هل يمكن للشهداء ... ان يسامحوا الاحياء ؟!!!

l7dQk.jpeg
حجم الخط

بقلم وفيق زنداح

ربما بهذا السؤال الكثير مما يمكن قوله بصراحة .... وفي الجانب الاخر اخفاء ما يمكن اخفائه خجلا من انفسنا ... وقصورا وعجزا لدينا على اثبات قدرتنا ونقاء وصحوة ضمائرنا .

البحث عن اجابة مثل هذا السؤال والذي يعتبر بصورته من الغيبيات التي لا يعلمها الا الخالق ... لكنها من جانب اخر يمكن التعبير عنها بإنسانية الاحساس ... ونبض القلوب ... وبحكم الافعال والواقع ومدى صوابيه العلاقات والمواقف .

الشهداء الاكرم منا جميعا والذين نحتسبهم باذن الله شهداء ... لن يسامحوا الاحياء الا اذا ما توفرت الاشتراطات كاملة وتم اداء الواجبات بصورة شاملة .

ان يكون الاحياء ... اوفياء للشهداء .. وان يكونوا على دربهم في عطائهم وانتمائهم وتضحياتهم وحرصهم .... اذا ما كان الاحياء على انتمائهم عزيمتهم وارادتهم ... واذا ما كان الاحياء على اخلاصهم ونقاء قلوبهم وارادتهم المخلصة والحرة .

اذا ما توفر للأحياء ما يعظم من انسانيتهم واداء واجباتهم .... وان يغلبوا المصالح العامة على الخاصة ... وان يعبدوا الطريق الصائب ويسلكونه في ظل ادائهم لواجباتهم ومجمل الاهداف الساعيين لتحقيقها ... قد يكون بالامكان ان نفتح نافذة واسعة حتى يمكن ان يسامح الشهداء الاحياء .

الاحياء بحقيقة الواقع لهم حياتهم الخاصة ومصالحهم المحددة .. في ظل اهدافهم التي يسعون لتحقيقها ... بينما الشهداء وقد اختاروا طريقهم واستقروا عن بارئهم خالدين بجنات خلد تجري من تحتها الانهاء ... خالدين فيها ابدا .

الفارق ما بين الاحياء ... وما بين الشهداء ومستقرهم ... يجعل الحديث فيه الكثير من التحليل الذي يطول فيه الشرح والتفصيل ... لكنه باختصار شديد يمكن التعبير عنه ببضع كلمات ... تؤكد على ان الوفاء للشهداء ... وما استشهدوا من اجله يعتبر الطريق الوحيد حتى ننعم بمسامحتهم ومدى الرضى الذي يمكن ان يغطي حياتنا ويتداخل بتفاصيلنا .

الشهداء وقد استقروا بمثواهم الاخير راضيين قانعين مؤمنين بما كتب لهم ... بينما الاحياء لا زالوا على صراعهم وتناقضاتهم واحقادهم ويمكرون بمكرهم في لعبة الحياة التي لا تشكل الا لحظة عابرة سيكون لها ما بعدها حيث المستقر .

نحن الاحياء حتى الان وقد ظلمنا !!! و ظلمنا !!! في مسيرة حياة مليئة بالمصاعب والتحديات والعقبات التي تفوق قدرة البشر على تحملها .. لكنها الحياة التي فيها الكثير وليس امامنا فيها الا الصبر ... وعدم القبول بالاستكانة بل العمل الدائم والارادة القوية ... واستنفار الطاقات لاجل ان نكون احياء بالفعل ... وليس الاحياء الاموات !!!

بينما الشهداء وقد استقروا في مهدهم وعرفوا طريقهم ومستقرهم وجنات خلدهم ينظرون الينا بعين العطف والحزن على ما نفعل بأنفسنا !!!!... وما نحرم منه !!!! .

أمام هذا القول الفلسفي بكل غيبياته وحقائقه والنابع من ايمان عميق يجعلنا نقف امام انفسنا كأحياء في مواجهة قوافل الشهداء ... ومن استشهدوا طلبا للعمل ... وسعيا للرزق ومن استشهدوا دفاعا عن الوطن ... كلا استشهد بطريقة خاصة وبما كتب له وليس أخرهم الشهيد تامر السلطان الذي قضى نحبه خارج وطنه متألما لفراقه .... كما نتألم اليوم نحن جميعا لفراقه وحتى يمكن لنا العودة لحسابات الضمير ... كما حسابات السياسة ومصالح الوطن ... وحتى نتمكن من احداث التوازن وتحقيق التسامح ... وحتى يمكن للشهداء ... ان يسامحوا الاحياء منا .