بقلم:  فؤاد أبو حجلة

اطلبوا الجهاد في الفلبين بدلاً من فلسطين!

 فؤاد أبو حجلة
حجم الخط

غزّة - بقلم فؤاد ابو حجلة

بعد انحساره وهزائمه الماحقة والمتلاحقة في سوريا والعراق وجد تنظيم داعش الظلامي نفسه قريباً من السقوط الكامل والاندثار، فانطلق بإرهابه إلى ما وراء الحدود محاولاً إثبات فاعليته في ساحات أخرى رأى أنها مكشوفة ومناسبة لنشاطه الإرهابي، واعتمد في عملياته الدموية القليلة التي نفذها أخيراً في أماكن متفرقة على عنصر المفاجأة، ليوقع ما يكفي من الخسائر البشرية لتذكير العالم بأن ظاهرة الإرهاب الظلامي لم تنته، وبأن الخروج الذي لم يكتمل بعد من سوريا والعراق لا يعني نهاية التنظيم الذي يوقظ خلاياه النائمة في ساحات أخرى بعيدة عن المنطقة العربية.

آخر عمليات الإرهاب الداعشي وقعت في الفلبين، أين فجر عناصر التنظيم سوقاً عامة في جنوب البلاد. لكن هذه العملية التي حملت توقيع داعش، حملت أيضاً دلالة على قدرة هذا التنظيم على تحريك مجموعات ظلامية إرهابية تعمل في ساحات مختلفة وتوجيهها لتنفيذ عمليات تقتضيها الضرورة الداعشية، وإن كان لمجرد تأكيد الوجود والقدرة على الفعل.

ولعله من البديهي القول، إن من يستطيع تحريك خلايا إرهابية في جنوب شرق آسيا، يستطيع تحريك خلايا مماثلة في ليبيا، أو تونس، أو اليمن، أو الصومال مثلاً.

وربما يكون ضرورياً أيضاً العودة إلى تأكيد أن نشوء هذا التنظيم الإرهابي واستمراره لم يكن نتيجة لعملية تحول سياسي، أو اجتماعي، أو عقائدي طبيعي في المنطقة، بل هو تشكيل موجه وممول بالكامل من أجهزة دولية وإقليمية ذات مصلحة في العبث بالمنطقة، وتهديد الاستقرار في دولها، ناهيك عن اختراق مجتمعاتها بفكر يؤسس لحالة من اليأس المستدام.

لم يكن لظهور داعش مقدمات موضوعية، ولم يكن لتمكين التنظيم الارهابي من اجتياح مناطق واسعة في جغرافيا سوريا، والعراق، في وقت قياسي إلا تفسير واحد، وهو حظوة هذا التنظيم برعاية وغطاء سياسي، ومالي، وعسكري كبير أيضاً من قبل جهات وقوى نافذة في الإقليم.

ولعل انتقال أعداد كبيرة من عناصر التنظيم وآلياتهم وعرباتهم من الموصل في العراق، إلى الرقة في سوريا، في مواكب كبيرة وتحت سماء تجوب فيها كل أنواع أقمار التجسس يثبت ما نذهب إليه في السياق، كما أن تحريك خلايا الإرهاب الداعشي في جنوب اليمن، في مواقيت معينة يؤكد توجيه هذا التنظيم من جهات مستفيدة من إشعال المنطقة بالحروب الصغيرة والكبيرة.

لم يذهب الدواعش إلى الفلبين طلباً للجهاد، لأن الجهاد ممكن في فلسطين التي اختاروا عدم الاقتراب منها رغم أن الجهاد فيها فرض عين.

وقد زعموا أكثر من مرة أن الله لم يأمرهم بمقاتلة إسرائيل التي قدمت العلاج للمئات، إن لم يكن للآلاف من جرحاهم في معارك سوريا، ولم يقولوا لنا إن كان الخالق، أمرهم بمقاتلة الفلبين!

صحيح أن العراقيين والسوريين تمكنوا من دحر الوجود الداعشي من المناطق التي احتلها وسيطر عليها التنظيم الإرهابي في السنوات السابقة، لكن الصحيح أيضاً أن هناك خلايا داعشية موجودة حتى الآن في الدولتين، وقادرة على تنفيذ عمليات إرهابية في مناطق مختلفة.

صحيح أيضاً أن الجيش المصري يحقق نجاحات كبرى ضد الاختراق الظلامي لبعض المناطق في سيناء، لكن هناك خلايا لا تزال قادرة على شن هجمات إرهابية في رفح، والعريش، والشيخ زويد.

كما أن المجموعات الظلامية المرتبطة بداعش بطريقة أو بأخرى لا تزال قادرة على التخريب في ليبيا، وتنفذ عملياتها الإرهابية في مناطق مختلفة ومتباعدة.

ولولا الجهد الشعبي المتميز في مواجهة القوى الظلامية في جنوب اليمن، لكانت وتيرة الإرهاب الداعشي في عدن، وغيرها من مدن الجنوب أكبر بكثير مما هي عليه الآن.

داعش لم يندثر، ولا بد من الحذر لأن المستهدف من الإرهاب الظلامي، ليس الفلبين.