اغتــيال الكــونت برنــادوت

حجم الخط

 

كلفت الجمعية العامة للامم المتحدة، لجنة من خمس دول ، لاختيار وسيط دولي ، لمعالجة التوتر ، الذي نشأ ، بعد صدور تقرير الامم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 ، على غير رغبة أو استشارة اهلها .
وقد اختارت هذة اللجنة ، المشكله من أمريكا ، الاتحاد السوفيتي ، وفرنسا ، والصين في حينه الكونت فولك برنادوت ، حفيد ملك السويد ، والذي كان يشغل ، عند ترشيحه ، نائب رئيس الصليب الاحمر السويدي .
والكونت برنادوت من خلال منصبه هذا ؛ لعب دوراً مهماً للغاية ، اثناء الحرب العالمية الثانية ؛ في انقاذ ؛ واطلاق سراح عدد كبير من الاسرى من سجون ؛ القوات النازيه المجرمه ؛ فيما كان معظمهم المحررين من السجون من اليهود ، والباقي من جنسيات اخرلى مختلفه من دول اوروبا .
ومما لا شك فيه ، ان هذا الجهد الانساني الكبير ؛ ساهم في تشجيع الاوساط اليهوديه في أروقة الامم المتحده ؛ باختياره من بين منافسين ؛ ليتم اختياره وسيطاً دولياً للامم المتحده ، في هذه القضية الصعبة واختارت مساعداً له في ذات الوقت العقيد الفرنسي سيروت .
وبذل الكونت برنادوت ، جهوداً كبيراً ؛ للاطلاع ومعرفة تفاصيل ؛ المشكلة الجديدة ، التي اطلع بها ، واستعان بالعديد من المستشارين ، وقام بجولات ميدانيه واسعه ، لمعرفة ادق التفاصيل والحقائق .
وشاهد بام عينه ، ما تعرض له الشعب الفلسطيني من مظالم ؛ وعنف ؛ وتشريد ؛ ودمار ؛ والتقى بعشرات الالاف من اللاجئين الفلسطينين الفارين إلى مدينة رام الله وغيرها ؛ وهم في حاله بائسة مزريه ؛ أطفال ، ونساء وشيوخ ؛ وكانت القوات الصهيونيه ، حتى هذا التاريخ قد دمرت 200 قرية فلسطينية تدميراً شاملاً ؛ وهجرت وطردت مئات الالاف من مدنهم في حيفا ويافا واللد والرمله وغيرها .
وبعد دراسة عميقه ، ومتابعات ؛ ميدانيه ، ومشاهدات ما حل بالشعب الفلسطيني ، من ظلم ؛ ومآسي ، ضياع مستقبل .
تقدم بعدة اقتراحات للامم المتحده و الامين العام ؛ في محاوله جادة ، لا يقاف التدهور ؛ السياسي والاجتماعي ؛ ومحاوله لتهدئة الامور ؛ المضطربه على النحو التالي :-
1) اعادة اللاجئين إلى ديارهم وتعويضهم .
2) ضم اقليم النقب إلى الدوله العربية ؛ وضم القدس للدوله العربية .
3) ضم الجليل إلى الدولة اليهودية، وإعطاء اليهود حقوق دينيه في القدس .
رفضت الحركة الصهيونيه هذه الاقتراحات وقاومتها ؛ بدأت رسائل التهديد تنهال ؛ على مكتب الكونت برنادوت من اتباع هذه الحركه .
واستلم وهو في مطار بيروت من مكتبه في القدس ، رسالة تهديد بالقتل ، ونصح بعدم التوجه إلى المطار قلنديا في القدس . الا انه اصر ، ووصل إلى القدس في المناطق العربية منها بحراسة القوات الاردنية ؛ التي رافقت القافلة المؤلفة من ثلاث سيارات إلى الحاجز العسكري على حدود القدس العربية ؛ والتي تسيطر عليه (الهاجاناة) ، القوات اليهودية الرسمية .
ولم يبتعد الموكب أكثر من مائة متر ، حتى اعترضت سيارة جيب عسكرية، بها 6 أفراد بلباس عسكري إسرائيلي الموكب . وتعرف ثلاثة منهم على الوسيط الدولي ومساعدة ؛ وافرغت في صدر كل منهم سنة رصاصات ، لتنهي حياة هذا الوسيط الشريف .
ازاء هذه الجريمة البشعة ، احتاج الامم المتحدة والرأي العام في العالم ؛ غضب عارم ، حاولت السلطات اليهودية باحتوائه ؛ باعتقال خمسين عضواً من أعضاء المنظمات الارهابية ؛ لمدة قصيرة ثم اطلقت سراحهم .
وفي ضوء هذا الاهمال وهذا التقاعس الذي اظهرت اسرائيل عقد مجلس الامن اجتماعين ، واتخاذ قرارين رقم 57 في أيلول 1949 ، والذي اعرب فيه عن الصدمه والفجيعة ، والعمل الجبان ، الذي اقترفته جماعه مجرمه من الارهابين في القدس . ونكست الامم المتحده علمها ثلاثة ايام .
ولما امتنعت اسرائيل عن تنفيذ القرار وتقديم تقرير عن الجريمه النكراء اتخذ مجلس الامن القرار 59 بتاريخ 19 تشرين الاول لعام 1948 جاء فيه:
1) ان مجلس الامن يلاحظ بقلق ان حكومة اسرائيل المؤقته لم تقدم حتى الان تقريراً إلى مجلس الامن أو إلى الوسيط بالوكاله حول تقدم التحقيق عن الاغتيالين ( اغتيال وسيط الامم المتحده الكونت فولك برنادوت واغتيال مراقب الامم المتحده اندريه سيرو ) .
2) يطلب إلى تلك الحكومه في وقت قريب تقديم تقرير إلى مجلس الامن عما احرزه التحقيق من تقدم ؛ وتشير فيه إلى الاجراءات التي اتخذت بشأن إغتيال الموظفين أو العناصر الاخرى المؤثرة في الجريمه .
وبذلك تكون قد تراخت الامم المتحده ؛ بأتخاذ مواقف حازمه ازاء الجريمه؛ بسبب ؛ تدخلات دوليه ؛ اصرت على تقسيم فلسطين وتشريد شعبها .
والمدهش والمستغرب ان اثنين من القتله اصبحا رؤساء وزراء لاسرائيل اسحق شامير ومناحم بيجن ، اما الثالث فأصبح عضو كنيست ؛ والاكثر غرابة ؛ ان رئيس وزراء اسرائيل بن جوريون فال بعد عشر سنوات من الجريمه انه لولا قتل برنادوت لما قامت دولة اسرائيل
وليس من المستغرب ؛ ان ابناء وأحفاد القتله الارهابيين ؛ هم من يحكم في اسرائيل ؛ وقتلوا اسحق رابين ؛ عندما فكر بالسلام ووقع اتفاق أوسلو عام 1993 .