ساحة القدس في باريس.. على فرنسا التراجع!

دلال عريقات.PNG
حجم الخط

بقلم: د. دلال عريقات/ الجامعة العربية الامريكية

عملت بلدية العاصمة الفرنسية باريس على تدشين ما يسمى ب "ساحة القدس" في أحد شوارعها الرئيسية قرب الموقع المستقبلي لمتحف "الذاكرة اليهودية" تلبية لرغبة رئيس بلدية الاحتلال في القدس والمجلس الكنسي اليهودي في فرنسا.

وجاء قرار تدشين الساحة استجابة لطلب رئيس المجلس المركزي (اتحاد الجاليات اليهودية في فرنسا) جويل ميرغي، خلال زيارة رئيس دولة الاحتلال روفين ريفلين في 24 يناير/كانون الثاني لمقر بلدية باريس.

في رسالة بتاريخ 15 مايو/ أيار الماضي موجهة إلى رئيس مجلس اتحادات الجاليات اليهودية في فرنسا، أكد مجلس بلدية باريس برئاسة آن هيدالغو أن قرار إنشاء ساحة للقدس في باريس "حساس للغاية" ولذلك عرض الاقتراح على التصويت وتم الاحتفال بافتتاح الساحة الأسبوع الماضي.

لقد تظاهر العديد من الفلسطينيين وغيرهم رفضاً لقرار تسمية الشارع بساحة القدس وربطها بالاسرائيليين. ودعت العديد من الجمعيات وحركات التضامن للتحرك والتظاهر ضد قرار بلدية باريس. أما في فلسطين، فاستقبل القنصل العامّ الفرنسيّ في القدس، بيار كوشار، وفداً من المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ سلموه رسالة احتاجاً على الظروف التي تم بها افتتاح ساحة

القدس في باريس. جاء رد القنصل العام بأنّ البوادر الأحاديّة أو الرمزيّة، أيّاً كانت، لا تغيّر موقف فرنسا الثابت، بأن تصبح القدس عاصمة للدولتين، إسرائيل وفلسطين، وفقاً للطرق التي ينبغي تحديدها عبر التفاوض.

من غير المقبول الاستمرار بتقديم التبريرات وإذا كانت خطوة كهذه رمزية إذاً، لدي بعض التساؤلات للجانب الفرنسي:

- لماذا لا تعترفون بالدولة الفلسطينية كخطوة رمزية؟

- لماذا لا تدعون الطرف الفلسطيني لحضور حفل تدشين الساحة لإعطائها طابعاً فلسطينياً أيضاً؟

- أليس الاستمرار بعدم الوقوف في وجه اسرائيل ومنحها شرعية على الارض يساهم بمساعدتها على تنفيذ مخططاتها الاستعمارية الاستيطانية على الارض على حساب الحقوق الفلسطينية

- ألا تدركون أن مبادرة بلدية باريس جاءت في الوقت الذي تواجه فيه القضية الفلسطينية

ومدينة القدس المحتلة تحديدا اصعب الظروف بعد الاعترافات الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل متناسين الوجود العربي الفلسطيني الاسلامي والمسيحي في المدينة المقدسة.

- أليست الجمهورية الفرنسية صاحبة شعار (الحرية، المساواة والأخوة)؟ نحن نتوقع من فرنسا معاملة الشعب الفلسطيني على هذه الأسس من الفضائل. لا ننسى أصدقاءنا الفرنسيين من المتضامنين من أفراد ومؤسسات اللذين عملوا لخدمة القضية الفلسطينية. لا تغيروا الصورة الإيجابية التي يرسمها الفلسطينيون للشعب الفرنسي.

-من حق فرنسا أن تفتتح ساحات عامة لشخصيات اسرائيلية فنية/علمية/ثقافية أو حتى تاريخية مثل المتحف اليهودي على سبيل المثال، اعتراضنا ليس على الترويج للهوية اليهودية في فرنسا، الاعتراض على تدشين ساحة "القدس" وإعطاؤها طابعاً يهودياً اسرائيلياً متناسيين الهوية والوجود والحق العربي الإسلامي والمسيحي في القدس.

تحتفل فرنسا الأسبوع القادم بعيد استقلالها، أتمنى من الرئيس ورئيس الوزراء وكل من سيبعث برقية تهنئة أو سيشارك بالاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي بشكل رسمي وشعبي الإلحاح على فرنسا بإنصافنا تاريخيا كأبناء القدس ومعاملتنا أسوة بالآخرين بالعدل والحرية و المساواة. 

خطوة كهذه ليست رمزية أبداً كما أنها متناقضة مع سياسة الجمهورية الفرنسية ومع سياسات الاتحاد الأوروبي الخاصة بالقدس وعليه نطالب فرنسا بالرجوع عّن قرارها.