلى " أحياء ومدن"

3. تشريع ضم إسرائيل للضفة الغربية بدءً بمناطق المستعمرات وإنتهاء بكامل أجزائها.

4. تشريع ضم وتهويد القدس والجولان.

5. إلغاء حق العودة وكافة حقوق اللاجئين وتدمير وكالة الغوث الدولية، ومحاولة توطينهم في الأردن ولبنان ومصر.

6. إخضاع الفلسطينيين لنظام إحتلال إسرائيلي وأبارتهايد عنصري دائم، وتقطيع أوصال وطنهم.

7. فصل غزة عن باقي فلسطين وتحويلها إلى مشكلة مصرية.

8. فرض التطبيع المجاني بين الدول العربية وأسرائيل دون انهاء الإحتلال، ودون إقامة دولة فلسطين وإلغاء ما سمي " بالمبادرة العربية"

هذه هي " صفقة القرن"، أما ورشة المنامة الإقتصادية فلم تكن سوى مسرحية خداع سخيفة لإعادة تدوير ما يأتي للفلسطينيين من مساعدات وجعلها مشروطة بالتنازل عن حقوقهم الوطنية، وعن أرضهم فلسطين، وعن عاصمتهم القدس، وعن مقدساتهم الإسلامية والمسيحية.

أما هدفها الثاني فكان فتح الباب للتطبيع العربي مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.

أما رقم الخمسين مليار دولار فاتضح أنه مجرد خداع، ومحاولة لنشر الأوهام للتغطية على الخطة السياسية التي هدفها تصفية القضية والحقوق الفلسطينية.

ولإيضاح الأمر، بالأرقام فقد تبين :

أولا : أن أكثر من نصف الخمسين مليار أي أكثر من 25 مليار هي قروض بفوائد، ستؤدي الى إغراق الشعب الفلسطيني والأردن ومصر ولبنان بديون جديدة فوق ديونها، لتمويل مشاريع تخدم مصالح إسرائيل ومخططاتها العنصرية.

ثانيا:أن 11 مليار يجب أن تاتي من القطاع الخاص، ولن تأتي أبدا،لأن القطاع الخاص يريد الربح، وليس القيام بأعمال خيرية.

ثالثا: ما يتبقى هو 13,8 مليار ستوزع بنسبة 44% على مصر والأردن ولبنان والباقي لفلسطين على مدار عشر سنوات أي بمعدل 1380 مليون سنويا، لجميع الأطراف.

رابعا: الأموال المخصصة للأردن ولبنان ومصر لها 3 أهداف خطيرة

ا)توطين اللاجئين وتصفية حقهم في العودة.

ب) تغيير طابع الأردن تمهيدا لتطبيق فكرة الليكود بأن الأردن هو فلسطين على أمل تهجير مزيد من الفلسطينين إليه.

ج. فصل غزة عن فلسطين وإلحاقها بسيناء عبر مشاريع تطويرية هناك للتخلص من مليوني فلسطيني وجعلهم مشكلة مصرية، بدل أن يكونوا شوكة في حلق إسرائيل.

خامسا: ما يتبقى لن يزيد عن 800 مليون دولار للفلسطينين سنويا وهو نفس ما تتلقاه فلسطين في المعدل من مساعدات عربية ودولية، ولكن خطة كوشنير هو السيطرة على هذه المساعدات ووضعها في صندوق تحت إشراف الولايات المتحدة وإسرائيل واشتراط صرفها بتنازل الفلسطينين عن حقوقهم الوطنية.

سادسا: تدمير وكالة الغوث والإستيلاء على ما يأتي لها من مساعدات لوضعها في نفس الصندوق لإعادة توجيهها للتوطين.

أي أن خدعة البحرين ليست سوى الاستيلاء على ما يأتي أصلا من مساعدات دولية للفلسطينين ووكالة الغوث، واعادة توجيهها لتنفيذ مطالب إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية.

وهذا ما كشفه نتنياهو في تعليقه على خطة كوشنر عندما زل لسانه وقال " ان الهدف استبدال المساعدات التي تأتي للفلسطينيين بما سماه التطوير ومعناه الحقيقي التصفية".

هذه المهزلة لا يمكن أن تنجح ليس فقط بسبب إصرار الشعب الفلسطيني وقواه الحية على مقاومتها، بل أيضا لسخافتها وإنعدام واقعيتها وعداء شعوب المنطقة لها.

بعض المشاركين في ورشة المنامة أرادوا تعليم الشعب الفلسطيني دروسا في الواقعية، ولعلهم نسوا أو تناسوا كم علم الفلسطينيون من أولادهم، وكم بنوا من مؤسسات دولهم.

أما جهالة وجهل بعض المشاركين في المنامة فقد تجلت في مطالبتهم الفلسطينيين أن يتنازلوا لإسرائيل عن حقوقهم.

وقد غاب عن وعيهم أن الفلسطينين كانوا وما زالوا، خط الدفاع الأول، وحائط الصد العنيد، في وجه مخططات الصهيونية، الطامعة ليس بفلسطين فقط بكل بكل بلدان العرب، ويا ليتهم يفهمون.