القانون الذي لا تطبقه إسرائيل في التعامل مع سكان غزة !

فلسطيني-غزة
حجم الخط

يريد شخص تقديم دعوى ضد الدولة؛ لأن سلطة من سلطاتها أضرت به وبعائلته، لكن الدولة المدعى عليها لا تسمح له بالالتقاء مع المحامين للتوقيع على الوكالة وتقديم  وثائقه. تعارض استفزازي غير مقبول وغير معقول.
لكنه مقبول ومعقول طالما يدور الحديث عن عائلة غزية، حيث قتلت قوة للجيش الاسرائيلي في احدى الهجمات الروتينية الأم وأصابت ثلاثة من أبناء العائلة. إدارة التنسيق والارتباط الاسرائيلي في غزة لا تسمح للمدعين، أبناء عائلة أبو سعيد، الالتقاء مع محاميهم في مكتب أبو حسين في أم الفحم – ليس في قطاع غزة ولا في اسرائيل ولا في حاجز ايرز الذي هو موقع اسرائيلي محصن جيدا.
في جميع الرسائل التي كتبها البيروقراطيون في ادارة التنسيق والارتباط مع المحامين، وبعد ذلك مع جمعية «غيشه»، لم يتم الادعاء أن أبناء عائلة أبو سعيد يهددون أمن اسرائيل.
ومثلما لم يهددوا أمن اسرائيل عندما قصف الجيش الاسرائيلي ساحة بيتهم، حيث جلسوا خارجه في 13 تموز 2010. كان عددهم 17 شخصا، وكانوا يشاهدون التلفاز، حيث أصيبت بالقذيفة الاولى امرأتان، فسارع أبناء العائلة الى الدخول الى البيت. وخرجت نعمة أبو سعيد للبحث عن ابنها الصغير فأصيبت بالقذيفة الثانية من نوع «فلاشت» التي تنشر مسامير الحديد القاتلة في منطقة سقوطها، وقد قتلت فورا وأصيب أحد أبناء العائلة.
ادعت الدولة أن القصف وجه لمشبوهين بالاعمال المعادية ضد جنود الجيش الاسرائيلي، وبالتالي فان الحديث يدور عن «عمل عسكري».
تم تقديم دعوى الاضرار في تموز 2012. وفي أيار 2014 قالت المحكمة في بئر السبع إن الدعوى ستلغى اذا لم يتم تقديم حصر إرث ووكالة. ومنذ ذلك الحين تدير جمعية «عيشه» المعركة البيروقراطية المستنزفة للحصول على إذن الخروج.
الرد الأخير لهيئة التنسيق والارتباط على «غيشه» كان أن طلب عائلة أبو سعيد لا يلائم معايير اجراء الخروج من غزة للاغراض القضائية، الامر الذي يستوجب وجود «ملابسات انسانية استثنائية تتعلق بالعملية ونتائجها».
تم وضع هذا الاجراء في 2013 بعد صراع قضائي لمنظمات حقوق الانسان ضد الألاعيب التي استخدمتها الدولة لمنع المحاكم من النقاش في دعاوى الاضرار بسكان القطاع. ويشترط هذا الاجراء اذن الخروج من قطاع غزة للحاجات القانونية بوجود وضع انساني استثنائي، ومن يبت في الامر هو الدولة التي يدعون عليها. فهي التي تقرر ما هو الوضع الانساني الاستثنائي. وقد «نسي» الاجراء أن يشمل التوقيع على الوكالة كسبب لمنح اذن الخروج من القطاع.
امتدحت نيابة الدولة هذا الاجراء (وتستطيع أن تزعم في اوساط دولية أن الطريق الى المحكمة مفتوحة أمام سكان قطاع غزة). في ايلول 2014 أوصت محكمة العدل العليا باعطاء الدولة فرصة اثبات سريان هذا الاجراء، ورفضت الدعوى القائلة إن هذا الاجراء لا يسمح بالخروج من القطاع. في الشهر الماضي قدمت «غيشه» دعوى ادارية للمحكمة المركزية من اجل أن تأمر الدولة بالسماح لأبناء عائلة أبو سعيد بتوقيع الوكالات لمحاميهم في حاجز ايرز.
حرب الاستنزاف البيروقراطية هذه ضد عائلة أبو سعيد ليست انتقاما من عائلة واحدة، بل هي أحد اساليب الدولة التي تزعم احترام القانون والحقوق، وفعليا هي تردع وتخيف بشكل مسبق المدعين المحتملين الذين أصيبوا ويصابون بهجمات الجيش الاسرائيلي.

عن «هآرتس»