لا دولة ولا سلام ولا كرامة بدون انتفاضة عارمة!

33.PNG
حجم الخط

بقلم: فيصل أبو خضرا

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

بداية وقبل الحديث عما يمكن فعله فلسطينيا للخروج من هذا النفق المظلم وتجاوز هذه المرحلة الحرجة والمصيرية من عمر القضية الفلسطينية، ومواجهة التحديات التي فرضتها إدارة ترامب الموالية والداعمة للصهيونية والاحتلال الإسرائيلي غير المشروع وما يحيكه طاقم ترامب - كوشنر وغرينبلات وفريدمان - من مؤامرة خطيرة ضد شعبنا وحقوقه لا بد من التطرق إلى التصريحات المشينة التي أدلى بها كوشنر قبل أيام التي تحدث فيها عن شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتباكى على ما أسماه "تحسين" أوضاعهم وهاجم بصورة رعناء القيادة الفلسطينية متهما إياها بارتكاب خطأ استراتيجي بعدم مشاركتها في ورشة المنامة ... الخ من الكلام الذي ان دل على شيء فإنما يدل على جهل مطبق بحقيقة الشعب الفلسطيني وإرادته وعزيمته ونضاله المشروع وتمسكه بحقوقه الثابتة ، كما تنم عن جهله بالقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس محمود عباس، التي لا يمكن أن تفرط بأي من الحقوق الفلسطينية ولا يمكن ان تشترى ولا أن تخضع بكل أنواع التهديد والوعيد .

وباختصار نقول لكوشنر وإدارته إننا شعبا وقيادة نقف في الجانب الحضاري والى جانب الحق والعدل والحرية والسلام ولهذا تدعمنا الغالبية الساحقة من شعوب العالم ودوله بينما يقف هو وفريقه ورئيسه في الجانب الآخر المعادي للحرية والعدل والسلام، والمعادي للمواثيق والقوانين الدولية، جانب اليمين الإسرائيلي الاستعماري الجشع المعادي لكل ما هو إنساني وحضاري في هذا العالم، ولهذا تقف أميركا اليوم معزولة أحلاقيا وضميريا في العالم الى جانب حليفتها دولة الاحتلال الإسرائيلي

وإزاء هذه الدوامة الجديدة التي تدفع إدارة ترامب منطقتنا إليها، دوامة العنف وعدم الاستقرار عبر المحاولة الفاشلة لتركيع شعبنا وقيادته، يظل سؤال : ما العمل؟ مجددا بعد أن تم سد الطريق تماما أمام عملية سلام جادة وحقيقية وبعد أن توهم الواهمون في هذه الإدارة الأميركية ولدى هذا الاحتلال أن شعبنا وقيادته يمكن أن يقبلا باستمرار الوضع الراهن وباستمرار إمعان الاحتلال في انتهاكاته الجسيمة واستمرار مستعمريه في ارتكاب جرائمهم ضد أبناء شعبنا،

من الواضح لأبناء شعبنا جميعا بان بيانات الشجب والاستنكار المتواصل لممارسات الاحتلال ولما يسمى "صفقة القرن" لن تجدي نفعا، ولن تردع هذا التحالف العدواني الأميركي الإسرائيلي،ففي الوقت الذي ندين ونستنكر ونلقي الخطابات في المساجد والكنائس والمحافل العربية والدولية تتواصل على الأرض انتهاكات إسرائيل وجرائم مستعمريها من مصادرة الاراضي وبناء المزيد من الوحدات الاستعمارية وتهويد القدس والمساس بالمقدسات وحصار غزة وغيرها بدعم هذه الإدارة الأميركية الظالمة وسفيرها ديفيد فريدمان، الاشكنازي الآري وليس السامي، الذي يدعم هذا الاحتلال في كل ما يقوم به بل ويشجع على ضم أجزاء من الاراضي المحتلة ويشارك بمعوله في فتح نفق تهويدي في القدس المحتلة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن خطة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو وترامب هي المعتمدة، وهي المطبقة امريكيا وإسرائيليا وليس خطة بحث حقيقي عن العدالة والسلام والاستقرار.

وبذلك ذهبت فكرة حل الدولتين على أساس حدود العام ١٩٦٧ مع الريح أو بلغة كوشنر(Gone with the wind) بعد أن سد ترامب ونتنياهو الطريق لتجسيدها.

وما مؤتمر المنامة الفاشل والصفقة التي تلوح بها واشنطن سوى محاولة لدفن الطريق الى أي حل عادل. وهذه المهزلة العالمية ، التي تستهدف شطب مشروعنا الوطني مقابل حفنة من دولارات يتم جمعها من العرب يجب أن تدفن، فالعرب غير مسؤولين عن تشريد الشعب الفلسطيني الذي ما زال في المخيمات داخل الوطن وفِي الشتات، وقضيتنا قضية شعب.

ويتواصل كل يوم سواء في الضفة أو القطاع استشهاد وجرح واعتقال أطفال وشبان على يد جيش الاحتلال الاشكنازي ، ويقتحم الأقصى، و ويقيم متطرفو المستعمرين صلواتهم التلمودية في باحاته وتتعرض الكنائس والأديرة لاعتداءات المتطرفين اليهود وللتضييق ومحاولة الاستيلاء على عقاراتها من قبل الاحتلال ، وتهدم البيوت الفلسطينية... فماذا بعد؟!

تعاني القدس ومحيطها يوميا من هجمات جيش الاحتلال وقواته الخاصة ومخابراته عبر اعتداءات دورية على أحيائها وقراها ومخيماتها سواء في العيسوية أو البلدة القديمة أو شعفاط وعناتا وقلنديا وغيرها. كما يتسارع تنفيذ مخططات التهويد في البلدة القديمة وأسوارها، والاستيلاء على العقارات ، وإقامة مساكن لآلاف المستعمرين، وكل ذلك بتأييد مطلق من كوشنر والسفير فريدمان و غرينبلات... فماذا بعد؟!

