انتهت الانتخابات الإسرائيلية بهزيمة حزب " الليكود" سياسياً الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو أمام منافسه " بيني غانتس" زعيم حزب أزرق أبيض رغم التقارب في عدد الأصوات الانتخابية مع الفارق البسيط في عدد المقاعد للكنيست الإسرائيلي.
في ضوء ذلك بات من الواضح أن بيني غانتس أصبح يمتلك مفاتيح تشكيل الحكومة الجديدة زعامتها، التي سوف ترسم خارطة الطريقة السياسية المقبلة لدولة الاحتلال، رغم أن نتنياهو وبيني غانتس وجهان لعملة واحدة في ملعب السياسة الإسرائيلي، ولكن هنا الاختلاف واضح هذه المرة في الانتخابات التي جرت للمرة الثانية في أقل من 6 شهور، وتقدم القائمة العربية المشتركة في عدد الأصوات والمقاعد الانتخابية في الكنيست، والذي يؤهلها أن تكون صاحبة صوت المعارضة الأول والأبرز داخل أروقة الكنيست.
السيناريوهات القادمة لما بعد الانتخابات الإسرائيلية تحمل العديد من التساؤلات في جعبتها على صعيد الحالة السياسية في إسرائيل، من خلال عدة اعتبارات مهمة على رأسها تقدم القائمة العربية المشتركة في الانتخابات، وتضارب الأراء السياسية الإسرائيلية واختلافها مع كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية، ولا سيما أن الأخبار التي تم تداولها اعلامياً قبل الانتخابات عن خطة "صفقة القرن" والبدء في تنفيذها الفوري بعد الانتهاء من الانتخابات الإسرائيلية والتي كانت بعض استطلاعات الرأي تشير لإمكانية فوز "نتنياهو" بنسبة كبيرة تؤهله من تشكيل الحكومة بشكل فوري للدخول في تنفيذ " صفقة القرن" سياسياً وفق الرؤية المشتركة مع الإدارة الأمريكية ، ولكن اليوم بعد تغير المعادلات الانتخابية والموازين السياسية في الوسط الإسرائيلي ، أصبح الحديث عن " صفقة القرن" وإمكانية تطبيقها فعلياً على أرض الواقع بعيد المنال ولو لفترة من الزمن.
فلسطينياً ... تحديات وخيارات بعد الانتخابات الإسرائيلية.
لا بد من خيارات فلسطينية طارئة وسريعة لمجابهة القرارات الاحتلالية والحد منها والعمل على مواجهتها بكافة السبل المتاحة لكي نتمكن فلسطينياً من إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، فلهذا يجب على رأس الهرم الفلسطيني المتمثل في الرئيس محمود عباس أن يقوم على لملمة الشمل الفلسطيني بكافة مشتقاته وتفاصيله دون استثناء لأحد ، وإعادة الحمة الفلسطينية لشقي الوطن من خلال انهاء الانقسام السياسي المدمر للمشروع الوطني المستقل، وكما يجب على كافة الفصائل الفلسطينية قاطبةً في تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والوطنية وأن تكون بمثابة رافعة للعمل الوطني القائم على أساس وحدة القرار والمصير، وكما يجب تفعيل دور كافة الشخصيات الفلسطينية الاعتبارية ومؤسسات المجتمع المدني وكافة الفعاليات الشعبية من أجل خلق حالة وطنية استنهاضيه غير مسبوقة عنوانها الوحدة في خندق واحد لمواجهة قرارات الاحتلال والإدارة الأمريكية.
لا بد من اتخاذ قرارات فلسطينية سريعة وعاجلة كذلك والتي منها وقف كل أشكال الاتفاقيات مع دولة الاحتلال ونخص ذكراً اللجنة التي شكلت من قبل السلطة الفلسطينية من أجل دراسة السبل الكفيلة في التخلص من الاتفاقيات الموقعة الكيان، والعمل على تفعيلها من قبل جهة الاختصاص وألا تبق رهينة حبر على ورق، والتي على رأسها وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال بشكل عاجل ونهائي.
لا بد من الضرورة الوطنية تفعيل قرارات المجلس المركزي الفلسطيني التي تنص على تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال ووقف كل أشكال الاتفاقيات معه، ولا بد من عقد اجتماع موسع للإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية لكي يتم الاجماع على قرارات واحدة موحدة برؤية فلسطينية جامعة، ولا بد أيضا من الإعلان عن انهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون مقدمة لتجديد الشرعيات الفلسطينية عبر صندوق الانتخابات لكي نتمكن من مخاطبة الدول عربياً وعالمياً بشكل موحد يليق بنا كفلسطينيين وفي عدالة قضيتنا.
ومن أجل أن تكون الخيارات الفلسطينية ذات جدوى ونفعاً وأهمية لا بد من الضرورة الوطنية العمل على إعادة توحيد حركة فتح بكافة شخصياتها وقياداتها واستنهاض الحالة الفتحاوية وكافة هياكلها التنظيمية، لأنه ومن خلال التجربة الوطنية على مدار الثورة الفلسطينية المعاصرة بأن وحدة حركة فتح هي وحدة الكل الفلسطيني، فإن توحدت فتح توحد الوطن بكل فصائله وتفاصيله.
باعتقادنا الواقع السياسي العام في المرحلة المقبلة سوف يشهد مرحلة جديدة من المواجهة مع الاحتلال، فلهذا يجب علينا كفلسطينيين موحدين الاستعداد لمواجهة مفتوحة وشاملة مع العصابات المتطرفة التي سوف تسيطر على التوجه السياسي الإسرائيلي العام لسنوات لن تكون بالقليلة، في ظل عدم قناعة الإدارة الأمريكية الجديدة والساسة الإسرائيليين بأن هناك شعب محتل وصاحب قضية عادلة يتطلع للحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية وفق ما نصت عليه المواثيق والتشريعات والقوانين الدولية في حق العودة وتقرير المصير.