ترامب لنتنياهو: الهدايا ليست مجانية !

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

في الغالب، كنّا نشير إلى جملة الهدايا المجانية التي قدمها الرئيس ترامب إلى صديقه نتنياهو قبل موعد الانتخابات البرلمانية، لدعمه فيها، قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، ثم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية الكاملة على هضبة الجولان، إضافة إلى القرار المتعلق بوقف التمويل الأميركي لوكالة "الأونروا"، كل ذلك وأكثر كان قد تقدم به ترامب دعماً لصديقه نتنياهو، وكنّا نشير إلى أن هذه الهدايا، والتي سيتم تقديمها قبل الانتخابات القادمة بعد حوالى شهر من الآن، وقد تكون هذه الهدية المجانية على شكل دعم خطط إسرائيلية لضم الضفة الغربية، أو أجزاء منها رسمياً إلى دولة الاحتلال.
وقد كنّا على خطأ كبير، ذلك أن هذه ليست هدايا، والأهم أنها ليست مجانية، وهي لصالح ترامب أكثر منها لصالح صديقه نتنياهو، وقد كشفت جملة التشابكات المتعلقة بقرارات متعاكسة بشأن زيارة إلهان عمر ورشيدة طليب إلى إسرائيل والضفة الغربية، حقيقة أن ترامب، لم يكن يهدي نتنياهو، بل انه كان يرسم باتجاه اللحظة التي ينبغي على نتنياهو دفع ثمن هذه الهدايا.
يُقال في إسرائيل، إنه لم يكن من المتوقع، ولا المسموح به، أن يرفض نتنياهو طلباً من ترامب الذي أغدق عليه الهدايا، بالعودة عن قرار هذا الأخير السماح للنائبتين بزيارة إسرائيل والضفة الغربية، ولم يكن باستطاعة نتنياهو أن يقول لا، وهذا ما حدث، أصبح نتنياهو أداة من أدوات ترامب في معركته الانتخابية التي ستبدأ العام القادم، وهي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، أن يتم توظيف العلاقات الخارجية بشكل معلن في الانتخابات الداخلية الأميركية، من خلال توريط الحزب الديمقراطي، في مواجهة مع إسرائيل.
في إسرائيل يعتبرون قرارات نتنياهو ووزير داخليته ارييه درعي، المتعاكسة حول السماح بالزيارة ثم رفضها، ثم تطويعها لصالح زيارة عائلية من قبل النائبة طليب إلى بيتها في الضفة المحتلة، وهو ما رفضته النائبة طليب في نهاية الأمر، هذه القرارات الإسرائيلية من شأنها أن تحول نتنياهو كتابع لترامب بعد أن رضخ لضغوطه واتخذ القرار النهائي برفض الزيارة.
وربما كان نتنياهو ينتظر المزيد من التأييد لقراره الأخير، إلاّ أن موقف "ايباك"، والتجمعات الصهيونية في الولايات المتحدة، والسفير الإسرائيلي في واشنطن، وكذلك وزارتي الخارجية والأمن الإسرائيليتين ووزراء "الليكود"، وبعض قيادات حزبه، كلها كانت في حالة انتقاد شديد لقرار نتنياهو رفض السماح للنائبتين بالزيارة. معظم كتّاب الرأي في إسرائيل انتقدوا قرار نتنياهو هذا، واستخدموا عبارات قاسية ضده، خاصة عندما استسلم لمطالب ترامب بعدم السماح للنائبتين بالزيارة.
مصلحة إسرائيل المعلنة، أن تقف على مسافة واحدة من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، كي تتمكن من حشد التأييد لسياستها، ويبدو الآن أن هناك شرخاً لا يمكن معالجته بسهولة بعدما تدخّلت إسرائيل من خلال قرار نتنياهو في اللعبة السياسية الانتخابية في أميركا، بشكل معلن؟!