شعبنا الفلسطيني الصامد المناضل يستحق أكثر مما يبدو عليه المشهد الوطني الداخلي اليوم، وفي مقدمة الإستجابة لإرادة هذا الشعب ، بدلا من استمرار التمترس في خندق الانقسام الذي ما زال مستمرا منذ ١٢ عاما والذي عرقل مشروعنا الوطني.

هذا الشعب الصابر الصامد بعزيمة وكرامة والمستعد للتضحية من اجل حقوقه يدعو مجددا الانقساميين للعودة الى درع الوحدة والديمقراطية وليكن صندوق الاقتراع حكما.

المشكلة الحقيقية هي أن البعض في عالمنا العربي والإسلامي لا زال يعتقد أن السلام ممكن مع هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ومع صهاينة لا يفهمون معنى السلام الذي يحفظ حقوق الشعوب في تقرير مصائرها، أو يعتقدون أن هذه الإدارة الأميركية الصهيونية يمكن أن تسهم في تحقيق السلام، علما أن الشعب الأمريكي لا يعرف حقيقة ما يجري في بلادنا، ويصدق الإعلام الذي يسيطر عليه اليهود الاشكناز واللوبي الصهيوني، بينما تدفع الإدارة الأميركية المليارات سنويا لهذا الاحتلال، وتدعمه بالسلاح والحماية في المحافل الدولية.

بعد مقتل رابين ، وتسلّم بيريس رئاسة الوزراء ومن بعده نتنياهو ومن ثم يهود باراك وفشل اجتماعات كامب ديفيد في واشنطن بين باراك و الرئيس الراحل الرمز ابو عمار رحمه الله و عودته الى الوطن

قال بأن شعبنا لن ينال شيئا من اتفاقية اوسلو إلا إذا قدم شعبنا الجبار التضحيات الجسام لان هذا المحتل لا يمكن أن يفهم بان حقوقنا في هذه الأرض متجذرة منذ الآف السنين.

وما من شك أن الأخ الرئيس محمود عباس قام بعمل شاق في نضاله السياسي والدبلوماسي في جميع المحافل الدولية وأصبحنا رقما صعبا لا يمكن تجاوزه ، ولكن مع الأسف فإن القوى العظمى في العالم اليوم رهينة التعصب الاشكنازي ، والمتمثل في اللوبي الصهيوني في واشنطن.

قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع الماضي، بحضور فريدمان وغرينبلات ووزراء واعضاء كنيست متطرفين بتدشين نفق يمتد من عين سلوان التي هي ملك لأهل هذا الحي الشرقي للمسجد الأقصى حتى حائط البراق في القدس المحتلة، وقامت السلطة الوطنية بإبلاغ العالمين العربي والإسلامي بهذا العمل الخطير المخالف للشرعية الدولية والذي ياتي في سياق محاولات تهويد القدس والمساس بالأقصى، واستمعنا الى بيانات الشجب والتنديد، وهنا يتساءل الشعب الفلسطيني: هل سيدفع هذا التنديد إسرائيل وإدارة ترامب إلى وقف هذا العمل الإجرامي؟ طبعا لا والف لا.

لقد كتبت الصحفية الإسرائيلية عميرة هس في جريدة "هارتس" قبل أيام أن للفلسطينيين الحق في مقاومة الاحتلال، ومع الأسف ما زلنا نندد ونشكو حالنا المزري الى دول العالم جميعا ، ولا من مجيب. فإلى متى ينتظر الشعب الفلسطيني الفرج من عالم ليس له أي قوة لردع سياسة أمريكا التي تتحكم بها عصابات اشكنازية متطرفة لا تحترم أي من قوانين أو قرارات لمجلس الأمن والأمم المتحدة ، وهي القرارات التي نعتبرها القوة الحقيقية التي مجيب ان تردع هذا المستعمر الصهيوني الجديد.

لذلك ليس لنا إلا إنهاء هذا الانقسام واستعادة الوحدة والاعتماد على أنفسنا وشبابنا الأبطال وكل أبناء شعبنا، سواء من الفصائل أو المستقلين، والبدء في انتفاضة شعبية سلمية حقيقية تسمى انتفاضة القدس الشريف كي تربك هذا الاحتلال وعصابات مستعمريه على أن لا تتوقف إلا بانتزاع جميع حقوقنا المسلوبة، وهذا الحق النضالي مكفول في كافة القوانين والمواثيق الدولية. ولن يتحقق أي سلام عادل ولن تقام دولتنا الفلسطينية المستقلة ولن نصون كرامتنا في هذه الظروف الحرجة إلا بمثل هذه الهبة التي تهز ضمائر العالم أجمع، وتثبت لترامب وكوشنر وغرينبلات ولهذا الاحتلال من هو الشعب الفلسطيني، ولتسقط كل مؤامراتهم ورهاناتهم.

وفي الوقت الذي نشكر فيه الأشقاء العرب على دعمهم السياسي والمالي لفلسطينيين فإننا نتوسم فيهم الدعم أيضا لهذا النضال الشاق ليس دفاعا عن فلسطين فحسب وإنما دفاع أيضا عن القدس ومقدساتها التي تهم كل عربي ومسلم ودفاعا عن هذه الأمة العريقة في وجه محاولات التوسع والهيمنة الصهيونية على وطننا العربي

ودفاع عن شرف هذه الأمة العربية والإسلامية.. والله المستعان.