انقضت أيام الرحمة المئة لحكومة نتنياهو الرابعة. تبددت أوبرا انتصار الانتخابات، وبقينا مع مرارة في الحلق. فهذا ليس اباً وحده، الحار واللزج الذي يبعث فينا الافكار الثقيلة؛ بل أعمق وأكثر ايلاما من ذلك بكثير. الى اين، هذا هو السؤال الذي يتراكض في رأسي. الى أي أفق تسير بنا حكومة اسرائيل؟ هل يسأل هذا السؤال الصغير، أم ربما في القدس ينشغلون باطفاء الحرائق فقط؟
ان الانجرار وراء املاءات الواقع يجد تعبيره في التفاصيل الصغيرة لحياتنا، ولكنها اصبحت نوعا من المرض العضال في السلوك السياسي لحكومات اليمين. لقد جربت حكومات اليسار كل شيء، ولم تخش حتى من اجراء التجارب على بني البشر. حكومة رابين – بيريس جلبت علينا «اوسلو»، أقامت السلطة الفلسطينية، وأدخلت اسرائيل في دائرة دموية لا نهاية لها. باراك، اولمرت، وليفني وافقوا على أن يتنازلوا تقريبا عن كل شيء كي ينهوا النزاع، ولكن لا توجد دولة فلسطينية. بادر شارون الى انسحاب من طرف واحد من غزة، وجلب علينا «حماستان» وأدخلنا في دوامة الصواريخ والانفاق والحروب.
لقد أثبتت بالونات التجارب التي أطلقها اليسار بأنه حتى لو أقامت اسرائيل لنفسها جزيرة اصطناعية في قلب البحر المتوسط، سيواصل الفلسطينيون المطالبة بحق العودة الى هناك أيضا. للرد على الادعاء بانه لا يوجد شريك للمسيرة السياسية في الطرف الآخر كان علينا أن نتخذ خطوة من جانب واحد، في صالحنا – والويل لتلك المصلحة. بالون تجربة «فك الارتباط»، الذي أطلق الى الهواء في ظل سحق حقوق انسان سكان غوش قطيف، انفجر في وجوهنا.
في اليمين وحده يخافون التجارب، يخافون المبادرة. في أساس الفكر اليميني يختبئ تفكير يتجذر عميقا، وكأن ابقاء الوضع كما هو يخدم الاستيطان – وهذا خطأ جسيم. فالايام التي كان يمكن فيها توسيع الاستيطان، تحت رعاية المؤقت وعصا زمبيش، انقضت. والدليل هو التجميد شبه المطلق للاستيطان في «يهودا» و»السامرة»، بعد انتصار اليمين في الانتخابات.
بلدة اخرى، كرفان آخر، تثبيت آخر للحقائق على الارض لا بد مهم، ولكن المعركة الشاملة يجب أن تكون على تغيير الاتجاه. اما ابقاء الوضع المؤقت، والذي تقرر فيه اسرائيل الا تقرر، فيقوض حقها الاخلاقي في الاحتفاظ بـ»يهودا» و»السامرة». فلا يمكن الاحتفاظ الى الابد بالناس بلا حقوق. من المحظور الانتظار الى أن تشعل الانتفاضة البلاد، وتصبح اسرائيل منبوذة في العالم. كفى انتظاراً، وكفى احتلالاً. نعم، نعم، كفى احتلالاً. هذه العبارة هي الحل الذي يجب أن يقوده اليمين.
في «يهودا» و»السامرة» يعيش 400 الف مواطن اسرائيلي تحت حكم عسكري. منذ 40 سنة وقادة المنطقة في الجيش الاسرائيلي هم الذين يقررون عنهم في مسائل مدنية مثل جودة البيئة، الاراضي، واذون البناء. الى جانب المواطنين الاسرائيليين يعيش تحت حكم عسكري في المناطق «ج» نحو 100 الف فلسطيني آخر. الباقون يعيشون في ظل السلطة الفلسطينية، التي تدير حياتهم المدنية.
لحكومة نتنياهو، الى جانب تأييد ليبرمان من المعارضة، توجد امكانية لقيادة خطوة لانهاء الاحتلال من خلال ضم مناطق «ج» ومنح حق الاقتراع للاقلية الفلسطينية التي تعيش في هذه المناطق. هذه الخطوة محقة اخلاقيا وفي الوقت ذاته ستؤشر للفلسطينيين إلى ان لتسويف الزمن من طرفهم ثمناً.
لقد حان الوقت لمبادرة سياسية من اليمين. اليمين ايضا يحق له أن يطلق بالونات الاختبار. احتمال ان تمس حياة الناس اقل بكثير من بالونات الاختبار التي اطلقها اليسار.
عن «يديعوت»