استطلاع الباروميتر العربي صفارة إنذار إضافية

التقاط.PNG
حجم الخط

بقلم: الدكتور مروان المعشر

 

نشرت الأسبوع الماضي نتائج الاستطلاع الذي يقوم به مشروع الباروميتر العربي منذ العام 2006 في العديد من الدول العربية متناولا قضايا عربية عدة. ويتميز الاستطلاع بمصداقيته العالية ودقة اسئلته وتمثيل عيناته الدقيق للمجتمعات التي تجرى فيها هذه الاستطلاعات.


نتائج الاستطلاع لا تبشر بالخير، وتشير إلى تراجعات حادة في عدد من الأمور يجب أن تؤرق أي مسؤول عربي أو أردني، بل إن معظم هذه النتائج تشير إلى مستقبل مظلم إن لم يتم عكس العديد من السياسات المتبعة.


من أخطر ما يشير إليه الاستطلاع هو الأعداد المتزايدة من الشباب العربي الذي يفكر في الهجرة من المنطقة. فقد وصلت هذه النسبة إلى 52 ٪ هذا العام بين الشباب من فئة 18 – 29 عاما. أما نسبة من يفكرون في الهجرة من المنطقة من كافة الفئات العمرية في الأردن فقد ارتفعت من 25 ٪ عامي 2012-2013 إلى 38 ٪ اليوم.

هذا رقم في غاية الخطورة، إذ يشير بالإحصاءات إلى ما نلمسه كل يوم من هذا العدد المتزايد من “القتيبيين” الذين فقدوا الأمل في مستقبل مشرق لهم في بلادهم٠ فإذا ما أدركنا ان الأسباب الرئيسة لهذا التفكير بالهجرة هي الوضع الاقتصادي والفساد حسب الاستطلاع، أدركنا حجم العمل المطلوب لتغيير نهج لم يعد يحاكي تطلعات الجيل الجديد. فإن أردنا وقف هذا النزيف الهائل قبل فوات الأوان، لا يمكن لنا الاستمرار بمعالجة الأمور بالقطعة وتوقع أن يؤدي ذلك لاستقرار وازدهار منشود.


ولعل بارقة الأمل الوحيدة في هذا الموضوع أن الأراضي الفلسطينية لم تظهر ازديادا في عدد من يرغب بالهجرة خلال الأعوام السبعة الماضية رغم كل الإجراءات الاسرائيلية وهذا مؤشر ممتاز للمستقبل. 


من النتائج الداعية للقلق أيضا تراجع الحريات بشكل كبير في المنطقة العربية عموما والأردن خصوصا. فقد تراجع عدد من يشعر أن حرية التعبير في الأردن مضمونة إلى درجة كبيرة أو متوسطة من 76 ٪ إلى 54 ٪، كما تراجع من يشعر ان حق الاحتجاج مضمون في البلد من 56 ٪ إلى 43 ٪، وهو ما يشير إلى أننا لم نتعلم الكثير من دروس الربيع العربي، فلا انتبهنا إلى تحسين حياة الناس الاقتصادية، ولا أولينا الشق السياسي ما يستحق.

وأتساءل مرة أخرى كم من صفارة إنذار نحتاج ليس فقط لندرك الدرجة التي وصلنا اليها، بل لنعقد العزم أيضا لعكس الحال فعليا وليس شعاراتيا؟
تجدر الإشارة إلى ان الثقة العامة بالحركات الإسلامية الرئيسية في المنطقة، كالإخوان المسلمين وحماس وحزب الله، تشهد تراجعا مستمرا منذ انطلاق الثورات العربية العام 2011، كما ان الثقة في القادة من رجال الدين بشكل كبير أو متوسط انخفضت في الأردن من 35 ٪ إلى 14 ٪، ولعل ذلك يعكس فجوة الثقة بين الناس وكافة المسؤولين، ولعله أيضا يحفز الأحزاب الدينية والعقائدية للإكثار من البرامجية والتقليل من الايديولوجية، خاصة في ظل توقعات الجيل الجديد بعد الربيع العربي.


ما يزال لدينا أشواط نقطعها بالنسبة لمكانة المرأة. معظم المستطلعين يعتقدون بحق المرأة أن تترأس الدولة في العالم العربي، ولكنهم يعتقدون أيضا ان القول الفصل في شتى القرارات العائلية يجب ان يعود للزوج. بمعنى آخر، يؤمن المواطن العربي على المرأة لقيادة البلاد، ولكنه لا يؤمنها على الأسرة!


هناك العديد من النتائج المهمة الأخرى التي يشير اليها الاستطلاع. لكن المؤسف انه بالرغم من وجود هذا الاستطلاع منذ العام 2006، ليس هناك ما يؤشر ان حكومة عربية واحدة انتبهت اليه أو حاولت معالجة الثغرات التي يشير اليها.

وتستمر الصفارات بإطلاق أبواقها. وعلى بال مين يا اللي بترقص في العتمة.

عن "الغد" الأردنية"