دراسة علمية تكشف جوانب الخلل في إدارة المؤسسات الإعلامية الفلسطينية

دراسة يحيى
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

كشفت دراسة علمية حديثة أجراها الباحث د. يحيى المدهون عن جوانب القصور في إدارة المؤسسات الإعلامية الفلسطينية العاملة في قطاع غزة.

 وجاءت الدراسة بعنوان: "مستوى ممارسة الوظائف الإدارية في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية من وجهة نظر العاملين فيها"، وتمثل مجتمع الدراسة من جميع العاملين في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية العاملة بمحافظات قطاع غزة، والمسجلين في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، حيث قام الباحث باختيار عينة عشوائية مكونة من (140) صحفي وصحفية وكانت ممثلة لمجتمع الدراسة، ووزع الباحث (140) استبيان على أفراد العينة المختارة.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الدرجة الكلية لمجالات (واقع العمل الإداري في المؤسسة الإعلامية الفلسطينية) جاءت "مرتفعة"، ويعزو الباحث هذه النتيجة إلى أن المؤسسات الإعلامية الفلسطينية تمارس العمليات الإدارية لإنجاز أعمالها بطريقة منتظمة بما يضمن لها النجاح في عالم يتسم بالتغير المستمر وهذا يؤثر على تطور مستوى أدائها نحو الأفضل اذ يتطلب ذلك استخداما فعالا لمختلف وظائف الإدارة.

وأظهرت النتائج أيضا أن وظيفة (التنظيم الإداري) احتلت الترتيب الأول، وهذا مؤشر جيد باعتبار التنظيم الإداري القوي يدعم ويساند كافة الوظائف الإدارية الأخرى في المؤسسة وتدعم موقفها وترفع من جودة مخرجاتها في خدمة المجتمع. بينما اظهرت النتائج أن وظيفة (التوجيه الإداري) في الترتيب الأخير.

واعتبر الباحث د.المدهون هذه النتيجة بأنها مؤشر غير إيجابي يتسبب بعرقلة وصعوبة ممارسة الوظائف الأخرى ومنها وظيفة الرقابة فضعف (التوجيه) يؤثر على فعالية الرقابة التي جاءت للتأكد من أن التنفيذ يتم وفقا للخطة الموضوعة، ولا تنفيذ للأعمال دون توجيه فاهتمام المؤسسات بالرقابة قبل اهتمامها بالتوجيه ينعكس على دقة وفاعلية النظام الرقابي.

وبينت النتائج أن وظيفة (التخطيط الإداري) تتوفر بشكل مرتفع في المؤسسات الإعلامية العاملة بمحافظات قطاع غزة. وفي تعقيبه على النتيجة أشار د. المدهون إلى أهمية وجود أهداف قابلة للتطبيق في المساهمة في نجاح التخطيط في المؤسسة، ولكن عدم اهتمام المؤسسات بتحليل (البيئة الداخلية والخارجية) وهي من مرتكزات التخطيط الاستراتيجي يعني تجاهل واغفال أهميته من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية باعتباره سمة من سمات الحياة العصرية، مما يتطلب بذل الجهود للبحث عن آليات لتتبنى المؤسسات الإعلامية التخطيط الإستراتيجي بفاعلية لدوره في إحداث نقلة نوعية في العمل الإداري في ظل المنافسة الشديدة في المجال الإعلامي.

وفي مجال (التنظيم الإداري) أشارت النتائج إلى أن درجة موافقة المبحوثين على توافر وصف دقيق لكل وظيفة جاءت مرتفعة وهذا يسهم في تطوير العمل الإداري في المؤسسة وهذا جيد في عملية التنظيم لكن التنظيم داخل المؤسسات وحسب النتيجة أظهرت قصور (التنظيم الإداري) في تعزيز (التمكين الإداري) حيث جاءت فقرة التمكين الذي يمثل قوة لدفع المؤسسة للأمام في مرتبة متأخرة وغيابه يؤدي إلى ضعف العمل الإداري والمركزية وغياب الإدارة بالمشاركة ومتطلباتها. 

وقال الباحث: إن "تمكين العاملين في المؤسسة يعمل على بث روح العمل لديهم ويرفع معنوياتهم ليحققوا الأداء المرغوب، ويعزز الثقة المتبادلة بين المؤسسة والموظفين".

وأشارت النتائج إلى أن وظيفة (التوجيه الإداري) تتوفر بدرجة متوسطة في المؤسسات الإعلامية العاملة بمحافظات قطاع غزة. وفي تعقيبه على النتيجة نوه د.المدهون إلى أن فقرة "المؤسسات الإعلامية تعمل على تنظيم وتنسيق جهود العاملين وتوجيهها التوجيه الصحيح" جاءت بالمرتبة الأولى وهذا اقرار من الإعلاميين بأن مؤسساتهم لديها توجيه سليم في تطوير الأداء الإعلامي، لكن هذا التوجيه قد لا يكون فعالا في غياب أحد أهم مفردات نجاحه وهي الحوافز حيث أظهرت النتائج أن التوجيه يفتقد لأحد مرتكزاته.

