الجامعة العربية تتهرب من عودتها إلى سورية !

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

في بيانه الصادر، يوم أمس، دان اجتماع مجلس وزراء الخارجية العربي الطارئ، العدوان التركي على الأراضي السورية، محمّلاً أنقرة مسؤولية تفشّي الإرهاب، داعياً المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته لوقف هذه العدوان الذي اعتبره مجلس الجامعة تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين.
ليس مثل هذا البيان، ما راهن البعض، وأنا منهم، ما كان منتظراً من مجلس الجامعة العربية في ظل جملة من التحولات والانزياحات في المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، رهاننا كان خاسراً منذ البداية، إذ لا تملك الجامعة ومجلسها القدرة على اتخاذ المواقف المناسبة في هذا الظرف الصعب، إلاّ أن الرهان كان قائماً مع كل الشكوك، لعلّ وعسى، مع إدراك العرب، حسب البيان، أن الغزو التركي للأراضي السورية ـ حسب البيان، أيضاً، يمثل تهديداً للأمن القومي العربي، إذا كان الأمر كذلك مع هذا الاعتراف، فكيف تقترف الجامعة ومجلسها الخطيئة تلو الأخرى، عندما تبحث شأناً سورياً عربياً، في غياب سورية، بل في غياب العرب أنفسهم عن الدور الفاعل. كان الرهان على أن العرب ما عادوا أكثر تمسكاً بالشعارات والصياغات الإنشائية، بقدر ما يستوجب الأمر حراكاً فاعلاً، فمجلس الجامعة، يطالب المجتمع الدولي بتحمّل مسؤوليته، وهذا صحيح تماماً، ولكن أين دور العرب وجامعتهم في تحمّل مثل هذه المسؤولية المناطة بهم، قبل المجتمع الدولي الذي يجد في ضعف العرب وجامعتهم، سبيلاً للتملص من التزاماته ومسؤولياته.
في البند الثالث من بيان مجلس الجامعة العربية: النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة العدوان التركي! دون تحديد أي سقف زمني أو مستوى العدوان المتدرّج من قبل تركيا التي أعلنت من خلال الرئيس أردوغان، أن العملية المسماة «نبع السلام» مستمرة بصرف النظر عن ردود الفعل حتى يتم احتلال قرابة خمسمائة كيلومتر بعمق 32 كيلو متراً توغلاً في الأراضي السورية، تصميم تركي يقابله مجرد نظر في خطوات وإجراءات من جانب الجامعة العربية.
الحضور العربي في مجلس الجامعة العربية بالأمس، كان لافتاً، معظم وزراء الخارجية العرب شاركوا في هذا الاجتماع، باستثناء قطر والسودان وفلسطين(!) حيث تم تمثيل هذه الدول من خلال مندوبيها الدائمين في الجامعة، في حين مثّل الجزائر أمين عام الشؤون الخارجية، لهذه الدول الأخيرة، مسبباتها لعدم المشاركة من قبل وزير خارجيتها، فهل هناك مبرر لفلسطين كي يغيب تمثيلها من قبل وزير خارجيتها الذي يشارك في اجتماعات ومؤتمرات أقل أهمية من مؤتمر مجلس جامعة الدول العربية؟! وحيث أن القضية الفلسطينية هي مركز الصراع في هذه المنطقة، فهل الغياب الفلسطيني يؤكد هذه الحقيقة أم يزيد من الشكوك حيالها؟!
إن تغييب سورية عن دورها الفاعل في المنظومة العربية، ودون عودة الجامعة العربية إليها، يزيد من علامات الاستفهام حول الدور العربي الرسمي في تغييب مصالحة عربية شاملة، مع غياب سورية عن الجامعة العربية. يستمر العجز العربي عن مواجهة التحديات بالحدود الدنيا المطلوبة في ظل انهيارات وانكسارات عربية متتالية، من المحيط إلى الخليج وبالعكس، مع بعض الاستثناءات المحدودة!