رأت مصادر أمنيّة وسياسيّة، وُصفت بأنّها رفيعة المستوى في تل أبيب أنّ تصدَّعًا في الإحساس بالاستقرار السياسيّ، حتى داخل حركة فتح قد بدأ، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه بعد عدّة أشهر يُفترَض أنْ يُعقد “المؤتمر السابع″ لحركة فتح من أجل انتخاب قيادة جديدة.
وبحسب مُحلل الشؤون الشرق أوسطيّة في موقع (WALLA) الإخباريّ-الإسرائيليّ، آفي أيسخاروف، فيبدو أنّ الأرضية السياسية تشتعل، وهكذا، على سبيل المثال، فإنّ مشاكل صعبة مثل تدفق المياه إلى عدد من مدن الضفة في الأسابيع الأخيرة (نتيجة عدم دفع فواتير المياه من جانب السكان) ما قاد إلى موجة تظاهرات ضد رؤساء البلديات، خصوصًا في نابلس ضدّ غسان الشكعة، مُشدّدًا على أنّ الحديث يدور عن أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وهو شخصية معروفة في فتح، وسار في الانتخابات الأخيرة للبلدية ضدّ قرار الحركة وقرر التنافس بشكل مستقل وفاز في الانتخابات.
وقد اشتبه الشكعة، بحسب المُحلل الإسرائيليّ، في أنّ شخصيات مركزية في فتح، بينها محمود العالول وأمين مقبول، خصماه الداخليان، يقفان خلف التظاهرات الاحتجاجية، وعندما فهم أنّه خسر الأغلبية المطلوبة في مجلس البلدية، قدّم استقالته، قال المُحلل. وتابع قائلاً إنّ ظاهرة الطعن السياسيّ في فتح لا تزال في بداياتها حاليًا، ولكن متوقّع أنْ تحتدم مع اقتراب “المؤتمر السابع″.
علاوة على ذلك، أوضح إيسخاروف إنّه في هذه الأثناء، يُعدّ رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، أيضًا لانعقاد المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ من أجل انتخاب أعضاء القيادة الجديدة التي ستنال عضوية اللجنة التنفيذية. وأشار إلى أنّه ليس محددًا بعد موعد انعقاد المجلس، لكن العاصفة لا تزال في ذروتها. وقبل عدّة أيام، أضاف المُحلل الإسرائيليّ، جرى الإعلان عن أنّ حوالي نصف أعضاء اللجنة التنفيذية، بمن فيهم عبّاس نفسه والشكعة، قدّموا استقالاتهم من اللجنة.
وتابع قائلاً، نقلاً عن المصادر الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب إنّه في المؤسسة الأمنية الإسرائيليّة يبذلون الجهد في التفكير بطريقة الحيلولة دون استقالة رئيس السلطة عبّاس، كما أنّهم في ديوان رئاسة الوزراء يفهمون أنّ لإسرائيل مصلحة واضحة في بقاء عبّاس في منصبه.
وقد نشر ديوان نتنياهو هذا الأسبوع بلاغًا استثنائيًا نفى فيه أنْ تكون إسرائيل تجري أية اتصالات مع حماس، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء. والبلاغ أشار أيضًا إلى جهود رئيس الحكومة البريطانية الأسبق توني بلير الاستثنائية، والتي التقى فيها مع قيادة حماس مرات عدّة في محاولة للتوصل لاتفاق وقف نار طويل المدى مع إسرائيل. ولكن في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، ينفون أنّ بلير يعمل باسمهم أوْ بموافقتهم، ولذلك ينبغي التساؤل باسم مَن يعمل، رغم ذلك يلتقي بلير مع خالد مشعل.
وأوضح أيضًا أنّه في السلطة الفلسطينية، في كل الأحوال، يُصرون على أنّ شخصيات إسرائيلية التقت فعلاً مع مقربين من حماس في إحدى الدول الأفريقية، والحديث لا يدور عن أعضاء رسميين في المنظمة، ولكن عن أعضاء مرتبطين بالحركة بهذا الشكل أو ذاك، على حدّ تعبيره.
وساق قائلاً إنّ محمود عبّاس ما زال يُواصل انشغاله المكثف بتحصين مكانته في فتح ومنظمة التحرير وفي الأساس في ملاحقة خصومه الداخليين، كما فعل في إغلاق مكاتب مبادرة جنيف في رام الله بسبب علاقتها بياسر عبد ربه، خصمه السياسي. وهو يحرص على إضعاف كل جهة تظهر كصاحبة قوة سياسية في الضفة الغربية وبعد أن “عالج” أمر محمد دحلان، عبد ربه وسلام فياض، من الجائز أنْ يكون هدفه المقبل هو جبريل الرجوب، الذي يبرز كأحد أقوى الرجال في حركة فتح حاليًا.
ولفت المُحلل أيضًا إلى أنّ رئيس السلطة عبّاس يهتمّ فعلاً بتسمية من يريد أنْ يراه خليفة له عندما يحين الوقت، صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس طاقم المفاوضات مع إسرائيل، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ عريقات لا يتمتع بأي دعم شعبي واسع وربما أنّ هذا سبب اختيار أبو مازن له كوريث. وبموازاة ذلك، أضاف الموقع الإسرائيليّ، تُشير جهات فلسطينية إلى أنّ إسرائيل تواصل إدارة مفاوضات مباشرة مع حماس حول الإفراج عن إبرا منغستو والمواطن الإسرائيلي البدوي. وذلك يتم عبر غرشون باسكين، الذي شارك في صفقة شاليط، وغازي حمد من حماس.
وحسب هذه الجهات، سبق لإسرائيل أنْ أعربت عن استعدادها لتحرير أسرى “الجرف الصامد” وأيضًا محرري صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم أثناء عملية “عودة الإخوة”، ولكن فقط من لم يتجاوزوا القانون. وترفض حماس ذلك حتى الآن وتطالب بالإفراج عن كل محرري صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم. وخلُص إلى القول إنّه حتى الآن المفاوضات لم تصل إلى نقطة اختراق، وحاليًا لا يبدو أنّ سيناريو استقالة عبّاس معقول، ولا أيضًا أيّ خطوة مثيرة استثنائية أخرى، حسبما ذكر.