بعد ورشة البحرين: الفلسطينيون يضيعون فرصة أخرى للسلام!

دلال عريقات.PNG
حجم الخط

بقلم: د. دلال عريقات

 

الجامعة العربية الأمريكية

الكثيرون سعيدون بإعلان فشل ورشة البحرين، من المتوقع ومن الطبيعي أن يخرج فريق إدارة ترامب الخاص قريباً ليجمل أن الورشة نجحت وأن القيادة الفلسطينية ضيعت فرصة أخرى للسلام!

هذا ليس بجديد، فقد اعتادت الإدارات الأمريكية أن تشدد الخناق على الفلسطينيين وتمارس عليهم الدبلوماسية القسرية وشتى أشكال الضغط السياسي والمادي وعندما يعبر الفلسطينيون عن استيائهم، تخرج الإدارات الأمريكية لتلوم الجانب الفلسطيني ولتحميله ذنب فشل وضياع فرص السلام، هذا ما حصل بعد كامب ديفيد ٢ وهذا ما حصل بعد محاولات كيري أما بعد ورشة البحرين، فعلينا توقع ضغوطات كبيرة وإملاءات وفرض حقائق أصعب، بالنسبة لورشة البحرين، فنحن نحتاج لتحليل الموقف:

أولاً: نجحت ورشة البحرين في تجميع الفلسطينيين وتقريب الشعب من القيادة. بالرغم من حالة الإستياء السياسي العام في الشارع الفلسطيني إلا أن ورشة البحرين عملت على تقريب وجهات النظر، شهدنا اجماع الفلسطينين على المستوى الرسمي والشعبي والتفاف الشعب حول القيادة في موقفها برفض الورشة ورفض الصفقة، وفض الإملاءات الأمريكية ورفض الحقائق الجديدة المفروضة على الأرض.

ثانياً: مواقف الدول العربية ضعيفة ومُحبطة؛ لقد حاولت القيادة الفلسطينية بكل الوسائل الدبلوماسية صراحة وبوضوح مطالبة الدول العربية عدم المشاركة وقد أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً أنها لم ولن توكل لأحد بحق تمثيلها، بغض النظر عن درجة التمثيل، من غير المقبول أن تحقق هذه الدول مصالحها مع أمريكا على حساب الحقوق الفلسطينية، القيادة الفلسطينية مارست أعلى درجات الدبلوماسية بأن حافظت على التوازن في العلاقة بحيث احترمت رغم رفضها مواقف الدول العربية.

ثالثاً: الحلول الاقتصادية ليست اختراع؛ فعمل كل من كيري وبيريس وتوني بلير ومؤتمرات باريس وأنابوليس، بنفس الاتجاه وحان الوقت لاستخلاص أن الحلول الاقتصادية غير كافية!

إدارة ترامب قدمت مسار اقتصادي وخطط استراتيجية للازدهار والتقدم، دون أي ذِكْر لِ:

أ: الاحتلال: المُعيق الأساسي لأي ازدهار، الاحتلال يمنع الحركة ويعقد التصدير ويحدد الاستيراد ويُحبط المُستثمر ويمنع الحفر والتعمير والبناء ويدمر التخطيط.

ب: الاستيطان (١٩٦ مستوطنة تتغلغل في الأراضي الفلسطينية تمنع الازدهار)

ج: مناطق ج (حسب تقارير البنك الدولي إن الاستثمار في هذه المناطق وحدها يعوض ميزانية السلطة الفلسطينية بمليارات الدولارات)

رابعاً: الفلسطينيون واضحون بأهمية البدء بمسار سياسي، ضرورة الرجوع لأسس عملية السلام المتفق عليها المستندة للشرعية الدولية، لا بد من تذكير الإدارة الأمريكية ضرورة تحديد موقفها من مواضيع أساسية مثل: حل الدولتين، حق تقرير المصير وإقامة الدولة والسيادة، حق اللاجئيين بالعودة حسب قرار ١٩٤، حق الفلسطينيين بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية.

سيخرج الوفد الأمريكي ليجمل ان الورشة نجحت وان الفلسطينيين اضاعوا فرصة اخرى للسلام! وهنا ضروري التذكير بداية إلى عدم دعوة القيادة الفلسطينية رسمياً للورشة! كما أن الرئيس محمود عباس أكد: اذا تراجعت الإدارة الامريكية عن قراراها بخصوص ملف القدس، ملف اللاجئين، سحب الدعم الدولي للمدارس والمستشفيات في القدس، إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، إغلاق القنصلية الأمريكية في القدس فإنه مُستعد للتعاون.

على الإدارة الأمريكية والحكومات العربية أن تدرك أن كل الشعب الفلسطيني مع الازدهار ومع التقدم الاقتصادي وتحسين ظروف المعيشة وإن تراجعت الإدارة الأمريكية عن قرارها بخصوص القدس الذي يخالف قرارات الأمم المتحدة ٢٤٢، ٢٥٣، ٢٦٧، ٢٩٨، ٤٧٦، ٤٧٨، ٢٣٣٤ عندها فكل الشعب سيتعاون مع الإدارة الامريكية لتحقيق الازدهار والسلام.