كتبَ مدير التحرير: أ. صالح النزلي
ليس غريباً على شعبنا الفلسطيني المناضل الصبر على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومواجهة غطرسة المحتل بكافة أشكال القوة والثبات، حيث إنّ شعبنا وعلى مدار عقودٍ متتالية متسلحاً بإيمانه بأنّ عودة الأراضي المحتلة أمرٌ حتمي وإنّ طال الزمن، فقدمَ على مدار سنوات نضاله خيرة أبناءه شهداءًا وأسرى وجرحى دون كلل أو ملل لتيقنه بأنّ النصر على المحتل وعدٌ إلهي لا رجعة فيه.
ومع ازدياد حدة المؤامرات على الشعب الفلسطيني وتراجع مستوى معيشة عموم أبناءه سواء في غزّة أو الضفة أو القدس أو حتى مخيمات اللجوء، استمر شعبنا في الصبر والاحتساب متجاهلاً كل ما يُحاك ضده للنيل من عزيمته أو إجباره على القبول بما لم يقبل به أسلافه، لكنّ يبقى الغريب على هذا الشعب المعطاء ما وصل إليه من حالة يأس أمام الواقع المؤلم الذي يمر به.
تمضي الأعوام دون وجود بارقة أمل في تجاوز الحالة التي وصلنا إليها من انعدام فرص العيش الكريم وتراجع مكانة المواطن الفلسطيني في شتى بقاع الأرض وانتشار البطالة وارتفاع معدلات الفقر وغيرها من الملفات التي أرقت جفون الفلسطينيين حتى أيقن شعبنا أنّه حبيساً وسجيناً داخل وطنه، وذلك كله بالتزامن مع انقضاض المحتل على الأراضي الفلسطينينة ببناء المستوطنات وتهويد المسجد الأقصى المبارك.
إنّ الحالة التي وصل إليها شعبنا يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى كل من نصبَ نفسه مسؤولاً عليه، بدءًا من الرئيس محمود عباس والحكومات المتتالية ومروراً بكافة الفصائل الفلسطينية التي انطلقت من أجل الدفاع عن حقوقه ومواجهة كافة أشكال محاولات النيل من عزيمته وتركيعه، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.
حصار مُطبق، وانعدام الأفق في الحصول على حياة كريمة أسوةً ببقية شعوب الأرض، واحتلال متغطرس لا يفرق بين طفل أو مسن أو سيدة، وانقسام بغيض بين المكونات السياسية، حتى أفقدت كل هذه العوامل الشعب الفلسطيني الأمل في إمكانية نيل حقوقه داخل وطنه، وبات مُدركاً أنّ الحسابات والمصالح الشخصية سيطرت على مجتمعنا وأصبحت آثار الانقسام واقعاً مألوفاً للكثيرين.
إنّ الواقع الذي وصل إليه شعبنا بحاجة إلى صحوة فلسطينية تُعيد له مكانته التي لطالما تحلى بها أينما تواجد، وإنّ كانت فصائلنا لا ترغب بذلك فما هي أسباب تواجدها على رأس النظام السياسي الفلسطيني؟!، وإنّ كان الاحتلال قد أفقدنا الأرض باحتلالها عام 1948، فإنّ انقسام الفصائل وبكل أسف أفقدَ شعبنا قيمته الإنسانية، وأمام كل ذلك بات من الضروري أنّ يُدافع شعبنا عن حقوقه بنفسه لا أنّ ينتظر الدفاع عنها من أي طرف كان وإلا ذهبت ريحنا ومتنا قهراً على سنوات العمر التي تمضي دون وجود أي مقومات العيش الكريم.
وفي الختام رسالة أوجهها لمسؤولي هذا الشعب مفادها أنّ الواقع الذي وصل إليه شعبنا جراء تراكم الأزمات بفعل الانقسام الفلسطيني، وعدم وجود أي من مقومات بناء مجتمع سليم يستطيع مواجهة التحديات الراهنة التي تُحاك ضده، يتطلب مراجعة سنوات طوال من العمل الوطني والسعي لبناء الإنسان أولاً من خلال إنهاء الانقسام والنأي بالخلافات جانباً، ورسالة أخرى لشعبنا الفلسطيني المعطاء بضرورة البحث عن سبل مواجهة مرض الانقسام الذي أوصلنا إلى الحالة التي نحن عليها الآن، فإنّ كان المسؤولين غير مكترثين بواقعكم فلتبحثوا عن كيفية بناء مستقبل أبنائكم داخل وطنكم وليس خارجه.