أهلاً بكم في أقبية "الشاباك" ومحاكم الاحتلال

عميره هاس
حجم الخط

01 أيلول 2015


-خبر-بقلم: عميره هاس

توجد عدة أسباب لعدم الكتابة عن محاكمة خالدة جرار، التي بدأت يوم الاثنين الماضي 24 آب، بعد اعتقالها خمسة أشهر تقريبا. في الاسبوع الماضي نجحت النيابة في إحضار أوائل الشهود ضدها.
نائب العميد، رونين عتسمون، قاضي المحكمة العسكرية للاستئنافات في «يهودا» («عوفر») قرر أن جرار، العضو في المجلس التشريعي الفلسطيني عن قائمة أبو علي مصطفى، ستبقى في السجن حتى نهاية المحاكمة بسبب التهم الخطيرة التالية:
زيارتها لمعرض الكتاب، والمشاركة في خيمة الاعتصام تضامنا مع الأسرى، وعضويتها في تنظيم محظور (الجبهة الشعبية)، ومطالبتها بخطف الجنود (رغم أن الشاهد الذي تم تقديم لائحة الاتهام بناءً على شهادته قال إنه ليس متأكدا إذا طالبت بخطف الجنود أم أن ذلك قيل في الاحتفال الذي شاركت فيه). وعلى جرار أن تعرف مثل كل فلسطيني آخر أنها مُدانة مسبقا.
السبب الرئيس لعدم الكتابة عنها هو أن الكتابة عن الحدث الذي يتم في الكرفانات في «عوفر» هي بمثابة مشاركة وغض النظر حول جوهر هذا الجهاز، ويجب اختراع كلمات جديدة تستبدل المفاهيم المضللة مثل «محكمة» و»لائحة اتهام» و»تحقيق مع الشهود».
سبب آخر هو عدم امكانية اجراء مقابلة مع جرار وسؤالها: كيف هو الجلوس هناك في كرفان، وعدم فهم النقاش في موضوعك (لأن الترجمة من العبرية الى العربية سطحية)، وكيف تحافظين على يقظتك (وتبتسمين لأبناء عائلتك) حتى الساعة الرابعة بعد الظهر رغم خروجك من السجن الى المحكمة في الساعة الثالثة فجراً، حيث تعبت في «البوسطة» (الحافلة التي ينقل فيها الأسرى من سجن الى سجن وهم مكبلون)، في حين أن الاحرار الذين تواجدوا في النقاش عادوا منهكين الى منازلهم.
سبب ثالث هو أن جرار ليست «المتهمة» الوحيدة، والتركيز عليها من بين المئات الآخرين الذين يصلون كل اسبوع الى مصنع الادانات المسبقة في شارع 443 هو بمثابة تمييز، وقد يكون من الاجدر الكتابة عن المجهولين الذين لا يتواجد ممثلو الاتحاد الاوروبي «في محاكمتهم» أو أنهم غير مهمين بالنسبة لوسائل الاعلام.
اثنان من المجهولين الكثيرين، اللذان حُكما قبل ثلاث سنوات بالسجن لمدة عام ونصف العام بسبب نشاطهما في الجبهة الشعبية، تم إحضارهما الاثنين قبل الماضي كشاهدين، لذلك تم اعتقالهما قبل المحاكمة بثلاثين ساعة. لماذا؟ لأنهما لم يحصلا على استدعاء مكتوب، للقدوم الى المحكمة، «غ» أنكر أنه قال في التحقيق إن خالدة جرار طالبت بخطف جنود. «ش» قال ان خيمة التضامن مع الأسرى التي تواجدت بها خالدة لم تكن تابعة للجبهة الشعبية انما لجميع التنظيمات. المدعي العسكري، نتانئيل يعكوف حاي، طلب الاعلان عنهما كشهود معادين، ووافق القاضي نائب العميد تسفي هايدل بورن.
استغرب المدعي من الفارق بين ما قاله الشهود وبين ما كتبه «الشاباك» والشرطة. الاثنان قالا انه خلال التحقيق تم الضغط عليهما نفسيا وجسديا، والشاهد «غ» قال ان التوقيع باسمه على الافادات ليس توقيعه. شاهد ثان قال للمدعي: «لو كنت في تحقيق الشاباك ستفهم ما يعني هذا؟ وبناء على طلب محامي الدفاع (محمود حسان وسحر فرنسيس) تحدث بالتفصيل، استمر التحقيق معه في المسكوبية حوالي شهر. جلس على كرسي منخفض وقدماه مربوطتان في كرسي بلاستيكي قاس، اليدان مقيدتان من الخلف، منع من النوم، ويتذكر ان الفترة الاطول التي جلس فيها هكذا استمرت اربعة ايام، حيث كان يستمر الحال 20 ساعة متواصلة مع راحة لمدة ساعة، لم يحصل على الطعام عندما كان مقيدا بالكرسي، وحصل على الماء، عندما كان يغفو كانوا يأخذونه الى الحمام من أجل أن يصحو، حين يطلب الحمام لا يأخذونه للحمام، كان معزولا طوال فترة التحقيق. صرخ المحققون وشتموا أخواته، أهانوه، واهانوا عائلته، وهددوا باطالة التحقيق والسجن اذا غير إفادته (كما فعل).
قرأ المدعي ما كتبه المحققون بانهم اعطوه طعاما بما في ذلك تسالٍ وقهوة في غرف التحقيق، وقال الشاهد «ش» انه يذكر انه أكل قطعة بوريكس في غرف التحقيق.
قال المحامون ان كلام «الشاباك» لا يعكس بالضرورة ما حدث في غرف التحقيق، ولا يوجد أي ذكر لما تعرض له من تعذيب (كرسي منخفض، كلبشات، منع النوم)، كانت نتيجة التحقيق عاما ونصف العام في السجن، بسبب المشاركة في مسيرة ضد الاحتلال وفي خيمة الاعتصام أو حمل مسدس، وبناء على الشهادات تم اعتقال مجهولين آخرين، والتحقيق معهم ايضا على كرسي منخفض والايدي مقيدة للخلف ومنع النوم والقول ايضا في حينه انهم حصلوا على وجهة الغداء والتسالي واعتقال الآخرين وهكذا.

عن «هآرتس»