عملية «دير بزيع»: اختبار حقيقي للاستخبارات الإسرائيلية !

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

بينما تنشط كافة أجهزة الدولة العبرية، العسكرية والاستخبارية، في ملاحقة منفذي عملية "دير بزيع"، تجري تقييمات مستمرة حول هذه العملية التي تعتبر نسقاً جديداً من "العمل الفدائي الفلسطيني" من قبل هذه الأخيرة التي توصلت إلى أن المنفذين قاموا بإعداد وتخطيط جيد لها، من استطلاع ومتابعة، ودراسة الموقع والهدف "العسكري" بدقة، والأهم من ذلك أن المنفذين، وبنفس الدرجة من التخطيط والإتقان لنجاح العملية، قاموا بدراسة متقنة لكيفية الانسحاب، والمواقع التبادلية أثناء مطاردة أجهزة الاستخبارات والجيش لهم. الملاحقة المستمرة تقاد مباشرة من خلال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي افيف كوخافي وقائد القوات المركزية نداف بادان وقائد شعبة الضفة الغربية العميد ايران نيف، الذين أشاروا أثناء تقييمٍ للعملية الى أن كل الجهود ستنصب خلف السعي السريع للتوصل إلى المنفذين.
وقد أجمعت التقييمات المختلفة من قبل أجهزة الاستخبارات والجيش على أن المنفذين اعتمدوا على درجة عالية من التخطيط المحكم، وأن ذلك الأمر استغرق وقتاً طويلا للوصول إلى نجاح هذه العملية، إلاّ أن التقييم من المفترض أن يضع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية في موقع صعب، ذلك أن هذه الأجهزة كانت تبرر فشلها في السابق، ولدى حدوث عمليات طعن ودهس ـ على سبيل المثال ـ أن المنفذين كانوا يتحركون بشكل منفرد أولاً، وبسرعة من دون تخطيط محكم، وفي بعض المرات من خلال الصدفة، الأمر الذي يبرر لهذه الأجهزة عدم الحصول على معلومات استخبارية حول هذا النوع من العمليات، أما الآن، والقول بأن وراء هذه العملية خلية منفذة، وأن الإعداد لها استغرق وقتاً طويلاً، فهذا مدعاة للتساؤل حول مدى فشل هذه الأجهزة في التوصل إلى معلومات استخبارية حولها، رغم الوقت الطويل الذي استنفد للإعداد والتخطيط لهذه العملية.
التنفيذ الدقيق للخطة التي وضعها المنفذون، أَخَذَ بالاعتبار دراسة موقع الهدف بدقة، وحسب تقييم استخباري إسرائيلي، فإن المنفذين لاحظوا أن موقع الهدف "مثالي" للقيام بالعملية من حيث وجود عقبات أمام ملاحقتهم بعد التفجير، ذلك أن هناك طرقاً التفافية واختناقات مرورية في الوقت الذي اختاروه لتنفيذ العملية، الأمر الذي يعيق من أمر مطاردتهم، وبالتالي فإن المنفذين لم يعتمدوا على الحظ أو الصدفة، بقدر إتقانهم للتخطيط والتنفيذ.
وهذه التقديرات والتقييمات التي أجمعت عليها معظم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تضع هذه الأجهزة أمام شكل جديد من أشكال العمل الفدائي مستحدث، لكنه في الواقع ينطلق من كلاسيكيات حرب العصابات وفي سياق مفهوم "اضرب واهرب" ولكن من خلال دراسة وافية للهدف وطريقة الإفلات من المطاردة!