كشف مبعوث الإدارة الأميركية إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، عن الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى قطع كافة أشكال المساعدات المالية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
واشار غرينبلات في حديثٍ له مع صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى الدوافع التي أدت لإعلانه المفاجئ الرحيل عن منصبه كبمعوث لإدارة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية.
قطع المساعدات الأمريكية عن الأونروا
وقال غرينبلات: "إنّ واشنطن قطعت المساعدات المالية عن الأونروا لأنها نظام فاشل يطيل بقاء الوضع السيئ للفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين ولا يقدم لهم أي مستقبل، ولقد حان الوقت للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المخيمات ويتم استخدامهم كأدوات سياسية لان يعيشوا حياة أفضل".
وأضاف: "نحن نقف إلى جانبهم، وإذا لم نتخذ هذه القرارات، فلن نكون أقرب إلى السلام. ومن خلال هذه القرارات، يمكن أن نحقق السلام، ولا يمكن بناء السلام إلا على الحقيقة".
إعلان الاستقالة
وحول الأسباب التي دفعته لإعلان استقالته من منصبه؛ تحدث غرينبلات: "لم يكن إعلاناً مفاجئاً، فقد كانت أدرس، أنا وعائلتي، هذا القرار لفترة طويلة، وكنت أنوي ترك المنصب منذ عامين، لأنه من الصعب البقاء بعيداً عن عائلتي معظم أيام الأسبوع، لذا لم يكن الرحيل مفاجئاً".
وتابع: "كان من بين مسؤولياتي الأساسية درس الصراع، والتوصل إلى رؤية مع زملائي في العمل، وتثقيف الناس حول الصراع، وتغيير طريقة التعامل مع الصراع الذي كان يمثل أولوية كبيرة بالنسبة لنا".
وأردف: "تضمن دوري أيضاً التقريب بين إسرائيل والعالم العربي، وهو أمر كان يصعب تخيل حدوثه قبل عام ونصف العام، والفضل يرجع بالتأكيد إلى إدارة ترمب وكل القادة العرب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.. لقد درسنا الصراع، وأكملنا رؤيتنا للسلام، وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب للقيام بالانتقال".
وفي رده على سؤال إن كان رحيله من المنصب مُرتبط بفشل "صفقة القرن"؛ أجاب غرينبلات: "سمعت بعض هذه الأقوال، ولكن قرار الرحيل مرتبط بأسرتي، فأنا أب، ولديّ مسؤوليات، وفخور بما أنجزته وأتركه في أيدٍ أمينة مع جاريد كوشنر وديفيد فريدمان وبراين هوك وآفي بيركوفيتش وآخرين، وهو لا يزال جهداً جماعياً، وأتطلع إلى دعمهم وأنا خارج الحكومة".
وأضاف: "سنصدر الخطة حينما يحين الوقت، وعندما نعتقد أن هناك فرصة أفضل للنجاح، ونعتقد أن كلا الطرفين، والعالم بأسره، يريد حلاً واقعياً لهذا الصراع".
وأردف: "نأمل أن تتمكن رؤيتنا من المضي قدماً في قضية السلام، والجمع بين الأطراف لبدء مناقشة واقعية مثمرة، حتى لو لم يتم تبنيها على الفور، لكن من المهم أن نتذكر أنه لا يمكن لأحد فرض هذه الرؤية على أي شخص".
وأشار غرينبلات إلى أنه حين يتم إصدار الخطة، فإن الأمر متروك للجانبين لتحديد كيفية المضي قدماً، معربًا عن أمله أن "يقرأها الطرفان بعناية، ولا يتخذا قرارات متسرعة". وفق قوله.
الانحياز الأمريكي إلى "إسرائيل"
زعم المبعوث الأمريكي "المستقيل" أن جميع القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية مؤخرًا (الاعتراف بالقدس، ونقل السفارة، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وإغلاق مكتب منظمة التحرير) كانت القرارات الصحيحة للولايات المتحدة.
وحول قرار اعتبار القدس عاصمة لـ"إسرائيل"، قال غريبنلات: إنه "جاء اعتماداً على قرار نقل السفارة، وهو قانون في الولايات المتحدة منذ عام 1995. وكذلك نقل السفارة الأميركية إلى القدس".
وأما بخصوص قرار الجولان، أكد أنه كان قراراً أساسياً لأمن "إسرائيل"، وليس له علاقة بالقضية الفلسطينية، مضيفًا: "تخيل ما كان يمكن أن يحدث لإسرائيل إذا كانت سوريا تسيطر على الجولان!".
وبشأن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، أشار غرينبلات إلى أنه جاء بناء على قانون صدر حينما هدد الرئيس محمود عباس بإحضار إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية.
مؤتمر المانحين
وبشأن مقاطعة الولايات المتحدة المشاركة في المؤتمر نصف السنوي للدول المانحة، قال غرينبلات: "ربما كانت الدول التي اجتمعت في هذا المؤتمر نصف السنوي للمانحين للفلسطينيين حسنة النوايا، لكن جهودهم أثبتت أنها غير فعالة".
وأضاف: "الفلسطينيون هم بين أكبر المستفيدين من المساعدات المقدمة للفرد في العالم اليوم، ومع ذلك، ورغم عقود من العمل ومليارات الدولارات واليورو والشيقل والدينار التي تم التبرع بها، فإن الحياة لا تزال تزداد سوءاً للفلسطينيين، ولا يمكن للعالم أن يستمر في إلقاء الأموال والموارد بالطريقة نفسها، ونحصل على النتائج نفسها التي نحصل عليها منذ عقود، وهي مجرد معاناة مستمرة للفلسطينيين".
وأكّد غرينبلات أنه يجب على الدول المانحة أن تسأل نفسها:" لماذا تستمر في توفير الأموال، بينما ترى بوضوح أن حماس والسلطة الفلسطينية تبددان الفرص لمستقبل أفضل للفلسطينيين لا توفره أموال الدول المانحة؟"، وفق قوله.
وبيّن أن الولايات المتحدة لن تستمر في الاستثمار في حلول مؤقتة تؤدي فقط إلى إطالة دورة المعاناة والعنف.
وحول إن كان هناك شروط مُسبقة لأي محادثات مستقبلية، قال غرينبلات: "لا، إذا بدأنا السير على طريق الشروط المسبقة، فإنه سيكون لدى الطرفين شروط مسبقة، ولن نصل إلى أي مكان حتى، وإن كنا نتفق مع شروط هذا الطرف أو ذلك. إننا نريد التعامل بطريقة مختلفة عن طريق القول: ضعوا الشروط جانباً، وها هي الخطة، ويمكنكم في سياق المفاوضات تناول هذه الشروط المسبقة، فإذا لم يكن بالإمكان معالجتها، فمن المحتمل ألا يحققوا اتفاقية سلام في أي حال".
واستدرك: "مع ذلك، لا أتخيل توقيع اتفاقية سلام بينما تدفع السلطات الفلسطينية الأموال في برنامج يكافئ الإرهابيين الذي يهاجمون أو يقتلون الإسرائيليين، فلا يمكن تشجيع الناس على القتل، ثم نتوقع التوصل إلى اتفاق سلام ناجح، ولا أستطيع أن أتخيل أن الحكومة الإسرائيلية توقع على اتفاق"، متجاهلاً بشكل فاضح الجرائم اليومية التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
كما أكّد على أنّ الولايات المتحدة قطعت كل التمويل للسلطة الفلسطينية، رداً على استمرار الأخيرة في دفع رواتب لذوي الشهداء والأسرى.
وتابع غرينبلات: "نواصل رفع الوعي بهذه القضية إلى الدول المانحة الأخرى، ولا أستطيع أن أفهم لماذا تستمر الدول المانحة في التبرع بأموال تستخدم للتمويل ضد الإسرائيليين".
إيران
واعتبر غرينلات أن القضية الفلسطينية ليست الصراع الأساسي في المنطقة، مُشيرًا إلى أن النظام الإيراني هو الخطر الأكبر.
واختتم غرينبلات حديثه، بالقول: "أي شخص يفهم هذا الصراع، يعرف أن هناك قدراً هائلاً من العمل الذي يتعين القيام به، وقرارات صعبة يجب اتخاذه، ومن المهم أن نتذكر أن هذا ليس الصراع الأساسي في المنطقة، وإنما من المهم للمنطقة أن يتم حله، لكنه لن يحل كل التهديدات الأخرى في المنطقة، وعلى الأخص إيران، فالنظام الإيراني هو أكبر دولة راعية للإرهاب".