إما أحزاب وفصائل وسلاحها تحتكم لقانونها الخاص أو سلطة مدنية وديمقراطية وإنتخابات

حجم الخط

بقلم د. طلال الشريف

 

 لكي لا يعاد شرح ما جرى ويضيع الوقت وتضيع البوصلة، المعضلة الكبرى، فنحن لسنا دولة ولسنا سلطة ولسنا ثورة، نحن في حالة "خليط" غريب، مريب، عجيب.

هذا خليط مريب مفكك شكلا ومضمونا من الوحدة، فهو لا يحمل ملامح لأي نموذج سابق لجماعة من الناس مارست حالة من فوضي الحكم والسلطة والثورة والمقاومة والبيع والشراء والموت والفساد والذاتية والقهر والحزبية والفئوية والجهوية والتبعية ولا يحكمهم قانون وضعي ولاقانون سماوي.

نريد إنتخابات لماذا ؟ وننتخب أحزابا لتقوم بمادا؟ وننتخب رئيس لمن؟

بعد تجربة مريرة من الفوضى والضياع لم نعد متماسكين، وتقطعت بنا السبل ولم نعد جماعة واحدة، ولم نعد نظاما سياسيا واحدا، ولم يعد يحكمنا قانون واحد، ولم يعد لدينا توافق على شيء، ولم نعد كيانا واحدا، حتى المحتل وبأي وسيلة نتصدى له لم تعد توحدنا.

الإنتخابات بحاجة لنظام وقانون وأمن وأمان، وكل مكونات الجماعة التي تريد ممارسة حقها في الترشح والانتخاب مغيبة عن الواقع الذي تعيشه ولا ترى حقيقة هذا الانفلاش والدمار الذي تقدمت فيه الأنانية والتبعية والمال السياسي على كل شيء وأصبحت خطواتنا وإراداتنا المتفرقة ليست ملكنا وإستسلم الجميع لإرادات الآخرين غير الفلسطينيين وأوضح مثالا على ذلك هذا الإنقسام المتواصل دون حل يتحكم فيه الآخرون.

الثورة أو المقاومة لها قوانينها التي تصطدم بالتأكيد بالسلطة والحكم المدني، ونحن مازلنا مسلحين وتحت الإحتلال، والإنتخابات حالة مدنية تتطلب السيادة والسيطرة والقانون والنظام والحرية، وبالمؤكد هذا الخلط هو ما كان منذ البدء ولايزال، وصاحب الإنتخابات السابقة، فكانت عملية تشبيصية عاطفية تتوهم في إمكانية سير العملية الديمقراطية وبنادق الفصائل تحكم الحالة الفلسطينية، وتحت نفوذ ومؤامرات الإحتلال، فكان التزوير وكان الرفض وكان الإنقسام ووصلنا للحضيض، وهذا ما أنتج ما بعده من معضلات ومعاناة نحن فيها اليوم من تراجع الديمقراطية الوليدة بسبب بنادق الثائرين والمقاومين، ولم تقم الدولة، ولم بنته الإحتلال، وتضاعف الاستيطان وصودرت القدس وتراجعت القضية الوطنية على مذبح الصراع على الحكم والكراسي، وعدم القدرة على التصدي للمؤامرات، و فشل الجميع في حالة " الخليط" هذه بين المقاومة للإحتلال وممارسة السلطة والحكم، فلم نفلح في المقاومة ولم نفلح في حكم أنفسنا، وأصبحنا في احتدام وصراع على السلطة، تدرج هذا الإحتدام من الحزبية إلى الفردية، ومصالح جماعات المال، ومن لديهم عناصر مسلحة، حولوها لعصابات فئوية مرة بإسم الدين ومرة بإسم الوطن، وإرادات مصادرة للآخرين، وتشظي وطني لم يسبق له مثيل.

ولإننا لم ننجز مشروع الدولة، ولم نعد كشعب وفصائل نتبنى الثورة أو المقاومة كأداة جامعة، وبقيت أحزاب وفصائل مسلحة لا تتواءم مع دمقرطة المجتمع، وتعيق عملية تبادل السلطة عبر الإنتخابات المعطلة دورات ودورات يغلب عليها مزاجية من بيده القرار ومزاجية المناويئين، متى يوافقون، ومتى يرفضون، في رحلة هروب متبادلة من حق الشعب في ممارسة الانتخابات، وتعطيل النظام، والقانون، والأمن، والأمان، التي تتطلبه العملية الإنتخابية.

الحل:
لا يجوز لسلطة منقسمة لا تحكم مناطقها ومدنها ولا ينفذ فيها قانونها ويحظر أحيانا دخولها لباقي الوطن، أن تقيم إنتخابات عامة ورئاسية، وفي نفس الوقت لا يجوز لفصيل مسلح أن يحكم عملية إنتخابية في مناطق يديرها عنوة ويعطل العملية الديمقراطية ويؤكد طوال الوقت أنه المسيطر على كل شيء فيها لأن النتائج بالقطع لن تكون مضمونة من التزوير أولا ومن التسليم ثانيا وعليه إما أن تحل تلك الأحزاب وتندمج في العملية الانتخابية المدنية دون إستقواء بسلاحها، أو أن تحل السلطة نفسها ليعود لشعبنا قراره كيف يدير شؤونه ومقاومته للإحتلال.

التجربة السابقة نجحت في الانتخابات كعملية إجرائية لكنها فشلت في التسليم بالنتائج وما يترتب عليها واستخدم فيها سلاح المقاومة للأسف، وأدت لكارثة وطنية بل نكبة وطنية إسمها الإنقسام، ولن يعيد إجراء الانتخابات حالة الوحدة حتى لو أجريت الإنتخات وأيا كانت النتائج.

الخلاصة:
إما أحزاب وفصائل وسلاحها ولها قانونها الخاص تحتكم له، وإما سلطة مدنية وديمقراطية وإنتخابات زي باقي الخلق.