الحـرب الــتــي "مـزّقــــت" إســــرائيـــل..!

ايتان هابر
حجم الخط

    -خبر-بقلم: ايتان هابر

 01 أيلول 2015


لا تعرف عقارب الساعة الرحمة. بعد اقل من سنتين ستبلغنا الرزنامة عن موعد فريد من نوعه، من شأنه في دولة معقدة جدا أن يكون حرجاً في درجة اشعاله للجدالات المريرة: بداية حزيران 2017، سنة اليوبيل لحرب «الايام الستة». وسيتنفس الآن القراء الصعداء، حقا، ويقولون لانفسهم: أتنقصنا مشاكل الآن؟ يكفينا أن نصبر حتى تأتي المشكلة. سنجتاز الجسر عندما نصل اليه.
وهاكم قصة شخصية: قبل نحو 15 سنة دعيت لأحاضر في دائرة في الشارون. وكان القسم الاكبر من الضيوف ضباطا من الجيش الاسرائيلي. بدأت اتحدث عن موضوع لا يعرفه احد، ولا يتحدث عنه احد. ولكن ذات مرة، ولا اعرف متى، سيتحدث عنه كل العالم، وسيكون على رأس اهتمامنا كاسرائيليين. وبعد وقت قصير سمعت همسات الآخرين الذين جاؤوا للاستمتاع فوجدوا امامهم من يثير قلقهم ويشوش عقولهم عن النووي الايراني. وبعد بضع دقائق اوقف المضيف كلامي ووجه الجميع نحو المنقل الذي بات يطلق الدخان. اعتذرت وسرت مثلهم نحو «وعاء اللحم». وبين قضمة واخرى سمعت ثرثرات عن ذاك الذي يخيفنا بالتوقعات الاخروية.
50 سنة، يوبيل، ليست زمنا كثيرا في تاريخ شعب قضى في المنفى 2000 سنة. ولا في نظر الفلسطينيين الذين درجوا على أن يزعجونا بسؤال معروف جوابه مسبقا: كم سنة حكم الصليبيون «بلاد اسرائيل» حتى طردوا منها؟ مئة؟ مئتين؟ (الجواب الصحيح: نحو مئتي سنة). وبالتالي سنحتملكم أنتم ايضا، إلى أن تختفوا من هنا.
حزيرن 2017 سيكون مع ذلك نقطة انعطافة تاريخية. يوبيل على الحرب التي غيرت وجه الشرق الاوسط. معظم الاسرائيليين اليوم لم يكونوا هنا في حينه. في الشارع كان يسير الجميع تقريبا مع عيون تنظر الى الارض، وكنا نحصي ايامنا الاخيرة. وتحدث الناس فيما بينهم عن كارثة ثانية كامكانية ملموسة للغاية. ولا مرة، ولا حتى في حرب «يوم الغفران» الفظيعة، كانت اجواء النهاية مثلما كانت في اسابيع الانتظار الثلاثة. وعن نتائج تلك الحرب لن نوسع.
لن نوسع؟ منذ حزيران 1967 يخيل أننا لا ننشغل الا بالحرب وبنتائجها. هي التي تمزقنا داخلنا: قسم من الشعب يؤمن بانها بداية خلاصنا، وقسم آخر مقتنع بانها بداية مصيبة وطنية ستؤدي الى انقراضنا. في اعقابها اقيمت عشرات المستوطنات. في اعقابها نسيطر على شعب آخر. في اعقابها تغيرت الديمغرافيا في البلاد. في اعقابها نصف العالم لا يتحدث معنا. في اعقابها استثمرنا حليبنا ودمنا في وسائل القتال. في اعقابها كف الآلاف عن العيش، وآلاف آخرون اصبحوا مقعدين حتى نهاية ايامهم.
ثمة من سيقولون، وهم في هذه اللحظة الاغلبية الائتلافية المسيطرة علينا وفينا، ان القائم في الاعالي منحنا لحظة رحمة، وفي أعقابها «عدنا الى أقدس أماكننا». في اعقابها تغير طابعنا الوطني وولد الاسرائيلي الجديد، الذي لا يخاف احدا، واصبح الجيش الاسرائيلي «معقل جرف خلاصي»، الجيش الاقوى في المنطقة. حققنا احلامنا.
السؤال كيف نحيي يوبيل حرب «الايام الستة» سيمزقنا إربا. نصف الشعب سيخرج الى الرقص، نصف آخر (اقل، حسب نتائج الانتخابات) سيلبس الكيس وينثر عليه التراب. سيقترحون شعارات، سيرفضون شعارات، ستكون مداولات لا نهاية لها في الكنيست، في وسائل الاعلام وفي الشبكات الاجتماعية. الناس سيتخاصمون، سيتشاتمون وسيتسابون. ستشكل الحكومة لجنة وطنية لتنظيم الاحتفالات، وتوفر وظائف اخرى للمقربين. ستقيم السلطات المحلية لجانا لتبذير الاموال الطائلة. ولعلهم سيقيمون ايضا فرقا موسيقية تعزف مثل تلك على دكة السفينة العظمى، تلك التي لن تغرق ابدا، قبل لحظة من الصدام بالجبل الجليدي الضخم.
سجلوا امامكم: حزيران 2017، بعد عشرين شهراً تقريباً. ليس وقتا طويلاً.

عن «يديعوت»