ممّا لا شكّ فيه أنّ صفات الشّهامة والنّخوة ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، من أهم ما يُميز الشعوب العربية التي يحرص غالبية أبنائها على تطبيقها خاصة أثناء وجودهم خارج أوطانهم، حتى غدت أنماطاً تُمثل قوة وقانوناً اجتماعياً مترسخاً في النفوس يصعب الخروج عليها والانفكاك منها.
حادثة اجتماعية تكاتفت فيها الجالية الفلسطينية والجاليات العربية المتواجدة في العاصمة الروسية موسكو، كانت سبباً في إشهار سيدة روسية إسلامها وإعلان رغبتها في الانضمام للدين الإسلامي، تقديراً منها للشيم النبيلة التي أبداها الفلسطينيين والعرب المتواجدين في روسيا.
طبيب المسالك البولية والعقم عند الرجال د. سهيل أحمد مطر، المتواجد في موسكو ضمن ظروف عمله التي تفرض عليه زيارتها لإجراء عمليات جراحية، روى حادثة أعلنت سيدة روسية بعدها رغبتها في الإسلام.
وقال د. مطر في تدوينة رصدتها وكالة "خبر" عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "قبل أيام تُوفي فلسطيني من الضفة الغربية يُدعى فراس بشكلٍ مفاجئ، وهو مقيم في موسكو منذ سنوات، فحضرت زوجته السابقة (مطلقة) وهي روسية لإتمام مراسم دفنه".
وأضاف: "بعد أنّ بدأت بإجراءات الدفن، طلبت والدته المقيمة في فلسطين أنّ يتم إرسال جثمان نجلها ليتم دفنه في أرض وطنه، ليتم دفته إلى جانب والده وفق وصية المتوفي"، لافتاً إلى أنّ زوجته السابقة قالت إنّها لا تملك تكاليف إرسال جثمانه إلى فلسطين أو حتى دفنه في روسيا.
وتابع د. مطر: "الفلسطيني المتوفي لم يكن صاحب مال، ولم يترك خلفه ما يلزم لإرسال جثمانه بعد الوفاة إلى وطنه، كما أنّ علاقته بالجالية الفلسطينية المقيمة في روسيا لم تكن متينة"، موضحاً أنّ الجالية الفلسطينية فور علمها بالقصة، قررت التكاتف لإرسال جثمانه إلى أرض الوطن.
وأشار إلى أنّ كافة أبناء الجالية الفلسطينية في روسيا بدأوا بجمع الأموال اللازمة لإرسال جثمانه إلى فلسطين، حيث تم الاتصال على زوجته الروسية لإبلاغها بأنّه تم البدء في جمع الأموال من أبناء الجالية وكافة الجاليات العربية لتطبيق وصية زوجها المتوفي.
واستدرك: "تم جمع المال اللازم لإرسال جثمانه بتكاتف من أبناء الجالية الفلسطينية والعربية، وطبيب من غزّة (ن.ع) وآخر من الضفة الغربية (و.ش)، بالإضافة إلى العاملين في السفارة الفلسطينية كلٌ حسب مقدرته"، مُبيّناً أنّ عملية جمع الأموال وإتمام المعاملات اللازمة لنقل جثمانه تمت خلال ثلاثة أيام فقط.
وأوضح د. مطر أنّه بعد ذلك تم التواصل مع زوجته الروسية وإبلاغها بأنّ عملية جمع الأموال وإتمام المعاملات اللازمة لنقله قد انتهت وذلك بتكاتف من أبناء شعبه الفلسطيني والجاليات العربية المقيمة في موسكو، لافتاً إلى أنّ السيدة لم تكن تعرف الأشخاص المتبرعين، حتى أنّ بعضهم لم يرى المتوفي "فراس" في حياته ولو لمرة واحدة.
ولفت إلى أنّه بعد انتهاء كافة الإجراءات وإتمام عملية دفنه إلى جانب والده في فلسطين، عبّرت زوجته الروسية عن استغرابها من التكاتف الفلسطيني والعربي لشخص لم يروه في حياتهم.
وختمَ د. مطر حديثه، بالقول: "بعد استغرابها من التكاتف والتلاحم الذي أبدته الجالية الفلسطينية والجاليات العربية، بعثت السيدة برسالة قالت فيها أتوجه بالشكر لكم جميعاً، وأنا اقتنعت الآن بقوة إيمانكم ودينكم، وأريد أنّ أدخل الدين الإسلامي وفق رغبة زوجي فراس الذي طالما طلب مني ذلك وكنت أرفض ولا أعرف كيف أعبر لكم عن شكري وامتناني".
صورة عن رسالة السيدة الروسية والتي طلبت خلالها الدخول في الدين الإسلامي: