ليست قصة انتخابات!!

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

يسارع العرب ومعهم الفلسطينيون، من حيث يدرون ولا يدرون ، الى ايجاد مبررات وذرائع ارتكاب اسرائيل جرائمها بالجملة والمفرق، حتى حين تطول العراق التي ما تزال قوات حليفتها الامريكية العسكرية والاستخبارية متمركزة في أهم مرافقها ، وسوريا الغارقة في أتون حربها على الارهاب للسنة الثامنة على التوالي، ولبنان الذي تربطها به معاهدات وقرارات اممية بعدم الاعتداء، ناهيك عن قطاع غزة الذي يخضع لحصارها التجويعي منذ اثنتي عشرة سنة، الذي يصعب على الكافر، بمن في ذلك اصوات وجهات من داخل اسرائيل نفسها .

أبرز هذه الذرائع والتبريرات التي أسمعت عشرات المرات خلال السنة الاخيرة، الانتخابات، حتى ان سيد المقاومة امين عام حزب الله ، حسن نصر الله، وقع في هذا المأزق في خطابه الاخير، حين اشار بوضوح الى ان نتنياهو يستغل الانتخابات التي إن لم تقده الى سدة الحكم ولاية جديدة ، فإنه سيذهب الى السجن في حالة فشله فيها .

ومع ان هذا ليس شيئا خارج السياق السائد في معركة الصناديق التي لطالما تتغنى بها الديمقراطيات الغربية كل اربع سنوات مرة، فلا يستطيع الناخب الا الاختيار بين احد حزبين هما وجها العملة الرسمية في البلاد : "الديمقراطي او الجمهوري في امريكا ، العمال او المحافظين في امريكا ، الجمهوري او الاشتراكي في فرنسا ..الخ"، الا ان التبرير الانتخابي في اعتداءات اسرائيل على العرب، ليس صحيحا .

فعندما قصفت مدرسة بحر البقر المصرية، لم يكن هناك انتخابات، وعندما اجتاحوا قرية الكرامة الاردنية لم يكن هناك انتخابات، وعندما اجتازوا نهر الليطاني اللبناني لم يكن هناك انتخابات، وعندما دمروا مفاعل تموز العراقي لم يكن هناك انتخابات وعندما اغتالوا القيادي الشهيد خليل الوزير في تونس لم يكن هناك انتخابات، وعندما اختطفوا طائرة ركاب عراقية قادمة من ليبيا ظنا منهم ان على متنها جورج حبش، لم يكن هناك انتخابات، وعندما قصفوا مركز قيادة فيجي التي عرفت بمجزرة قانا، لم يكن هناك انتخابات، وعندما قصفوا مجمع اليرموك لصناعة الاسلحة في السودان لم يكن هناك انتخابات، وعندما اغتالوا محمود المبحوح في دبي لم يكن هناك انتخابات... ناجي العلي في بريطانيا ، خالد مشعل في عمان ، فادي البطش في ماليزيا ، والقائمة تطول لا يتسع لها المقال واي مقال .

اننا بحصر جرائم اسرائيل وارجاع سببها الى الانتخابات، انما نعفيها من حقيقة اجرامها وطبيعتها المجرمة، و إغفال الاسباب الحقيقية التي دفعت الامبريالية العالمية لإنشائها واقامتها في المنطقة .

عندما بدأت اسرائيل تتملص من تنفيذ بقية بنود اتفاقية اوسلو بعد مقتل رابين، نجحت في اقناع ياسر عبد ربه كمفاوض رئيسي، ان المسألة متعلقة بالانتخابات، ونجح هو بدوره في اقناع ياسر عرفات. كانت الانتخابات انذاك بين شمعون بيريس ونتنياهو، ولكنها اليوم بين بني غنتس وبين نتنياهو. كثيرون منا مقتنعون انها قضية انتخابات .