نهاية الدور القطري واللعب على المكشوف

طلال عوكل.jpg
حجم الخط

طلال عوكل

أخيراً غرّد السفير القطري محمد العمادي، بما يكشف حقيقة الدور الذي تلعبه قطر منذ سنوات. تفتقر تصريحات السيد العمادي، إلى اللباقة حين ينتقد الدور المصري، وحركة «حماس» وفصائل المقاومة في قطاع غزة ويشيد بالعلاقة الممتازة بين قطر وإسرائيل.
مفاضلة، لا تنطوي على جديد بالنسبة للكثير من السياسيين والقريبين من حقل العمل السياسي، ذلك أن قطر التي كانت على علاقة مبكرة بإسرائيل، قبل كل مجريات «الربيع العربي»، تواصل دورها المرسوم من قبل واشنطن لخدمة المصالح الإسرائيلية.
قطر سبقت الجميع ما عدا مصر والأردن اللتين كانتا قد وقّعتا على اتفاقيات سلام، وأقامت مكتب تمثيل، واستقبلت مسؤولين إسرائيليين قبل أن يقع الانهيار الذي يجعل دولاً أخرى في المنطقة تجاهر بعلاقتها بالدولة العبرية.
تعلم قطر وغير قطر من دول المال العربية وغير العربية، أن الأموال المحكومة لقرار الأجنبي، لا تصنع لهؤلاء أدواراً ولا تؤمّن لهم سياسات مستقلة. كان الدور القطري معروفاً ومكشوفاً في أزمة الصراع في سورية وعليها، وهو دور مكشوف في الأزمة الليبية وكذلك الأزمة اليمنية، والنتيجة هي أن السياسات التي تقف وراء تلك الأدوار، انتهت أو في طريقها إلى الفشل.
في هذه الحالة، فإن الفشل أو النجاح في تحريك قوى صغيرة، ومحدودة الإمكانيات لكي تلعب أدواراً مغلقة، لا تتناسب إطلاقاً مع إمكانياتها، ستعود إلى المشغل وليس إلى الأداة. في السياق ذاته يأتي الخلاف القطري مع دول الخليج ومصر، ذلك أنه صراع قوى يستخدم فيها الخلاف لصالح واشنطن وحليفتها إسرائيل.
كيف يمكن للعقل أن يقبل استمرار العلاقة الوثيقة بين قطر، التي يوجد فيها قواعد عسكرية أميركية ذات أبعاد استراتيجية فيما هي تواصل علاقتها بإيران، التي تقف منها كل من واشنطن وتل أبيب موقف العداء.
ليس بإمكان أي متحذلق، أن يبرر مثل هذا التناقض، بخلع صفة الاستقلالية على السياسة والدور القطري، الذي يخوض معارك مع الكبار في المنطقة، ونقصد من الدول العربية، ما لم يكن محمياً من واشنطن؟
الأموال التي ضخّتها قطر خصوصاً في قطاع غزة، لم تكن مدفوعة بأسباب قومية، ومن خلال التزام حقيقي بأولوية القضية الفلسطينية، وضرورة دعم النضال الوطني الفلسطيني.
لا يملك الفلسطيني سوى أن يشكر قطر على الدعم الذي قدمته وهو ملموس ومرئي في قطاع غزة، ولكنه مال مدفوع بدوافع أو بغطاء إنساني، ولكن بأبعاد سياسية لا تخرج عن حسابات السياسة والمصالح الإسرائيلية.
طوال الوقت كان المتابعون للشؤون السياسية والإنسانية يعرفون بعد تبادل الأدوار بين قطر وإسرائيل فيما يتعلق بالتهدئة، ولم تكن الدولارات التي يحملها العمادي لتدخل إلاّ بموافقة إسرائيلية وبغرض إقناع الفصائل بضرورة الالتزام بتهدئة كاملة.
قبل تصريحاته الأخيرة، كان السفير العمادي، قد صرح بأنه سيواصل دعم ملف الكهرباء بنسبة خمسين في المئة، قبل أن يتراجع، والتراجع لم يأتِ على لسانه.
تزامن ذلك التصريح، مع وجود وفد حركة «حماس» الأخير في مصر، والتصريحات الإيجابية التي صدرت عن اللقاءات. لكنه بعد ذلك اتخذ قراراً بوقف العمل في المشروع الزراعي الكبير الذي كان على أجندته دعماً للقطاع الزراعي والتشغيل، ولا يبدو التبرير مقنعاً، الذي يعيد ذلك إلى خلاف مع «حماس» على موضوع الحصص والأموال.
الموضوع لا يتعلق باحتجاج قطر على الدور المصري، فقطر لا تستطيع أن تصمد وأن تفرض خياراتها ودورها لا على الوضع الفلسطيني ولا على قطاع غزة، أمام تاريخية واستراتيجية دور مصر التي ينبغي أن لا ينسى أمراء قطر  أنها عمود الخيمة العربية.
لا ننسى في هذا السياق الدور المناكف الذي لعبته قطر، فيما يتعلق برعايتها ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين، ثم ألحقتها، بعلاقة مميزة مع تركيا.
على كل حال الدور القطري لم ينتهِ بقرار قطري، فالمشغل هو صاحب القرار، وهو أي صاحب القرار، يأخذ قراره استناداً إلى الحاجة، لوقف الدعم المالي القطري، لممارسة المزيد من الضغط الاقتصادي على قطاع غزة، يبدو أن المشغل لا يزال يرى إمكانية لتطويع فصائل غزة، تحت ضغط الأوضاع المأسوية، للتعامل بشكل أو بآخر مع «صفقة القرن». وبرأينا فإن هذا يقدم مؤشراً، على أن الضغط في قادم الأشهر قد يتحول إلى محاولة كسر الإرادة الفلسطينية، من خلال عدوان واسع يستهدف قلع أسنان وأظافر فصائل المقاومة في غزة.