حيث جاءت فقرة "توفر المؤسسة نظام أجور عادل وحوافز مادية ومعنوية لتشجيع الأداء الجيد والمتميز" في الترتيب الأخير مما يعكس عدم رضاهم عن رواتبهم ويعود ذلك لأسباب كثيرة تعاني منها المؤسسات الإعلامية منها قلة الموارد المالية الكافية للإيفاء برواتب وأجور العاملين ما يتطلب السعي للبحث عن مصادر متعددة لجلب التمويل لتواصل عملها، وهذا مؤشر ودليل إلى إغلاق بعض المؤسسات الإعلامية نتيجة نقص التمويل.

وتبين أن وظيفة الرقابة الإدارية تتوفر بدرجة متوسطة في المؤسسات الإعلامية العاملة بمحافظات قطاع غزة. وفي تعقيبه على النتيجة قال د.المدهون: من الواضح ان المؤسسات الإعلامية مهتمة في الرقابة ووجود رقابة على أنشطة المؤسسة ضرورة حتمية تقتضيه العملية الحديثة لاكتساب الميزة التنافسية.


لكن النتائج أظهرت أن الرقابة لا تتم بشكل دوري ومنتظم وليس لديها معايير واضحة حيث جاءت فقرة :"تتم عملية تقييم الموظفين دوريا وبشكل منتظم بناء على معايير واضحة" في المرتبة الأخيرة وهذا تعبير عن عدم رضا العاملين عن معايير التقييم لتدني مستواها ما يؤثر سلبا على العمل الإداري وفعاليته ويعطل إجراءات التصحيح ويضعف أساليب الرقابة الإدارية في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية ويفقدها الشفافية الحصول على بيانات قد تكون غير صحيحة ويؤدي ذلك لتدني فعالية اتخاذ القرارات ورسم السياسات في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية.

وأشار الباحث إلى أن الاختلاف في الخصائص الديمغرافية والوظيفية للإعلاميين وفي نوعهم الاجتماعي ومؤهلاتهم العلمية وكذلك اختلاف المؤسسات التي يعملون بها وخبراتهم لم تؤثر في وجهة نظرهم في مستوى ممارسة الوظائف الإدارية في المؤسسات الاعلامية لأن جميعهم يعيش ظروف إدارية متشابهة ومتقاربة فظروف العمل الواحدة والغير متباينة لم تحدث فرق وتباين في وجهة نظر المبحوثين حول واقع ومستوى العمل الإداري في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية.

يشار أن البحث خضع للتحكيم والتقييم من خبراء في المجال الإداري والإعلامي وحصل على موافقة للقبول والنشر في مجلة جامعة غزة. 
ولخص الباحث النتائج في أن وجهة نظر المبحوثين من مستوى ممارسة المؤسسات الإعلامية الفلسطينية للوظائف الإدارية تتجه نحو الموقف الإيجابي. وأن الوظائف الإدارية تتوافر في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية ويتم ممارستها بدرجة "متوسطة" من وجهة المبحوثين. حيث احتلت وظيفة "التنظيم" المرتبة الأولى وجاءت وظيفة "التوجيه" في المرتبة الأخيرة حسب تقديرات المبحوثين. 


وأوصت الدراسة بدعوة المؤسسات الإعلامية الفلسطينية لتطوير الممارسات الإدارية بشكل أكثر كفاءة؛ لتحقيق الأداء الإداري الفعال والاستفادة من الممارسات الإدارية الحديثة في المجال الإعلامي. وفي مجال التخطيط أوصت الدراسة بضرورة العمل على تحليل وتشخيص أبعاد البيئة الداخلية والخارجية في المؤسسات الإعلامية كمدخل مهم في التخطيط الإستراتيجي الذي يسهم في استمرارية المنظمة وتفاديها الوقوع في الأزمات. وفي مجال التنظيم أوصت الدراسة بضرورة الاهتمام بالتمكين الإداري لموظفي المؤسسات الإعلامية باعتباره فلسفة إدارية جديدة، وله دور في التطوير الإداري للمؤسسات ويسهم في تنمية قدرات العاملين وتحفيزهم على العمل وتحملهم المسئولية ومشاركتهم في صنع القرار.

وفي مجال التوجيه أوصت الدراسة بضرورة تبني المؤسسات الإعلامية نظام أجور وحوافز عادل والسعي لرفع مصادرها المالية لكي تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها المالية لتكاليف التشغيل والرواتب والأجور والحوافز وغيرها. وفي مجال الرقابة أوصت الدراسة بضرورة الاعتماد على معايير واضحة لتقييم أداء العاملين في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية.

وقدم د.المدهون شكره وتقديره للصحفيين الفلسطينيين ولجامعة غزة ولعميد البحث العلمي والمكتبات د.محمد حمدان.