الانتخابات الإسرائيلية أزمة نظام أم أزمة قيادة

حجم الخط

بقلم دكتور ناجى صادق شراب

 لقد كشفت الانتخابات الإسرائيلية التي أجريت للمرة الثانية على مدار خمسة أشهر وإحتمال إجرائها في كل الأحوال خلال فترة زمنية قصيره بتشكيل الحكومة او عدم تشكيلها عمق الأزمة السياسية التي تعانى منها إسرائيل، فمن ناحية لم يعد النظام البرلماني الذى أعتمدته إسرائيل لها منذ نشأتها قادرا على إحتواء الأزمات ومسايرة وإحتواء والتكيف مع المعطيات والتغيرات والتحولات السريعة في بيئة هذا النظام.ومن ناحية أخرى أزمة الشخصانية والفردانية التي باتت مسيطره على الحياة السياسية ، وسهولة أي قياده تشكيل حزب أو قوة سياسية وهذا ما يفسر لنا تعدد القوائم الانتخابية التي تتجاوز الثلاثين في أي انتخابات، ومما يساعد على ذلك أيضا النظام الإنتخابى ونسبة الحسم وهى 3،25فى المائة لضمان التمثيل في الكنيست، و المعرفة المسبقة لبعض القوى عدم قدرتها لكنها تدخل في مرحلة إبتزاز سياسى من الحزب المسيطر. ومن ناحية ثالثة وعلى الرغم من الاتفاق الأيدولوجى والسياسى بين الأحزاب إلا انها وإن كانت كلها تتفق على الموقف من التسوية السياسة ومن القضية الفلسطينية فهم موحدون، لكنهم مختلفون ومنقسمون في القضايا الداخلية ما بين اليمين واليسار الوسط، ومن القضايا الدينية كالعمل والتجنيد وإجازة السبت والتجنيد وهى السبب الرئيس للخلاف بين الأحزاب العلمانية كحزب ليبرمان الذى يرفض منحها هذه الإمتيازات. ومن ناحية أخرى ازمة الهوية التي تعانى منها إسرائيل رغم صدور قانون القومية اليهودى ، فهى فشلت في تحقيق الإندماج بين الجماعات اليهودية المتعدده، وفشلت في تحقيق التكامل بين المجتمع اليهودى والعربى. هذه الأزمات تلقى بظلالها على الانتخابات الإسرائيلية ، وستفرض نفسها على اى انتخابات قادمه مما يعنى سيادة أزمة الدوران السياسى ,ولعل بنهاية حقبة نتانياهو سيدخل النظام السياسى الإسرائيلي في أزمة قياده كبيره، بغياب وإنتهاء مرحلة القياده المؤسسة والتاريخية ، وهذا ما كان يحلم به نتانياهو بسبب تهم الفساد التي تلاحقه وقد تنهى به بالسجن ليفقد رصيد حكم 13 عاما.هذه الأزمات تعبر عن نفسها في نتائج الانتخابات ذاتها، وفى التداعيات لتي تترتب عليها، فمن منظور نتائجها يلاحظ وعلى مدار الانتخابات الأخيرة والتي قبلها عدم قدرة اى حزب على تحقيق اغلبيه تسمح له بتشكيل حكومة مريحه مستقره،ومن ثم غياب ظاهرة ألأحزاب الكبيره التي سادت السياسة الإسرائيلية على مدار أكثر من خمسة عقود، فحزب العمل المؤسس بقيادة بن غوريون إستمرت سيطرته حتى عام1977، عندما نجح الليكود بقيادة بيجين على كسر هذا ألإحتكار ليدخل النظام في مرحلة الثنائية ثم مرحلة سيطرة الليكود والآن مرحلة السيولة وتراجع هذه الظاهرة ليقررمصير الظام حزب يملك ما يقارب الخمسة أو الثمانية منقاعد كحزب ليبرمان. وهذه النتائج لها تداعيات خطيره أبرزها غياب ظاهرة التوازن والإستقرار السياسيى والدخول في حالة من الفوضى السياسية ، وبدلا من أن يكون النظام البرلماني أحد مصادر قوة السياسة ألإسرائيلية يمكن أن يتحول لنقطة ضعف. وهذه النتائج جعلت من الصعب التكهن والتنبؤ بشكل الجكومة القادمة ، وحتى لو تمت فستكون رهينة الأحزاب المشكلة لها. ولقد كشفت هذه الانتخابات إنقسام واضح داخل المجتمع الإسرائيلي فكل جماعة تعطى اصواتها للحزب الذى تنتمى له مما يعنى تشتت الأصوات ، وبتعددها تتعدد القوى السياسة. وتعذر حصول أي حزب واحد على الأغلبية البرلمانية مما يسمح له بتشكيل حكومة سهله مستقره ودائمه، ويلاحظ كما أشرنا تراجع تمثيل الليكود من 35مقعدا في انتخابات إبريل الماضى إلى 31 في الانتخابات الحالية مما قد يدعم فرضية بداية إندثار الأحزاب الكبيره، وبلاظ أيضا ان الصوت العربى كلما توحد والأتفاق حول قائمة واحده يمكن أن يشكل قوة نيابية قوية تمسك بزمام مستقبل اى حكومة وتصبح المعارضه الثالثة. هذه الانتخابات وهذا هو ألأكثر خطورة تعدد السيناريوهات المتوقعة للحكومة والتى تصل بالبعض لتصور أكثر من خمسة سيناريوهات تتراوح ما بين سيناريو تشكيل لحكومة بالتناوب بين الليكود وأزرق أبيض بالتناوب تبدأ بنتانياهو وهو سيناريو مستعبد، او سيناريو حكومة بالتناوب رئيسا غانتس وفرصتها ضعيفه، وسيناريو حكومة يمينية برئاسة نتانيه ومشكلتها صعوبة توفير أغلبية بدون ليبرمان لكن ممكن تصور حلول للخلافات بين ليبرمان والأحزاب الدينية وهى ليست مستبعده بحكم سيطرة إتجاهات اليمين وهى الأكثر إحتمالا، او حكومة برئاسة غانتس بدعم عربى دون مشاركة وهو سيناريو مستبعد رغم توصية القائمة لهذا الخيار، وإما سيناريو حكومة بين الليكود وأزرق أبيض بدون نتانياهو والتناوب وهذا أمر قائم، وأخيرا سيناريو حل البرلمان والذهاب إلى إنتخابات للمرة الثالثه وهو سيناريو صعوباته كثيره بسبب غياب التوافق وألأغلبية المطلوبه ،وأخيرا يبقى تشكيل حكومة يمين هو الأقراب. ويبقى السؤال تأثير هذه الانتخابات على السياسة الفلسطينية ومستقبل السلام.